مرشح لخلافة المستشارة الألمانية يخطط لسياسة جديدة تجاه روسيا و شرق أوروبا .. و يحدد موقفه تجاه وضع اللاجئين السوريين

يحتل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي يتزعمه أولاف شولتس المرتبة الثالثة في استطلاعات الرأي، خلف ائتلاف الحزبين المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي، وحزب الخضر، لكن شولتس يبدو مصراً على المنافسة، إذ يقول: “أريد أن أصبح مستشاراً.. هذا هو الهدف الأساسي”، وذلك في مقابلة مع رئيسة تحرير شبكة “DW” الإعلامية، مانويلا كاسبر كلاريدغ، ومقدم البرامج جعفر عبد الكريم، كما أكد شولتس، الذي يشغل منصب نائب المستشارة الحالية ووزير المالية، على أحقيته في هذا المنصب ضمن الحكومة الألمانية المقبلة، لكن من أجل تحقيق ذلك، يجب أن تستمر نتائج حزبه الاشتراكي الديمقراطي في استطلاعات الرأي، وصولاً إلى موعد إقامة الانتخابات الألمانية يوم 26 أيلول، في الصعود، وفقط عندما يتمكن الاشتراكيون الديمقراطيون من تجاوز الخضر، سيكون شولتس قادراً على تشكيل الحكومة: “المهم هو أن يكون للمرء قواعد واضحة. من بين القواعد التي أحرص عليها كثيراً، مثلاً، هي اعترافي بمسؤولية ألمانيا في إطار الشراكة العابرة للأطلسي لحلف شمال الأطلسي (ناتو)”.

والاعتراف بهذه المسؤولية تجاه الناتو لم يذكرها شولتس دون سبب، فهو بذلك يقلّص بشكل كبير من خيارات تشكيل الحكومة القادمة، فبحسب الإحصاءات المبنية على نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة، فإن بالإمكان تشكيل حكومة ائتلافية تجمع أحزاب الاشتراكي الديمقراطي والخضر واليسار، لكن حزب اليسار ينظر إلى حلف الناتو كمفارقة تاريخية ويسعى إلى تفكيكه.

المهم في خيارات تشكيل الائتلافات الحاكمة بالنسبة لشولتش هو أن حزبه “لن يشكل ائتلافاً حاكماً مع حزب البديل من أجل ألمانيا على الإطلاق”، مضيفاً: “الأمر الثاني المهم في اعتقادي هو أننا قادرون على دفع ائتلاف الحزبي المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي إلى صفوف المعارضة”.

تنتظر الحكومة الألمانية المقبلة تحديات كثيرة، من أبرزها جائحة كورونا المستمرة، ومن المتوقع أن تنفق ألمانيا حوالي 400 مليار يورو حتى نهاية عام 2022 من أجل التعامل مع الآثار الاقتصادية المترتبة على هذه الجائحة في ألمانيا، وبنجاح، بحسب شولتس، الذي يقول: “نحن نرى أننا نمر الآن بمرحلة انتعاش”، لكن الأمر لا يبدو بهذه الإيجابية في كثير من دول العالم، فقد أدت الجائحة إلى مزيد من عدم المساواة في المجتمع، وفي هذا الصدد، يشدد شولتس على أن ألمانيا تتحمل مسؤولية تجاه العالم وأنها تتولى تلك المسؤولية، مشيراً إلى زيادة الإمكانيات المتاحة لإنتاج اللقاحات المضادة لكورونا “بحيث تكون هنالك كميات كافية من اللقاح متاحة”، إضافةً إلى ذلك، فإن ألمانيا خصصت مليارات من اليورو لدعم المؤسسات الدولية التي تعمل على توفير اللقاح للدول الأفقر حول العالم. ويتابع أولاف شولتس، بالقول: “لا تنقصنا الرغبة في توفير المال”، لكن مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي يشدد على ضورة “توفير المال فوراً” من أجل دعم حملات التلقيح: “يجب أن يتم تنظيم ذلك من قبل من تقع عليهم المسؤولية في المجال الدولي، والدول التي يُعتمد عليها من أجل توفير اللقاحات للمواطنات والمواطنين في الجزء الجنوبي من العالم”، لكن هذا الأمر ليس مفروغاً منه، بحسب شولتس: “أشعر بقلق كبير حالياً لأن هذا الأمر ليس منظماً بشكل جيد، وبالتالي قد لا ينجح”.

وتحدٍ آخر للحكومة المقبلة هو التعامل مع اللاجئين، ولدى أولاف شولتس، في هذا الصدد رأي واضح: “هنالك قوانين واضحة حول من يحق له طلب الحماية في بلادنا، وهم من تتوفر عندهم أسباب كافية للجوء”، ويضيف شولتس أن ليس كل لاجئ يمكنه البقاء في ألمانيا، لا سيما مرتكبي الجرائم: “من ارتكبوا جرائم كبيرة لا يمكنه أن يعتمد على أنه سيبقى هنا”.

وحالياً لا يرى شولتس أي أسباب لترحيل أكثر من 800 ألف لاجئ سوري الموجودين في ألمانيا، وبالنسبة لهذه المجموعة من اللاجئين، فإن “أهم واجب” هو توفير الأسباب اللازمة كي يشاركوا في الحياة في ألمانيا: يجب أن يحصل كل منهم على تأهيل جيد وعلى وظيفة، ويجب أن ينتهز كل الإمكانيات المتاحة للاندماج في المجتمع.

وألمانيا، بالنسبة لشولتس، لا تتحمل مسؤولية تجاه اللاجئين على أراضيها فقط، إذ يقول: “من وجهة نظري، فإننا نتحمل مسؤولية أيضاً تجاه اللاجئين الذين وجدوا الحماية في دول أخرى، وفي كثير من الأحيان في دول ذات أنظمة حكم ليست بالشكل المناسب من وجهة نظرنا في ألمانيا، ولكنها مبدئياً توفر لهم الأمن والأمان”.

ويعتقد شولتس أن الدول المضيفة في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية يجب أن تتوفر لديها إمكانيات دمج اللاجئين في المجتمع، وأن على ألمانيا “أن تشعر بمسؤولية مشتركة” تجاه توفير هذه الإمكانيات: “لا يمكننا التركيز دوماً على مقولة إن المشاكل تصبح شديدة عندما يطرق اللاجئون أبوابنا”.

والملف الروسي كان أحد مواضيع المقابلة مع شبكة “DW”، فكيف سيتعامل أولاف شولتس المستشار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟.

يرد شولتس بأن هنالك دوماً محادثات عُقدت في روسيا، لكن من “الصحيح” بالنسبة للأمن المشترك أن “تتحرك ألمانيا بالتزامن مع دول أخرى”، مضيفاً أن على أوروبا وروسيا العودة إلى المعايير التي وضعها مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا في اتفاقية هلسنكي: “ومن ضمن تلك المعايير تصريح واضح واعتراف جماعي بأن الحدود في أوروبا لا يجب على الإطلاق أن تتغير بالقوة”.

ويتابع شولتس بالقول: “نحن بحاجة إلى سياسة جديدة مع الشرق”، وأن على روسيا أن تتقبل “سيادة القانون، وليس قانون القوة”.

زابينه كينكارتز – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها