في الهند .. منازل المسلمين و مساجدهم تحرق لأيام متواصلة دون تدخل السلطات

نشرت وسائل إعلام هندية محلية تقارير عديدة حول مهاجمة متطرفين هندوس لعشرات المنازل والمساجد والمتاجر التابعة للمسلمين في ولاية تريبورا شمال الهند.

وقال ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي إن المتطرفين يهاجمون المسلمين بكل عنف ويحرقون منازلهم ومساجدهم منذ يوم الخميس الماضي 21 أكتوبر/تشرين الأول 2021، دون أي تدخل من قبل السلطات رغم توجيه نداءات استغاثة لها لأيام متواصلة.

رغم شح المعلومات وغياب الرواية الرسمية، تتداول وسائل إعلام محلية وناشطون حقوقيون العديد من الفيديوهات والصور لجموع قيل إنهم من الهندوس المتطرفين وهم يقومون بإحراق منازل ومساجد للمسلمين في ولاية تريبورا الصغيرة شمال شرق الهند.

وقال موقع منظمة India Tomorrow نقلاً عن شهود عيان، إنه تم إحراق ما لا يقل عن 12 مسجداً في الأيام السبعة الماضية في خمس مناطق في ولاية تريبورا، وذلك إلى جانب المساجد التي تم إحراق المكتبات فيها وحتى المصاحف.

وقال الموقع إن أعمال العنف ضد المسلمين وقعت بعد انطلاق ما يُعرف بـ “مظاهرة التحدي” التي نظمتها منظمة “الويشوا هيندو باريشاد” (المنظمة الهندوسية العالمية) بمدينة “باني ساغار” بالولاية الهندية، احتجاجاً على ما قالوا إنها هجمات وقعت على الهندوس في دولة بنغلاديش.

من ناحية أخرى فقد أخبر السكان المحليون منظمة India Tomorrow بأن الهجمات على الجالية المسلمة كانت مخططة مسبقاً، وأنه سُمح للمتطرفين بتنظيم المظاهرات والقيام بالهجمات على المسلمين.

كذلك قالت وسائل الإعلام المحلية إنه من أربع إلى خمس مقاطعات في تريبورا تتعرض لأعمال شغب ونهب من قِبل منظمات هندية متطرفة وتشمل المناطق الأكثر تضرراً مدينة دارماناجار وبلدة بانيساغار في شمال تريبورا، ومهاراني كاكرابان أودايبور من منطقة غومتي، وتشاندرابور ورامناغار في منطقة ويست تريبورا، وكايلاشهار من منطقة أونكوتي، راتباري.

ويقول ناشطون على وسائل التواصل إن الشرطة المحلية لم تتخذ أي إجراء لوقف أعمال العنف ضد المسلمين في الولاية، وقد تم تقديم مذكرة احتجاج إلى السلطات، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء حتى الآن، مضيفين أنه لم يتم اعتقال أي شخص حتى بعد مرور سبعة أيام.

لاحقاً، قالت وكالة الأنباء الفرنسية، الخميس 28 أكتوبر/تشرين الأول، إن قوات الأمن الهندية عزّزت الحراسة على المساجد في ولاية تريبورا “عقب شن جماعات يمينية هجمات انتقامية على أهداف إسلامية”، في رد على أعمال عنف تعرض لها هندوس في بنغلاديش، على خلفية “تدنيس مصحف بوضعه على ركبة تمثال إله هندوسي” خلال الاحتفال بمهرجان “دورغا بوجا” في بنغلاديش.

وقالت الوكالة الفرنسية، إن السلطات الهندية حظرت التجمع لأكثر من أربعة أشخاص في المناطق الشمالية من ولاية تريبورا، في حين حذرت الشرطة من “رسائل استفزازية” يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتعد ولاية تريبورا الهندية ولاية زراعية جبلية صغيرة، تقع في شمال شرق الهند، ويعد أكثر من نصف سكان تريبورا من الهندوس، أما الباقون فهم نصارى مع وجود أقلية من المسلمين والبوذيين.

وتتشارك تريبورا حدوداً بطول 850 كيلومتراً مع بنغلاديش ذات الغالبية المسلمة، حيث قُتل سبعة أشخاص هذا الشهر على يد مجموعة من المحتجين الغاضبين الذين قاموا بتخريب معبد هندوسي ونهبه.

وخلال الأسابيع الماضية، صدمت مقاطع فيديو وأوصاف أعمال العنف التي انتشرت على نطاق واسع ضد المسلمين في معظم أنحاء الهند، ولفتت انتباه العالم إلى حملة حكومية من عمليات الإخلاء القسري للمسلمين في المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد التي تضم أيضاً ولاية تريبورا.

حيث أورد تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن مسؤولين بالحكومة المحلية في ولاية آسام الهندية، كانوا يستهدفون أعداداً كبيرة من المسلمين متهمين إياهم بأنهم قدموا بشكل غير شرعي من بنغلاديش.

لكن المقابلات ومراجعة الوثائق التي أجرتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أظهرت أن العديد من السكان المطرودين هم مواطنون شرعيون بالهند ولهم الحق في العيش على الأرض المملوكة للحكومة. ويرى منتقدو الحكومة الهندية بزعامة ناريندرا مودي، أن عمليات الإخلاء جزء من حملة أوسع للحزب الحاكم في الهند ضد السكان المسلمين بالبلاد.

وقال سوابان كومار غوش، نائب رئيس منظمة غير ربحية تعمل لصالح النازحين في الولاية، للصحيفة الأمريكية: “يريدون أن يعيش المسلمون مكبوتين، تحت رحمة الهندوس”.

وبحسب ما اورد موقع “عربي بوست”، حشد رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي وحزبه الحاكم “بهاراتيا جاناتا” قاعدتهما القومية الهندوسية جزئياً من خلال الدفع بمبادرات تضع أكثر من 200 مليون مسلم بالبلاد في وضع غير مؤاتٍ، كما يقول تقرير لمجلة Time الأمريكية.

تقوم سياسة مودي على لفت انتباه الهنود بعيداً عن مشاكل الهند الحقيقية مثل الفقر والتنمية إلى إضرام العداء بين الهندوس والمسلمين، وجعل المسلمين بمثابة عدو للهند. وتمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي الهندية اليوم بمقاطع فيديو نصبوا أنفسهم حماة للهندوسية يطالبون بإعدام المسلمين دون محاكمة، وهو عمل شائع لدرجة أنه لم يعد يصنع أخباراً بعد الآن، كما تقول المجلة الأمريكية.

ونادراً ما يتم حجز أتباع التفوق الهندوسي البارزين بسبب خطاب الكراهية. ويتعرض المسلمون بشكل روتيني لهجمات عشوائية؛ لقيامهم بنقل الماشية أو الوجود برفقة نساء هندوسيات.

في بعض الأحيان، يكون الاستفزاز ببساطةٍ نتيجة أن شخصاً تبدو عليه مظاهر أنه مسلم بشكل واضح، كما قال مودي نفسه في التجمعات الانتخابية، يمكن التعرف على الأشخاص “الذين يخلقون العنف” من خلال ملابسهم.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، أقرّت الهند قانون الهجرة الذي يُسرِّع منح المواطنة للمهاجرين غير الشرعيين من البلدان المجاورة طالما كانوا هندوساً أو أتباع أحد الأديان الخمسة الأخرى في الهند، باستثناء المسلمين. وفرض قادة الأحزاب في عدد من الولايات الهندية قوانين لحظر تحويل الديانة من خلال الزواج، باستخدام مصطلح “جهاد الحب”، الذي لا يدع مجالاً للشك في من تستهدف هذه الإجراءات.

وفي زيارة حديثة لصحيفة “نيويورك تايمز”، التي تقوم الدولة الهندية فيها بعمليات تطهير عرقي ضد المسلمين، شوهدت الجرارات تحرث الأرض حول معبد هندوسي، دون أن يمسّه أحد. فيما قال أوهاف داس، كاهن هندوسي في المعبد: “من الجيد إجلاء هؤلاء الأشخاص”.

ورداً على سؤال حول كيفية هدم السلطات لمساجد ومدرسة، قال الكاهن داس: “لا يحتاج الهندوس إلى مساجد ومدارس دينية”، في إشارة إلى أن الولاية تعتبر نفسها مخصصة للهندوس فقط.

ويحذّر المحامون والسياسيون المعارضون من أنَّ الانقسامات السياسية في ولاية آسام يمكن أن تؤجج التوترات الدينية إلى مستويات أخطر من ذلك. قال أخيل جوجوي، وهو معارض وناشط: “هذا عمل بربري من قبل حكومة بربرية”. وأُطلِق سراح جوجوي من السجن قبل أربعة أشهر بعد تبرئته من تهم موجهة إليه بموجب قانون الأمن الوطني الهندي الصارم.

بدوره، قال المزارع أحمد علي إن الحريق في ذلك اليوم التَهَم وثائقه القديمة، وضمنها الأوراق التي تظهر أحقيته في الأرض. وتابع أن ما أحرقته الشرطة بعد ظهر ذلك اليوم لم يكن مجرد منازل الناس، بل أحلامهم أيضاً. وأضاف: “لم تشتعل ألسنة النار بالخارج فحسب؛ بل أحرقتنا من الداخل أيضاً”.

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها