علماء يتوصلون إلى إنتاج حليب مصنع معملياً من نبات البطاطس

قالت صحيفة “غارديان” البريطانية، إن علماء سويديين استطاعوا خلق بدائل تساعد المعتمدين على النظام النباتي، حيث أطلقوا حليب البطاطس الذي نال إشادة وانتقاداً بالقدر نفسه؛ بسبب مؤهلات استدامته ونال الانتقادات لاستخلاصه من الكربوهيدرات.

فمن وادي السيليكون إلى سنغافورة، ينضم عدد متزايد من الشركات الناشئة بسرعة إلى السباق لتصنيع أول حليب بقري مقلد، استناداً إلى إعادة إنتاج البروتينات بشكل مصطنع في الخثارة (الكازين) ومصل اللبن، وهو مناسب للاستهلاك الكبير في السوق.

يقول العلماء إنه سيعيد خلق الملمس والمذاق الأصيل لمنتجات الألبان في الفم، ومقاومة درجات الحرارة، وسيشكل النسيج المثالي للجبن النباتي، القادر على الذوبان بالضبط مثل الجبن الحقيقي.

يعد هذا البحث عملاً تجارياً كبيراً، فيما يعدُّ سوق بدائل الألبان من بين الأسرع نمواً بين جميع الأطعمة المعلبة، وتبلغ قيمته 3.48 مليار دولار بأوروبا الغربية في 2020-2021، وفقاً لأرقام جديدة من المركز البحثي Euromonitor. وفي المملكة المتحدة، نما السوق بنسبة 69% خلال السنوات الخمس الماضية، بجانب زيادة الألبان التي لا تحتوي على فول الصويا بنسبة 129%.

كذلك ووفقاً لماريت كارديناس، الباحثة بجامعة مالمو التي تعمل على بروتين الكازين، فإن الحاجز هو أن تقليد البروتينات الموجودة بحليب البقر لإنتاج منتجات الألبان المصنوعة في المختبر يعد “تحدياً تقنياً حيوياً”.

يحدث هذا عادةً عن طريق إعطاء الكائنات الحية الدقيقة رمزاً جينياً يمكّنها من إنتاج بروتينات حليب حقيقية من خلال عملية تخمير دقيقة، ولكن من الصعب إجراء ذلك على النطاق الواسع المطلوب للتصنيع.

في حين تعتقد ماريت أن إعادة إنتاج المنتجات الحيوانية سيمكّن التقاليد الغذائية التي تفتخر بها العديد من البلدان، مثل صناعة الجبن، من احتواء التحول المجتمعي إلى نظام غذائي نباتي أكثر.

لكن الشركة الوحيدة التي قدمت منتجات قائمة على تخمير البروتين إلى السوق حتى الآن هي شركة Perfect Day، وهي شركة ناشئةٌ مقرها في وادي السيليكون. وقد طورت أول بروتين مصل اللبن من حليب البقر، وتبيع الآن منتجاتها عبر 5 آلاف متجر في الولايات المتحدة.

تكمن المشكلة في أن السعر لا يزال مرتفعاً للغاية بالنسبة للعديد من المستهلكين، إذ يبلغ نحو 11.12 دولار لعلبة 550 مل من آيس كريم Perfect Day.

هذا هو مجال تركيز شركة ناشئة أخرى تسمى New Culture، وتعمل حالياً على تطوير جبن الموزاريلا الذي يذوب تماماً في البيتزا باستخدام الحليب المخمر القائم على البروتين. وقالت الرئيسة التنفيذية إنجا رادمان، إن الشركة حققت تقدماً هائلاً على مدار العامين الماضيين من الناحية التكنولوجية، لكن رفع مستوى التصنيع إلى مستويات التصنيع التجاري لا يزال يمثل تحدياً، بسبب بطء عملية إجراء التجارب.

الرئيسة التنفيذية إنجا رادمان، قالت كذلك: “برغم وجود التخمير الدقيق لأكثر من 30 عاماً حتى الآن، فقد استُخدم عادةً لصنع بروتينات لا تُستخدم بكميات كبيرة في تطبيقاتها النهائية، مثل إنزيمات التنظيف والأنسولين. فقط في السنوات الخمس إلى العشر الماضية، جرى العمل على توسيع نطاق هذه التكنولوجيا لتشمل إنتاج البروتين الغذائي”.

لكنها توقعت أنه في المستقبل، مع تطور التكنولوجيا وتحويل الحكومات الإعانات بعيداً عن الزراعة الصناعية، فإن الشركات مثل شركتها ستكون خياراً أرخص.

من المرجح أن يتسارع الأمر مع دخول الشركات الاستهلاكية الكبرى مثل Nestlé و Danone، والتي تشتري شركات الألبان المصنّعة معملياً الناشئة، فضلاً عن البنوك الاستثمارية التي “تضخ الأموال” في الصناعة، وذلك حسبما قالت ماريا ماسكارا من Euromonitor.

حيث قالت ماريا إنه من المرجح أن يظل التركيز في العامين المقبلين، على المكونات الأحدث مثل البطاطس، وهي رخيصة ومستدامة، والبازلاء الغنية بالبروتين وطرق مختلفة لمزجها لجعلها ألذ مذاقاً، لكنها توقعت أنه في السنوات العشر القادمة، عندما تصبح منتجات الألبان المنتجة معملياً ميسورة التكلفة، ستصبح الخيار الأكثر شيوعاً.

رغم ذلك، حذَّر توماس ساندرز، الأستاذ الفخري للتغذية في كينغز كوليدج لندن، من أن “أي بدائل ألبان مستقبلية يجب أن تتجنب تكرار الأطعمة السريعة المعالجة” المتوافرة حالياً في السوق، والسعي لإعادة القيمة الغذائية لحليب البقر عن طريق إضافة فيتامين “ب12” (الريبوفلافين) والكالسيوم.

حيث قال: “لا يهم حقاً ما يضعه الكبار في قهوتهم، لكن لديَّ مخاوف بشأن إعطاء بعض الحليب النباتي للأطفال الصغار”.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها