جولة في بساتين التفاح و بين قطع الأثاث التاريخية و الغريبة في ألمانيا

يتولى كورت كويل، الذي يعمل مرشداً في أحد المتاحف بشمال ألمانيا، مهمة توضيح مدلولات التحف الفنية التي يضمها معرض غريب للأثاث، داخل متحف ثقافي يقع بمدينة يورك في شمال ألمانيا، بولاية ساكسونيا السفلى.

وفي حديثه عن أحد قطع الاثاث المميزة الموجودة هناك، يوضح كويل أنه عندما يكون ارتفاع المقعد منخفضاً، يكون مثالياً لمساعدة الأم في إرضاع صغيرها.

ويقول كويل، إن ما يشبه كرسي الأطفال هو ببساطة اختراع عملي، فهو مقعد مخصص للرضاعة يحمل اسم “تيتنجيفشتول”، مضيفاً أن المقعد “لا يجعل الأم بحاجة إلى استخدام وسادة إضافية، حيث أنه يجعل الركبتين قريبتين من الثدي بصورة تلقائية”.

ثم يصحبنا كويل إلى كنز خشبي آخر يقوم المتحف الصغير بتخزينه تحت سقفه المصنوع من القش، وهو عبارة عن قطعة أثاث أخرى فريدة من نوعها تستخدم في شمال ألمانيا وتحمل اسم “شاب”، وتعود إلى عام 1720 تقريبا.

ويقول المرشد السياحي إنه من الممكن العثور على مثل هذا النوع من الخزائن الخاصة بالقاعات المبنية على طراز الباروك، في المزارع الكبيرة الموجودة بالمنطقة.

وبينما كانت تلك التحفة الفنية توضع عند المداخل لإظهار حجم ثراء مالكها، يوجد الكثير منها الآن في الأقبية أو في غرف التخزين الموجودة على أسطح الابنية.

ومن ناحية أخرى، تؤكد أنغريت بيكمان، من بساتين “ألتليندر” في منطقة “هولرن-تويلينفليت”، القريبة من يورك: “لدينا قطعة /شاب/ في القبو أيضاً، إنها كبيرة جداً، ولكن من يدري، فربما يستخدمها الجيل التالي مجدداً في يوم من الأيام”.

وينقلنا ذلك إلى شىء آخر يتميز به شمال ألمانيا، إلى جانب قطع الأثاث القديمة الغريبة، وهو التفاح، إذ تعتبر المنطقة هي الأكبر من حيث زراعة الفاكهة في شمال أوروبا، ويعرف السكان المحليون هنا أنواع التفاح الخاصة بهم، شأنهم شأن معرفة سكان دول جنوب أوروبا بأنواع النبيذ.

إلا أن الأثاث، وليس البساتين المترامية الأطراف، هو الذي كان يعد رمزاً لمكانة المزارعين في هذه المنطقة خلال القرون السابقة، كما هو الحال هنا في بساتين “ألتليندر”، وهي مزرعة تحولت إلى فندق تملكه نفس العائلة منذ عام 1756.

وكان قد تم تصنيع مقاعد مناسبات الزفاف التقليدية لآخر مرة، يدوياً، لصالح مالك الفندق في عام 2004، حيث كانت جميعها مزينة بقلوب منحوتة ونقش لزهور التوليب والبط، وتم وضع 14 مقعداً على الطاولة الطويلة الموجودة في غرفة الطعام بالمزرعة، وتبلغ تكلفة المقعد الواحد نحو 700 يورو (830 دولارا).

وتحمل الصناديق والمقاعد أسماء أصحابها الأصليين بوضوح، فيما يعد شهادة على الوضع الاجتماعي وثراء أصحاب المزارع.

ويقول كويل، وهو ينظر إلى التحف الفنية ذات الأربع أرجل المعروضة في المتحف: “لقد كان من التقليدي أن يحصل الناس هنا على مقعد إما عند الولادة أو عند الحصول على التثبيت (طقس ديني) أو عند الزواج”.

وتقول أنغريت بيكمان: “لم يكن أحداً يحصل على مقاعد في المناسبات الثلاث كلها، لأنها كانت غالية الثمن، كما أنها لم تكن متوفرة إلا في المزارع التي تتسم بالثراء على أي حال، وكان أولئك الذين يستطيعون شراء مثل هذه المقاعد، يجلسون عليها لبقية حياتهم”.

وفي الوقت نفسه، كانت ما تسمى بـ “أبواب العرائس” عنصراً بنفس القدر من الأهمية في الساحات القديمة، فقد كانت الأبواب الملونة والمنحوتة بنقوش غنية، يتم فتحها فقط عندما تنتقل سيدة المنزل الجديدة إلى بيتها الجديد، ثم يعاد فتحها من جديد عندما يتم نقل جثمانها إلى خارج المنزل.

وهناك المزيد من قطع الأثاث الشعبي، فخلف تلك الأبواب مباشرةً غالباً ما يكون هناك صندوق صلب محكم الغلق يضم جميع الأغراض الثمينة والأوراق الخاصة بالمزرعة، وهناك مقبضان قابلان للطي متصلان بالصندوق يتم استخداهما إذا كانت هناك حاجة إلى نقله للخارج عند حدوث فيضان أو حريق مثلا.

وبعد القيام بجولة في بساتين التفاح وبين قطع الأثاث التاريخية، حان الوقت لاستراحة على الشاطئ في “باسينفليت” على نهر “إلبه”، الذي يقع جنوب بحر الشمال مباشرة.

والسؤال الآن هو: من كان يعرف أن ألمانيا لديها مثل هذه الشواطئ الرملية البيضاء البكر؟.

كما أن هناك منظر فريد للجانب الآخر من نهر “إلبه”، حيث الأشجار والمروج والأمواج الناجمة عن السفن الضخمة المارة خلف الحاجز الصخري. (DPA)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها