يورونيوز : من هو القاضي طارق بيطار المقحم في قلب معركة ساخنة بين مختلف القوى السياسية في لبنان ؟

وجد القاضي اللبناني طارق بيطار نفسه في قلب معركة ساخنة بين مختلف القوى السياسية المختلفة في لبنان، بعد شهور من توليه التحقيق في حادث انفجار مرفأ بيروت في العام 2020 والذي أسفر عن مقتل 214 شخصا، وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين. طارق البيطار خلف فادي صوان، الذي تم إسقاطه من القضية في فبراير- نيسان الماضي بسبب الاشتباه المشروع.

مهمة طارق بيطار كانت صعبة منذ البداية فالكشف عن المسؤولين عن تفجيرات مرفأ بيروت في 4 آب / أغسطس 2020، ليست مهمة سهلة نظرا للضغوط التي تهدد كل من يريد فتح هذا الملف. المهمد تتطلب أساليب خاصة للوصول إلى الحقيقة وقد لا تكون على ذوق السياسيين من كل الأطياف. لذلك استبق البعض من السياسيين اللبنانيين الأحداث ودعا الحزبان الشيعيان، أمل وحزب الله، الخميس الماضي إلى مظاهرات ضد القاضي، أمام محكمة بيروت.

عزل بيطار من مهمة التحقيق حول انفجار المرفأ في 12 أكتوبر- تشرين الأول الجاري مؤقتا، للمرة الثانية منذ نهاية سبتمبر- أيلول، بعد استئناف آخر تقدم به وزيرين ونائبين سابقين يشتبه في ارتكابهما “إهمال ومخالفات”. وكان القاضي قد أصدر مذكرة توقيف بحق النائب علي حسن خليل من حزب أمل الشيعي الذي لم يمثل للتحقيق.

من هو طارق بيطار القاضي اللبناني “المزعج”؟
طارق بيطار، قاض لبناني ورئيس محكمة الجناية في بيروت، وثاني قاضٍ يقود التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت 2020، بعد فادي صوان الذي أقالته المحكمة اللبنانية بعد اتهامه لوزيرين سابقين بالإهمال في قدية الانفجار الذي نتج عن انفجار 2750 طنًا من نترات الأمونيوم المخزّنة في المرفأ لأكثر من ست سنوات. اعترض أهالي الضحايا على إقالة صوان خشية أن يؤدي إبعاد صوان إلى عودة القضية إلى الصفر.

ويعتبر بيطار، الذي يحقق في أكبر قضية تشهدها البلاد منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري عام 2005، شخصية غامضة إلى حد ما بالنسبة للبنانيين، فهو لا يتحدث كثيرا للصحافة ولا يظهر في مناسبات عامة.

لكن في محيطه، يعرف طارق بيطار البالغ من العمر 47 عامًا بالنزاهة، أظهر عزمه على متابعة تحقيقاته رغم الضغوط العديدة، في بلد حيث الاستقلال الحقيقي للقضاء لا يزال مجرد حلم صعب المنال.

منذ عدة أسابيع، يواجه القاضي وابلا من الهجمات، حيث يتهمه جزء من الطبقة السياسية بإجراء تحقيق متحيز و”تسييس القضية”. يريد القاضي بيطار الاستماع لبعض المسؤولين من بينهم أربعة وزراء سابقين هم يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق ورئيس الوزراء الأسبق حسان دياب وعدد من كبار المسؤولين الأمنيين الذين استدعاهم، دون جدوى.

كما وجّه زعيم حزب الله الشيعي حسن نصر الله بداية الأسبوع، تهمة عنيفة إلى القاضي، متهماً إياه بخدمة “أهداف سياسية” وانتهاج الانتقائية والتمييز في تحقيقاته، وطالب باستبعاده وتعيين شخصية آخرى. واتهم أيضا طارق بيطار بقربه من الرئيس ميشال عون رغم أنه لا يعرفه.

سمعة راسخة للاستقلال
هذا القاضي المتحدر من عكار، إحدى أفقر المناطق في شمال لبنان يتمتع بسمعة طيبة في مجال استقلال القضاء والنزاهة والعمل الجاد. أدرج إسمه بعد انفجار مرفأ بيروت في قائمة القضاة الذين من المرجح أن يقودوا تحقيقًا يعد بأن يكون معقدًا. في فبراير- شباط 2021، اقترحت وزيرة العدل المنتهية ولايتها ماري كلود نجم اسمه، بعد أن رفض المجلس الأعلى للقضاء اختيار قاضٍ آخر، سامر يونس.

وتداولت وسائل الإعلام عبارة شهيرة نسبت له حين تم اختياره ليقود التحقيق “لا أستطيع رؤية الأمهات تبكي، وضميري يمنعني من التنصل من مسؤولياتي”.

وفي اليوم الذي أعقب تنصيبه، انغمس طارق بيطار في القضية بمساعدة أربعة قضاة متدربين. ملفه الشخصي يلبي “معايير النزاهة والكفاءة والشجاعة”، مع امتلاكه “الخبرة في المسائل الجنائية” والابتعاد عن “جميع أنواع الضغوط السياسية والأمنية والإعلامية” والتمسك ببوصلة واحدة فقط “القانون”.

شخص شجاع
يوصف طارق بيطار بأنه قاضٍ متمرس، ترأس محكمة جنايات بيروت منذ العام 2017، بعد أن عمل على التوالي كقاضي جنائي وحيد في شمال لبنان حتى العام 2010، ثم محاميًا عامًا في محكمة استئناف شمال لبنان.

وخلال حقبة توليه مهامه كمدعي عام في الشمال من 2010 إلى غاية 2017، التي تميزت بوقوع أحداث أمنية خطيرة، تولّى بيطار التحقيق في العديد من الجرائم التي طالت أشخاصًا شاركوا في النزاعات المسلحة في طرابلس كما طالت شخصيات سياسية وإعلامية، منها قضية قتل الصحفي اللبناني علي شعبان على الحدود السورية اللبنانية.

وخلال تولّيه منصب القاضي المنفرد الجزائي في طرابلس من 2004 إلى غاية 2010، تولّى القاضي النظر في قضايا الجرائم المالية.

ومنذ تولّيه التحقيقات في قضية انفجار مرفأ بيروت وضع البيطار استراتيجيته في معالجة الملف القضائي وسطر العشرات من الاستدعاءات القضائية الداخلية والخارجية لكشف الحقيقة المتعلقة بنيترات الأمونيوم. وفي مرحلة لاحقة وجه الاشتباه للعديد من الشخصيات السياسية وقادة أجهزة أمنية وعسكرية حاليين وسابقين وقد اصطدم ادعائه بمسألة الحصانات الدستورية والتصاريح الإدارية بعد تعمد السلطات المعنية التمسك بهذه الحصانات للإفلات من العقاب.

وبسرعة كبيرة، تمكن طارق بيطار من تكوين رابطة مع عائلات ضحايا 4 أغسطس- أب، الذين يستقبلهم بانتظام.هم يثقون به ويدعمونه. (EURONEWS)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها