” النظام ينشر الكراهية و يضطهد السكان بغض النظر عن دينهم وعرقهم ” .. مخرج سينمائي كردي سوري يجد ” الأمان و النجاح ” في سويسرا

هل يتمكن عمل سينمائي من مساعدة اللاجئين والبلدان المُستضيفة لهم على تعلم العيش معًا في جو أكثر تسامحًا؟ عن هذا السؤال، يُجيب مانو خليل، وهو مخرج سوري كردي سويسري عانى من الاضطهاد لسنوات عديدة، بنعم.

منذ أن تحولت الانتفاضة في سوريا إلى حرب مفتوحة في عام 2012، فرّ الملايين من المواطنين البلاد، ووصل مئات الآلاف منهم إلى أوروبا وكذلك إلى سويسرا.

قُبض على مانو خليل ذات مرة لدى وصوله إلى سوريا لمجرد أن صحفيًا في تشيكوسلوفاكيا السابقة وصفه في مقال بأنه كردي. في ذلك الوقت، كان خليل يدرس السينما في البلد الكائن شرق أوروبا واستطاع شراء حريته آنذاك، لكنه سرعان ما اضطر إلى مغادرة البلاد بسبب فيلم أخرجه سرًا ينتقد فيه النظام السوري في ذلك الوقت.

يشعر خليل بالاضطهاد منذ أن بدأ يتذكر. عندما كان طفلاً، مُنع من القيام بأشياء كثيرة وكان خائفًا من أشياء أخرى كثيرة. يقول إنه لم يُسمح له بالحديث بلغته الأم، الكردية، حتى مع أشقائه في المدرسة.

في فيلمه الجديد يحافظ خليل على لهجته النقدية والإنسانية والسوداوية إلى حد ما “جيران”، الذي عُرض لأول مرة في أيام سولوتورن السينمائية في يناير 2021 ويُعرض الآن في مهرجان لوكارنو السينمائي ضمن قسم “بانوراما سويسريةرابط خارجي” المخصّص للإنتاج السينمائي السويسري.

يقول خليل لـ SWI swissinfo.ch إن قصته عندما كان طفلاً هي أيضًا قصة جميع السوريين والسوريات في ثمانينيات القرن الماضي. ومن وجهة نظره، يُنتظر من الفيلم أن يكون “محاولة لتقريب السكان المحليين (في سويسرا وأوروبا) من الخلفية التاريخية المعقدة للعديد من الأشخاص الذين قدموا إلى هنا هاربين من سوريا”.

في الفيلم، يعيش اليهود والأكراد والعرب في قرية صغيرة على الحدود السورية التركية حيث يعاني جميع الجيران من نفس المشاكل ويساعدون بعضهم البعض في التعامل معها. ولكن بمجرد قدوم مُعلم مدرسة من العاصمة دمشق إلى القرية، ويبدأ بنشر دعاية النظام الحاكم، تبدأ الثقة بالاهتزاز وينتشر الحذر والخوف بينهم. أما تلك الدعاية المستوردة، فتتلخص في التحريض ضد اليهود وقمع الثقافة الكردية، وخاصة اللغة.

يعرض عمل خليل السينمائي من منظور شيرو، وهو طفل كردي ومن تلاميذ مدرسة القرية، كيف يعيش الجيران الروتين اليومي، ويكشف بأسلوبه الخاص الآثار القاسية لدعاية النظام المستوردة. في مشهد معبر عمّا يرغب الفيلم في إخبار الجمهور به، يحاول المعلم الجديد تعليم شيرو وزملائه في الفصل كيف يجب عليهم التصرف تجاه اليهود، حيث يجعل الأطفال يقفون في دائرة ويضع لهم دمية في المنتصف. ثم يمسك المعلم بسكين ويقوم بتوزيعه عليهم الواحد تلو الآخر طالبا منهم طعن الدمية بوحشية قدر الإمكان، متخيلين أنها يهودية الأصل. تبعا لذلك، يصاب شيرو بالصدمة ويصبح مُرتابًا بشكل متزايد من جيرانه اليهود، الذين يتعاملون معه دائمًا بلطف شديد.

