ميركل ذاهبة و لاشيت فشل فشلاً ذريعاً .. فمن يكون مخلص المسيحيين الديمقراطيين في ألمانيا ؟

حكمت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ألمانيا لمدة ستة عشر عاماً، وترأست الحزب المسيحي الديمقراطي، إحدى القوى الأبرز على الساحة السياسية الألمانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وفي أيلول الماضي، أظهرت نتائج الانتخابات العامة أنّ بديل ميركل، أرمين لاشيت، لم يقنع الألمان الذين صوّتوا لغيره، ما وضع الحزب في مأزق صعب، ودفعه إلى اتخاذ قرارات قوية، كان آخرها يوم الثلاثاء.

ويبحث المسيحيون الديمقراطيون عن مخلّصهم، ولذا، قرروا استبدال لاشيت الضعيف، وتوافقوا، للمرة الأولى في تاريخهم، على توسيع الانتخابات الداخلية، حيث ستمشل مستقبلاً جميع أعضاء الحزب، لا فقط المندوبين في مؤتمر الحزب.

ولا شكّ أن تغييراً كهذا يزيد نسبة الضبابية، واحتمال المفاجآت، ومع أن أحداً لم يقدم ترشيحة حتى الآن، إلا أن هناك ثلاثة أسماء محتملة، وهم فريدريش ميرز، الذي كان مسؤولاً كبيراً ونائباً في الحزب، إلى أن دفعته ميركل خارج اللعبة منذ أكثر من عقدين، ولكنه عاد، بنشاط إلى الساحة السياسية في السنوات الأخيرة، ووزير الصحة، ينس شبان، والمتخصص في الشؤون الخارجية نوربرت روتغن.

والنقاشات في الحزب المسيحي الديمقراطي أيضاً تتخطى مسألة اختيار القائد، ذلك أن الحزب سيكون في مركز المعارضة في السنوات الأربع المقبلة، بينما يناقش الاشتراكيون الديمقراطيون الفائزون بالانتخابات العام تشيكل ائتلاف حكومي مع الخضر والليبراليين.

والسؤال المطروح الآن عن السياسات التي يتبعها المحافظون: هل يبقون على خطّ ميركل الوسطي، أو يتجهون أكثر إلى الخيار اليميني في معالجة الشؤون الاجتماعية والاقتصادية؟.

ويلوم كثيرون في الحزب المسيحي الديمقراطي وفي الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا، أرمين لاشيت، بسبب الخسارة الفادحة في الانتخابات، فتحالف الحزبين حصل على 24.1 نقطة من التصويت العام، في تراجع بلغت نسبته 9 نقاط تقريباً عن انتخابات 2017، كما أن الحزب خسر نحو أربعة ملايين مقترع.

ولاشيت، الذي يقود أكبر ولاية من حيث تعداد السكان في ألمانيا (شمال الراين فيستفاليا)، لم يتمكن من تحسين صورته بعدما التقطته عدسات الكاميرا وهو يضحك خلال زيارة قام بها مع ميركل لتفقد المتضررين من الفيضانات التي ضربت البلاد الصيف الماضي، واعتذاره لم يكفِ الألمان.

وكان فوز لاشيت برئاسة حزبه فوزاً للنهج الوسطي، وخسارته المدوية في الانتخابات أعادت فتح نقاش أشمل في الحزب، حول الهوية السياسية والخطّ الذي يجب المضي به.

ورغم أن ميركل عملت خلال رئاستها على تجديد الحزب، إلا أن مواقفها السياسية “الوسطية” من كلّ شيء تقريباً، بدءاً من التغيّر المناخي ومروراً بالهجرة والصين ووصولاً إلى الاقتصاد، أفقد الحزب “هويته المحافظة”، بحسب خبراء.

وهناك أصوات تتعالى داخل الحزب وتنادي بدخول الشباب إلى المعترك السياسي، وتمثيل المسيحيين الديمقراطيين.

لمَ لا؟، انظروا إلى النمسا، حيث نحج سيبستيان كورتس في أن يصبح مستشاراً عن عمر 31 عاماً فقط، وكانت هذه حجة يسوق لها بعض الشباب في الحزب، ولكن اتهام كورتس بالفساد، واستقالته، ستجعل منها حجة يصعب بيعُها للآخرين.

وفي المقابل، لا يبدو أن قائد المجموعة البرلمانية السابق للحزب، فريدريش ميرز، قادر على لعب دور قائد حملة التجديد، ورغم أنه يدعو إلى سياسات اقتصادية ليبرالية، يشك البعض بقدرته على التجديد الفعلي، خصوصاً وأنه يبلغ 65 عاماً، أما وزير الصحة، ينس شبان، الذي يبلغ من العمر 40 عاماً، والذي لا يخفي مثليته، قد يكسب تأييد طريفيْ الحزب، الوسطيون، والمحافظون.

وفي حديث إذاعي له، قال شبان إنه “متلهف لمساعدة الحزب في المضي قدماً والخروج من المأزق”، وبينما يرضي خطه المتشدد تجاه الهجرة كثيرين في حزبه، تبقى إدارته لأزمة كوفيد-19 نقطة شائكة في سجله.

وأخيراً، كان نوربرت روتغن، الوزير السابق ورئيس اللجنة البرلمانية للعلاقات الخارجية، يدعو بشكل شبه دائم إلى تجديد الحزب المسيحي الديمقراطي، من شرط المحافظة على موقعه الوسطي سياسياً. (EURONEWS)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها