هل كان قرار ميركل باستقبال اللاجئين صائباً في 2015 ؟ .. صحيفة ألمانية تكشف أهم ما حققته الهجرة و اللجوء لألمانيا

غالبًا ما تُنتقد أنغيلا ميركل بسبب سياستها المتعلقة بالهجرة، والتي بدأت في عام 2015، لكن الأرقام التي تظهرها سياسة المستشارة أثبتت صحتها فيما يتعلق بالهجرة.

وقالت صحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ“، بحسب ما ترجم عكس السير، إن ميركل في عهدها لم تشهد العديد من الأزمات فحسب ، بل اتخذت أيضًا العديد من القرارات المثيرة للجدل التي أدت إلى خلافات داخل حزبها.

ومن هذه القرارات، التخلص التدريجي من الاعتماد على الطاقة النووية والزواج للجميع (قبول زواج مثليي الجنس) وتعليق الخدمة العسكرية الإجبارية، وهي قرارات غير معتادة من حزبها المحافظ.

ومع ذلك، لم تتم مناقشة أي من قرارات ميركل بشكل مثير للجدل مثل قرار عام 2015، بعدم إغلاق الحدود الألمانية في مواجهة الأعداد الكبيرة من اللاجئين، ولذلك، فإن مسألة الهجرة، بشكل خاص، هي أكثر ما يرتبط بعهد المستشارة، التي ستغادر الحكم بعد الانتخابات المقبلة.

وفي يومي 5 و6 أيلول 2015 تغيرت ألمانيا، بعد أن خيم أكثر من ألف لاجئ في محطة القطار الرئيسية في بودابست، عاصمة المجر، ثم انطلقوا سيرًا على الأقدام إلى الحدود النمساوية، قبل أن تسمح لهم الحكومة الفيدرالية، بقيادة ميركل، بدخول ألمانيا، في قرار ابتعد عن اتفاقية دبلن، التي تقضي ببقاء اللاجئين في أول دولة يدخلونها من دول الاتحاد الأوروبي.

ووصل إلى ألمانيا في ذلك العام مهاجرون يزيد عددهم عن مليوني شخص، وهو أكبر عدد، خلال عام، منذ إعادة توحيد ألمانيا.

واستمر هذا الاتجاه في السنوات التالية، ففي السنوات الخمس التي تلت عام 2015، جاء حوالي 3 ملايين مهاجر إلى ألمانيا.

وما إذا كان القرار استقبال اللاجئين قد أضر بألمانيا، تجيب الصحيفة بالقول إنه على الرغم من الهجرة المتزايدة، لم ينمو عدد سكان ألمانيا ككل، بل ظل في حالة ركود إلى حد كبير، وهذا يعني أنه بدون الهجرة كانت البلاد ستنكمش بسبب وفاة عدد أكبر من كبار السن بين السكان الأصليين أكثر من الأطفال الذين يولدون.

وعلى الرغم من أن عدد السكان ككل نما على نحو طفيف، بالمقابل، نما عدد العاملين في البلاد بشكل لافت، فمنذ أول انتخاب لميركل لمنصب المستشارة الفيدرالية حتى عام 2019، ارتفع عدد الأشخاص العاملين بشكل مستمر، حيث أنه رغم تزايد أعداد المهاجرين، انخفض معدل البطالة من 6.3% إلى 5% بين عامي 2015 و2019.

ومع ذلك، فإن معدل العمالة للأجانب أقل من عامة السكان الأصليين في ألمانيا، في حين أن معدل متلقي معونة البطالة أعلى بين المهاجرين، فوفقًا لبيانات معهد أبحاث التوظيف (IAB)، التابع لوكالة التوظيف الفيدرالية، فإن الأشخاص الذين هاجروا من البلدان الأكثر تصديراً لطالبي اللجوء، بشكل خاص، لديهم نسبة عمالة منخفضة ومعدلات مرتفعة ممن يتلقون معونة البطالة، وتشمل هذه البلدان أفغانستان وباكستان وسوريا والعراق وإيران وإريتريا ونيجيريا والصومال، ولكن حتى بين المهاجرين من هذه البلدان، تبلغ نسبة العاملين منهم الثلث الآن، في حين أن نسبة العاملين من بين المهاجرين ككل تبلغ النصف.

ومن ناحية أخرى، كان للمهاجرين الذين قدموا في عام 2015 تأثير واضح على التركيبة العمرية في ألمانيا، فبمقارنة أرقام عام 2014 مع أرقام اليوم، يمكنك ملاحظة اختلافين رئيسيين: من ناحية، هناك عدد أكبر من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات اليوم، ومن ناحية أخرى هناك المزيد من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و40 عامًا، وحقيقة أن نمو عدد الأطفال دون سن الخامسة، يمكن أن يكون مرتبطًا بحقيقة أن معدل المواليد في ألمانيا قد ارتفع قليلاً منذ عام 2014، أو يمكن إرجاع  ذلك إلى أطفال المهاجرين الذين قدموا مع أهاليهم.

وهذا التغيير في الهيكل العمري له آثار ملحوظة على النظم الاجتماعية الألمانية، فمثل البلدان الصناعية الأخرى، تواجه ألمانيا مشكلة الشيخوخة.

وإذا قسمت الألمان على فترات زمنية مدتها 5 سنوات وفقًا للعمر، فإن أكبر فئتين عمريتين، هما الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و60 عامًا، ونظرًا لتزايد متوسط ​​العمر المتوقع، سيكون هؤلاء الأشخاص جزءًا من المجتمع لعدة عقود، وسيكون لديهم حقوق في صندوق المعاشات التقاعدية، ولذلك، فإنه من مفيد للغاية وجود أشخاص في الفئات العمرية الأصغر ممن يعملون، وبالتالي يدفعون الضرائب.

ومنذ عام 2015، تحسنت مؤخرًا نسبة المساهمين في صندوق التقاعد، والتي كانت في السابق متراجعةً لسنوات، وطبعاً لم يعد هناك 5 عاملين لكل متقاعد كما كان الحال عام 1965، لكن المعدل ارتفع من 2.05% إلى 2.13%، وهذا بفضل الهجرة.

وختمت الصحيفة بالقول إن الحقائق السابقة لا تخفف من التحديات الثقافية التي تفرضها الهجرة على السكان الألمان، لكن من منظور اقتصادي، لا تستحق أنغيلا ميركل اللوم على سياستها المتعلقة بالهجرة.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها