دويتشه فيله : راتب و تعويضات مادية .. كم يتقاضى نواب البرلمان في ألمانيا ؟
تختلف وظيفة نائب البرلمان الألماني (بوندستاغ) عن أي وظيفة أخرى، إذ أن دخول البرلمان والجلوس تحت قبته يعد بمثابة تولي منصب عام رفيع مقيد بدورة برلمانية مدتها أربع سنوات.
وقضت المحكمة الدستورية الاتحادية بأنه يجوز لعضو البرلمان الاستمرار في ممارسة مهنته أو وظيفته إلى جانب عضويته خلال فترة ولايته، لكن يجب تخصيص الجزء الأكبر من وقته لعمله البرلماني.
وينص القانون على أن يكون “التفويض البرلماني” بمثابة العمل الرئيسي لأعضاء الـ”بوندستاغ”، بمعنى أن يكون العمل داخل البرلمان الوظيفة الأساسية للنائب.
وبالنسبة للبرلمانيين الذين يمارسون مهناً حرةً، مثل المحامين أو المستشارين الاقتصاديين والماليين، يمكنهم أن يستمروا في ممارسة مهنتهم إلى جانب عملهم في البرلمان، لكن بالنسبة لأصحاب المهن الأخرى، كالموظفين ورجال الشرطة أو المعلمين أو العاملين في القطاع الإداري، فإنه يصعب عليهم الاستمرار في وظيفتهم إلى جانب عملهم البرلماني.
وبموجب المادة 48 من القانون الأساسي (الدستور)، فإن أعضاء البرلمان يحق لهم الحصول على تعويض مادي مناسب يضمن استقلاليتهم، وهذا يعني أنه يجب أن يتقاضى عضو البرلمان راتباً كافياً لضمان عدم حاجته لمصدر دخل آخر.
ويعتبر راتب القاضي في محكمة اتحادية عليا، مقياساً لراتب عضو البرلمان، حيث يتساوى معه، ويطلق على هذا الراتب اسم “التعويض البرلماني”، ويتم تحديده سنوياً في الأول من تموز من كل عام، وفي الوقت الحالي يبلغ هذا الراتب 10 آلاف و12 يورو و89 سنتاً شهرياً، قبل اقتطاع الضرائب منه، كما يحصل كل النائب البرلماني على بدل نفقات معفاة من الضرائب، بهدف تغطية النفقات التي يدفعها خلال فترة ولايته البرلمانية، بما في ذلك إيجار مكتبه وأجور الموظفين الذين يعملون معه.
وعادةً ما يكون لعضو البرلمان مكتبان لممارسة مهامه البرلمانية، أحدهما البرلمان بالعاصمة برلين والآخر في دائرته الانتخابية، ويعمل معه عدد من الموظفين مقابل حصولهم على رواتب، ويكون هذا البدل عرضةً للتعديل كل عام، كي يتوافق مع ارتفاع تكلفة المعيشة، وفي الوقت الحالي يبلغ هذا البدل ما يقرب من 4 آلاف يورو 560 يورو شهريا.
وعلى مدار العام، هناك على الأقل عشرون جلسة برلمانية على النواب حضورها، لذا يحق لهم الحصول على مكتب مفروش ومجهز تصل مساحته إلى 54 متراً مربعاً، لكي يمارسوا عملهم فيه مع الموظفين الذين يعملون معهم.
وفيما يتعلق بوسائل النقل، يمكن لأعضاء البرلمان استخدام وسائل النقل الرسمية خلال تنقلاتهم في منطقة برلين، وكذلك يحصلون على تذكرة سنوية مجانية لاستخدام القطار، فيما يتم تعويضهم عن تذاكر الطيران الداخلية التي يشترونها خلال ممارستهم عملهم البرلماني.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن ينفق أعضاء البرلمان سنوياً 12 ألف يورو كحد أقصى على مكاتبهم الخاصة، لكن لا يتم دفع المبلغ نقداً بشكل مقدم، بل يمكن مقابل شراء أجهزة مثل الحواسب الشخصية والهواتف المحمولة والقرطاسية والمعدات الإلكترونية الخاصة بمكاتب أعضاء البرلمان في دوائرهم الانتخابية.
