قصة الطبيب اليهودي الألماني لودفيغ غوتمان الذي هرب من النازية و أسس الألعاب البارالمبية

بعد الألعاب الأولمبية ذات الأصل اليوناني المعروف، افتتحت ألعاب طوكيو البارالمبية 2020 يوم الثلاثاء الماضي، لكن قصة تأسيسها على يد الطبيب اليهودي الألماني لودفيغ غوتمان الذي هرب من النازية ليست معروفة للكثيرين.

ولد غوتمان في 3 حزيران 1899 في توست بألمانيا (تقع اليوم في بولندا) لعائلة يهودية ألمانية، وعمل كمتطوع في مستشفى لعمال مناجم الفحم اهتم خلالها بحالات الشلل والإعاقة البدنية بينهم.

بعد ذلك، بدأ غوتمان التدريب في الطب في جامعة “بريسلاو”، قبل أن ينتقل إلى جامعة فرايبورغ في عام 1919، حيث تخرج بشهادة الطب عام 1924، وهناك أصبح الطبيب عضواً نشطًا في الأخوية اليهودية التي حاولت وقف انتشار معاداة السامية في الجامعات.

وبحلول الثلاثينيات من القرن الماضي، كان غوتمان يعمل كجراح أعصاب وكمحاضر جامعي، وكان في طريقه ليصبح واحداً من أبرز أطباء الأعصاب حتى صعود النازيين في بلاده.

وفي عام 1933، أقرت ألمانيا قوانين نورمبيرغ، والتي حظرت على اليهود ممارسة الطب، فطرد غوتمان من الجامعة ومن عمله بالمستشفى وجُرد من لقب طبيب.

وبحلول عام 1939، تم إغلاق سبل الهروب على اليهود في ألمانيا، ولكن غوتمان حصل على فرصة نادرة حين أعاد النازيون جواز سفره وأمروه بالسفر إلى البرتغال لعلاج صديق للديكتاتور البرتغالي، وسافر غوتمان مع عائلته إلى هناك، ولكنه قرر عدم العودة إلى ألمانيا، بل الانتقال إلى بريطانيا، وهو ما حصل بالفعل، ووصلت العائلة إلى أكسفورد، وفي عام 1945، حصل غوتمان على الجنسية البريطانية.

وفي بريطانيا، كان الدكتور غوتمان قادراً على مواصلة أبحاثه حول إصابات العمود الفقري في مستشفى “رادكليف”، وطُلب منه لاحقاً إنشاء وإدارة أول مركز إصابات العمود الفقري من نوعه في المملكة المتحدة، فطبق فيه علاجات مبتكرةً وطرقاً لإعادة تأهيل مرضى الشلل النصفي، في وقت كان معدل الوفيات بالشلل مرتفعاً بشكل لا يصدق بسبب الالتهابات التي تسببها قروح البقاء لفترات طويلة في الفراش.

وكانت الخطوة التالية هي إنشاء برامج إعادة التأهيل التي من شأنها أن تسمح لمرضى الشلل النصفي باستعادة احترامهم لذاتهم، وخطرت لغوتمان فكرة عن حل ممكن، ويقول: “خطر ببالي أن عدم إدراج الرياضة في إعادة تأهيل المعاقين سيكون بمثابة إغفال خطير,. ربما كانت تلك واحدة من أفضل الأفكار التي راودتني كطبيب”.

وفي 29 تموز 1948، بدأ الطبيب تطبيق الألعاب في مستشفى “ستوك ماندفيل” كنوع من العلاج في نفس يوم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في لندن، ونظم غوتمان هذه الألعاب مع معاقين جميعهم على كراسي متحركة يتنافسون في الرماية، وعُقد هذا الحدث سنوياً، وفي عام 1952، سافر فريق من الجنود الهولنديين المصابين بشلل نصفي إلى إنكلترا للتنافس في أول دورة ألعاب “ستوك ماندفيل” دولية.

وفي عام 1960، أقيمت هذه الألعاب لأول مرة خارج بريطانيا، في العاصمة الإيطالية روما جنباً إلى جنب مع الألعاب الأولمبية، وتُعرف هذه الألعاب اليوم باسم “بارالمبية”، أي أنها ألعاب موازية للأولمبياد، وتم الاعتراف بها بأثر رجعي من قبل اللجنة الأولمبية الدولية في عام 1984.

وشارك في دورة روما 400 رياضي يمثلون 23 دولة يعانون من مجموعة متنوعة من الإعاقات، وبعد عام 1960، أقيمت الألعاب البارالمبية كل أربع سنوات ونظمت أول دورة ألعاب شتوية بارالمبية عام 1976.

وفي عام 1968، تراجعت مكسيكو سيتي، المدينة المضيفة للأولمبياد، عن استضافة دورة الألعاب البارالمبية، وقبل غوتمان دعوةً من الحكومة الإسرائيلية لعقدها في “رمات غان” بالقرب من تل أبيب.

واضطرت دورة الألعاب البارالمبية إلى تغيير أماكنها مرة أخرى في عام 1980، عندما رفض الاتحاد السوفيتي استضافتها إلى جانب أولمبياد موسكو، وذلك لأنه “لا يوجد أشخاص معاقون في الاتحاد السوفيتي بأكمله”، بحسب ما قال مسؤول سوفيتي في ذلك الحين، وأقيمت الألعاب البارالمبية في ذلك العام في أرنهيم بهولندا.

ومنذ الألعاب الصيفية لعام 1988 في سيول والألعاب الشتوية لعام 1992 في ألبرتفيل بفرنسا، أقيمت الألعاب الأولمبية للمعاقين والأولمبياد في نفس المدن والأماكن.

وبالإضافة إلى عمله في مستشفى “ستوك ماندفيل” ومع دورة الألعاب البارالمبية، أسس غوتمان الجمعية الطبية الدولية للشلل النصفي وشغل منصب رئيسها حتى عام 1970 والجمعية الرياضية البريطانية للمعاقين. (MCD)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها