استطلاع : العنصرية متفشية ضد ذوي البشرة السوداء في ألمانيا
يشعر أناس من ذوي البشرة السوداء بالتمييز ضدهم، وتبدو العنصرية بالنسبة للكثيرين تجربةً يوميةً، وفقاً لاستطلاع رأي بهذا الخصوص، أما أشكال التمييز فلا تقتصر على التحرش والاتهام بتعاطي المخدرات، بل تتجاوز ذلك إلى أشكال أخرى.
وأديغبايي ب، وهو رب أسرة يخرج مع ابنته البالغة من العمر سنة واحدة، من أصول نيجيرية، تعرض للبصق فجأةً من قبل امرأة، وأساءت الأخيرة معاملته لفظياً بالشتائم العنصرية.
وصور الرجل الواقعة ونشر الفيديو في الإنترنت وأبلغ الشرطة بالاعتداء، فتمكنت الشرطة من القبض على المعتدية بعد ذلك بوقت قصير.
وأجرى أديغبايي ب عدة مقابلات مع وسائل إعلام ألمانية بعد انتشار الفيديو، وأوضح أن العنصرية رفيق دائم له في ألمانيا، وهو يتعرض للإهانة العنصرية مرتين إلى ثلاث مرات في الشهر.
وبحسب أديغبايي، فإن ابنته أصيبت بصدمة منذ الحادث في الأسبوع الماضي.
وهذه الواقعة ليست حالة منعزلة، وهي تحدث مراراً وتكراراً للأشخاص ذوي البشرة السوداء، وأحياناً يتم مس شعرهم دون أن يُطلب منهم ذلك، ويتم اتهامهم بتعاطي المخدرات ويتم التحرش بهم جنسياً، كما يتم اعتراضهم من قبل الشرطة في كثير من الأحيان أكثر من ذوي البشرة البيضاء.
والحصول على سكن للإيجار قد يكون صعباً جداً بالنسبة لـ”الأشخاص الملونين”، فالعديد من السود في ألمانيا مروا بمثل هذه التجارب.
وأعطى حوالي 6000 منهم إجاباتهم في استطلاع عبر الإنترنت، وتم إجراء الاستطلاع الطوعي بدون ذكر أسماء المشتركين من 20 تموز إلى 6 أيلول 2020، وتم تلخيص النتائج في تقرير من 300 صفحة.
ويقول الباحث في مجال العنصرية دانييل غياميرا من منظمة “كل شخص يعلّم آخر” أثناء عرض نتائج الاستطلاع على الإنترنت: “لقد كان طريقاً طويلاً حقاً.. لقد كان صراعاً”.
ويتحدث غياميرا عن “تقارير لتجارب مؤلمة”، ولم تهتم الحكومة الاتحادية الحالية كثيراً بجمع مثل هذه البيانات، “وهو المفروض أن تعمله في الواقع التزاماً منها بحقوق الإنسان”، يضيف غياميرا، ويقول: “العنصرية ضد السود ليست مشكلتنا.. لم نبتدعها أو نخترعها، لكن المشكلة هيكلية”.
ونفذت الاستطلاع كل من منظمة “كل شخص يعلّم آخر” و”مواطنون من أجل أوروبا”، وهي منظمة مجتمع مدني تناضل من أجل التنوع والديمقراطية، وتم تمويل المشروع بحوالي 150 ألف يورو من أموال اللجنة الحكومية لمناهضة التمييز، وهي جزء من الوزارة الاتحادية لشؤون الأسرة.
وبيرنهارد فرانكه، وهو القائم بأعمال رئيس لجنة مناهضة التمييز، أضاف: “نتائج استطلاع آراء الأشخاص من أصول أفريقية تظهر بوضوح مظاهر وتأثيرات التمييز والعنصرية ضد السود في ألمانيا”.
“ما هي المشكلة؟ هل أنتم موجودون حقاً؟”، هذه بعض الأسئلة التي طرحت على الباحث في مجال العنصرية، دانييل غياميرا، مراراً وتكراراً، ومن قبل السياسيين أيضاً، وكان هذا أيضاً ما دفعه إلى عمل المشروع.
نعم هم متواجدون حقاً، حيث يوجد في ألمانيا أكثر من مليون شخص متميزين، لأنهم من ذوي البشرة السوداء، وهم صحفيون وموسيقيون وباحثون وعمال نظافة ومتقاعدون وغيرهم.
ويشعر الكثير منهم بالحرمان والتعرض للعنصرية في ألمانيا من قبل مؤسسات الدولة وفي الحياة اليومية أيضاً، فأكثر من 42% من المشاركين في الاستطلاع عبر الإنترنت يعايشونها بهذه الطريقة.
وحتى الآن لم يكن هناك شيء في ألمانيا مثل استطلاع رأي الأشخاص من أصول أفريقية، إذ يعد التسجيل الإحصائي للمواطنين وفقًا للمعايير العرقية أمرًا غير معتاد إلى حد ما في ألمانيا، وهذا أيضًا له علاقة بالتاريخ الاستعماري وزمن النازية في البلد.
ورد الباحث دانييل غياميرا على الاعتراضات على الاستطلاع: “هناك دائمًا خوف من أن المرء يؤسس لمثل هذه المجتمعات عن طريق البحث بشأنها”، ويضيف: “لكننا هنا.. نحن جزء من المجتمع ولا يمكن إنكارنا”.
ووجد الباحثون والمشرفون على الاستطلاع أن العنصرية ضد السود تعمل من خلال ثلاثة أشكال، وربما يكون التحرش بالغريب الأكثر أهمية بينهم، إذ أفاد 90% ممن شملهم الاستطلاع أنه تم مس شعرهم دون أن يطلب الإذن منهم، لكن إضفاء الطابع الجنسي على السود هو أيضًا تجربة شائعة، وبشكل عام، ذكر ما يقرب من 80% أنهم تلقوا تعليقات جنسية على تطبيقات المواعدة بخصوص مظهرهم أو “أصلهم”، كما يلعب التجريم دوراً مهماً، وقال حوالي 56% ممن شملهم الاستطلاع إنهم سُئلوا عما إذا كانوا يبيعون المخدرات، ونفس النسبة قالت إنها تم اعتراضها من قبل الشرطة دون سبب واضح.
ويعتقد ثلثا المشاركين في الاستطلاع (67.6%) أنهم يحكم عليهم بصورة أسوأ من زملائهم في المدرسة أو الجامعة.
وعندما يدافع السود والأفارقة في الشتات عن أنفسهم ضد التمييز، فإنهم غالبًا ما يمرون بتجارب سيئة، فأكثر من 90# يقولون إنه لن يتم تصديقهم، و75% من المتضررين لم يبلغوا أصلاً حتى عن المواقف العنصرية.
وبالإضافة إلى ذلك، وفقًا لمعلومات جمعية “بوتسدام لوجهات نظر الضحايا”، يقع ما لا يقل عن ثلاثة إلى أربعة أشخاص في ألمانيا ضحايا عنف من قبل اليمين المتطرف كل يوم، وحوالي ثلثي الاعتداءات تحمل دوافع عنصرية.
ومن جانبه، أعرب بيرنهارد فرانك، من اللجنة الحكومية لمكافحة التمييز، عن رضاه عن “استطلاع آراء الأشخاص من أصول أفريقية”، ويجد كلمات المديح للحكومة الاتحادية المستقبلية، لأنها تريد استخدام مندوب لدى الشرطة من أجل التحقيق في قضايا التمييز في المستقبل.
وبالنسبة للمشرفين على الاستطلاع، كان هذا البحث مجرد بداية، ويريدون مواصلة أبحاثهم ونشر النتائج باللغتين الإنجليزية والفرنسية، كما يطالبون بالمزيد من المراكز المجتمعية ومراكز المشورة وخطط العمل الحكومية لمكافحة العنصرية ضد السود، والاعتداء العنصري الأخير في حي “فنبفول” البرليني يظهر أن هذا ضروري جداً. (DW)[ads3]