وفي عام 2009، أثيرت ضجة في وسائل الإعلام الألمانية عُرفت باسم “قضية مونت بلانك” التي تصدرت عناوين الصحف الألمانية، حيث أن أكثر من مائة عضو في البرلمان طلبوا شراء أقلام حبر فاخرة بقيمة 68 ألف يورو، وعلى وقع هذا الأمر، اضطر رئيس البرلمان إلى مراجعة قائمة المستلزمات المكتبية خلال عام 2010، وعلى إثر هذه الواقعة، لم يعد مسموحاً لأعضاء البرلمان شراء السلع الفاخرة أو الكمالية.
والجدير بالذكر أن “مونت بلانك” هو اسم شركة ألمانية متخصصة في تصنيع المنتجات الفاخرة.
وشهدت السنوات الأخيرة نقاشات كثيرةً بشأن مصادر الدخل الإضافية لبعض أعضاء البرلمان والتي يجب عليهم إبلاغ إدارة البرلمان بها، وفي هذه الدورة التشريعية الأخيرة، قام ثلث أعضاء الـ”بوندستاغ” بالإبلاغ عن تلقيهم دخلاً إضافيا.
وكشفت دراسة أجرتها مؤسسة “أوتو برينر”، التابعة لاتحاد صناعة المعادن “آي جي ميتال”، عن أنه خلال الدورة التشريعية الأخيرة، كان معظم أعضاء البرلمان الذين مارسوا أعمالاً إلى جانب عملهم الأساسي في الـ”بوندستاغ” ينتمون إلى أحزاب منها الحزب الديمقراطي الحر “الليبرالي” (62%) والحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه البافاري الاتحاد المسيحي الاجتماعي (معاً يشكلون نسبة 42%).
وكشفت الدراسة عن أن أربعة أعضاء في البرلمان ينتمون إلى كتلة الاتحاد المسيحي، فضلاً عن عضو ينتمي إلى الحزب الليبرالي قد أبلغوا عن دخل إضافي يزيد عن مليون يورو.
وعلى خلفية فضائح تعلقت بحصول أعضاء البرلمان على دخل إضافي، تم إجراء مراجعة لكافة الشروط القانونية في هذا الصدد العام الجاري، وعلى إثر ذلك، سيتوجب على أعضاء البرلمان في المستقبل الإبلاغ عن كل سنت من دخلهم الإضافي إذا زاد عن ألف يورو شهرياً أو 3 آلاف سنوياً، وفيما يتعلق بملكية الشركات، يتعين على أعضاء البرلمان الإبلاغ عن ملكية أي شركة، إذا بلغت نسبة حصتهم فيها 5%.
وخلال وباء كورونا، أثارت “فضيحة الكمامات” حالة غضب في البلاد، عندما تم الكشف عن أن أعضاء في كتلة الاتحاد المسيحي قد حصلوا على عمولات تقدر بالملايين مقابل إتمام صفقات شراء كمامات واقية للوزارات الاتحادية والمحلية.
وعلى وقع هذه الفضيحة، لم يعد يُسمح لأعضاء البرلمان بالتصرف وكأنهم مجموعات ضغط مدفوعة الأجر في إبرام صفقات مع الحكومة الاتحادية أو البرلمان، وكذلك لا يُسمح لهم باستغلال عضويتهم البرلمانية لأغراض تجارية.
ورغم وجود قواعد صارمة لتحقيق الشفافية، إلا أنه يُسمح لأعضاء البرلمان بقبول هدايا دون أدنى قيود، ورغم ذلك، فإن قضية قبول الهدايا ليست مطلقة، بل مقيدة بشرط، يتمثل في ألا يتم تقديم الهدايا مقابل “خدمة”، فضلاً عن وجود إجراءات عقابية في حالة التورط في قضايا فساد ورشاوى.
ومؤخراً، طرأ إجراء إضافي يتمثل في أن أعضاء البرلمان لم يعد يُسمح لهم بقبول تبرعات مادية أو الحصول على مكافأة نظير إلقاء كلمات ومحاضرات ذات صلة بعملهم البرلماني.
وغالباً ما يسافر أعضاء البرلمان، لذا فإنهم إذا حصلوا على هدايا من الضيوف، يمكنهم الاحتفاظ بهذه الهدايا إذا كانت قيمتها لا تزيد عن 200 يورو، فيما يتعين عليهم تسليم الهدايا الأغلى ثمناً لرئيس البرلمان أو الاحتفاظ بها مقابل دفع قيمتها إلى خزينة الدولة.
زابينه كينكارتس – دويتشه فيله[ads3]