يشير خليل إلى أن الوضع في سوريا قبل اندلاع الانتفاضة في ربيع عام 2011 لم يكن مختلفًا كثيرًا عنه عما كان عليه في ثمانينيات القرن الماضي ويُلخصه في “نظام ينشر الكراهية ويضطهد السكان بغض النظر عن دينهم وعرقهم”.

كمخرج كردي، يبدو خليل مهتما بمخاوف الأكراد بشكل عام، وليس فقط في سوريا. فقد سبق له أن تناول الوضع الصعب الذي يعيشه الأكراد في باكورة أفلامه (1992)، “هناك حيث ينام الله”، الذي تم تصويره سراً داخل الأراضي السورية ثم تحصل على “جائزة السينما من أجل السلام” لأفضل فيلم وثائقي في العام في مهرجان برلين السينمائي في عام 2017.

لكن في تسعينيات القرن الماضي، تم إعلان خليل “خائنًا وانفصاليًا” من طرف السلطات، ولم يكن أمامه سوى خياران: “أن يعيش كالعبيد في سوريا وأن يعيش الخوف من الاعتقال في كلّ لحظة أو ترك البلد والسفر إلى الخارج”، كما يقول.

اختار خليل الحل الثاني وتقدم بطلب لجوء في سويسرا عام 1996، البلد الذي يُمكن أن “يتمتع فيه بالحرية ويحقق أحلامه”، كما يقول. ومع ذلك، اضطر المخرج الطموح في بداية الأمر لقضاء عاميْن في مركز لطالبي اللجوء، حيث كانت دراساته في القانون والتاريخ وكذلك عمله كمخرج بلا قيمة وعديمة الفائدة، كما يؤكد مرارًا قائلاً: “في مركز اللجوء كنت مجرد رقم على ورقة”، حيث عُومل كما لو كان بلا اسم ولا ماضٍ.

مع ذلك، لم يستسلم خليل وقدم أول فيلم قصير له (31 دقيقة، 1998)، بعنوان “انتصار الحديد”، بينما كان مقيما داخل مركز اللجوء. حينها، قام بتصوير الفيلم بأكمله تقريبًا بمفرده باستخدام كاميرا مستعارة، وعن طريق التحكم عن بُعد. وفيه، تتحدث شخصيات الفيلم باللغات السلوفاكية والألبانية والإيطالية والكردية والإنجليزية والألمانية. وقد تم عرضه في إطار أيام سولوتورن السينمائية، التي تُعتبر أهم مهرجان مخصص للإنتاج السينمائي المحلي في سويسرا، وتم ترشيحه لنيل جائزة “أفضل فيلم قصير”.

فجأة أصبح مانو خليل معروفاً، وأضحى منذ ذلك الحين قادرًا على إنتاج العديد من الأفلام والفوز بعدد من الجوائز، بما في ذلك جائزة برن للأفلام في عام 2010 عن شريطه “جنائن عدن، قصص من حدائق سويسرا”، الذي تم ترشيحه أيضًا لنيل جائزة الفيلم السويسرية في عام 2011. في عام 2013، فاز خليل بالجائزة الرئيسية في أيام سولوتورن السينمائية عن فيلمه “طعم العسل”، الذي كان ضمن الأفلام المرشحة أيضًا لنيل جائزة الفيلم السويسري في عام 2014.

واليوم، يُعتبر خليل من الأسماء اللامعة في عالم السينما السويسرية وفي المشهد الثقافي المحلي عموما. (swissinfo.ch)

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. بنت عمرو دياب تعيش مع حبيبها بلا زواج وتثير ازمة – نور عمرو دياب هي بنت عمرو دياب من زواجه من سيدة سعودية ثرية ولكن كنزي لا تتوقف عن اثارة الجدل واتهام الاسلام بالتخلف واضطهاد المرأة وعدم اعطائها حقوقها واثار منشور لها انها ستعيش مع خطيبها الانكليزي ذي الاصول الافريقية ازمة كبرى

  2. يقول كندا تصبح واحدة من أوائل الدول التي تمنع الركاب من السفر إذا لم يتم تطعيمهم بالكامل:

    كندا تصبح واحدة من أوائل الدول التي تمنع الركاب من السفر إذا لم يتم تطعيمهم بالكامل