ماذا سيحدث لجسدك دون بدلة في ” الفضاء ” ؟

لا بد أن رواد الفضاء يرتدون بذلات الفضاء البيضاء الضخمة لسبب وجيه. وفقاً لما نشاهده في أفلام هوليوود، فإن الأشخاص الذين يسبحون في الفضاء دون ارتداء بذلاتهم قد يتعرضون لمخاطر جسيمة، فقد تنفجر أجسادهم وتتطاير أشلاؤها في الفضاء الرحب، وقد يتجمدون حتى الموت.. فهل هذه التصورات صحيحة، أم أنها لا تخلو من المبالغات السينمائية؟

ماذا يحدث لجسم الإنسان في “فراغ الفضاء”؟

إذا سبح أحدهم في الفضاء الخارجي دون ارتداء بذلة مناسبة، فإن جسده سيكون خاضعاً لما يسمى “فراغ الفضاء” الذي سيفتك بجسده بالتأكيد لكن بطريقة مختلفة قليلاً عن التصورات الهوليوودية للموضوع.

في الأفلام نجد أن أي شخص يحلق في الفضاء دون ارتداء البذلة، فإنه يموت خلال ثوان معدودة، لكن في الواقع قد يستغرق الأمر بضع دقائق قبل أن يفقد أحدهم حياته نتيجة للتعرض لفراغ الفضاء.

كذلك ستكون ملابسات وفاته معقدة، حيث ستغلي السوائل داخل جسده بينما سيتجمد أنفه وفمه.

لكن ما سر غليان سوائل أجسامنا في فراغ الفضاء؟

من الجدير بالذكر أن الفضاء هو فراغٌ مجرد من الهواء، مما يعني أنّه ليس به غلافٌ جوي أو ضغط لجزيئات الهواء مثل الأرض.

مع العلم أن الضغط الجوي هو المسؤول عن تحديد درجات الحرارة التي تغلي عندها السوائل وتتحوّل إلى غازات.

ووفقاً لموقع “عربي بوست”، إذا كان ضغط الهواء خارج السائل مرتفعاً، كما هو الحال عند مستوى سطح البحر على الأرض، يكون من الصعب على فقاعات الغاز أن تتكوّن وتصعد إلى السطح. ولكن نظراً لعدم وجود أي ضغط جوي في الفضاء تقريباً، فإنّ درجة غليان السوائل تنخفض بشكلٍ كبير.

إذ قال كريس لينهاردت، عالم العناصر الكيميائية في برنامج أبحاث البشر بوكالة ناسا، لموقع Live Science الأمريكي: “لك أن تتخيّل مدى خطورة المشكلة، بالنظر إلى أنّ الماء يُشكّل 60% من جسم الإنسان”.

وفي غياب الضغط، سيغلي الماء السائل في أجسامنا ويتحوّل على الفور من سائل إلى غاز. وأضاف: “هذا يعني جوهرياً أنّ كافة أنسجة الجسم التي تحتوي على الماء ستبدأ في التمدّد”.

قصص الناجين من فراغ الفضاء!

من المثير للاهتمام معرفة أن بعض البشر قد تعرضوا في الواقع للفراغ بشكلٍ جزئي، لكنهم نجوا ليرووا قصصهم.

ففي عام 1966، كان مهندس الفضاء في ناسا، جيم لوبلانك، يختبر أداء نماذج أولية لبذلات فضاء داخل حجرة فراغية ضخمة. وخلال مرحلةٍ ما من الاختبار، انفصل الخرطوم الذي يضخ الهواء المضغوط إلى بذلته.

وقال لوبلانك، خلال حلقة The Space Suit من المسلسل الوثائقي Moon Machines عام 2008: “حين تعثّرت إلى الوراء، بدأت أشعر باللعاب وهو يتحوّل إلى فقاقيع على لساني، قبل أن أفقد وعيي مباشرةً. وهذا هو آخر ما أتذكره”.

ويُعرف تكوين فقاعات غازية في سوائل الجسم باسم “التفقُّع”.

ويُصيب التفقع الغواصين في المياه العميقة إذا صعدوا إلى السطح بسرعةٍ كبيرة، لأنّهم ينتقلون من بيئة مرتفعة الضغط تحت الماء إلى بيئةٍ أقل ضغطاً عند سطح الماء.

وبالنسبة لرواد الفضاء، فإنّ الدماء التي تجري في أوردتهم تغلي بسرعةٍ أقل من الماء الموجود في أنسجتهم، لأنّ جهاز الدوران (الدورة الدموية) له ضغطه الداخلي الخاص، لكن التفقع الكبير في أنسجة الجسم يحدث بسرعة.

وقد أجرت دورية Aerospace Medicine and Human Performance العلمية مراجعةً عام 2013 لدراسة حالات تعرّض الحيوانات والبشر للفراغ في السابق، ووجدت أنّهم فقدوا الوعي في غضون 10 ثوان. وبعدها فقد بعضهم السيطرة على مثانته وأمعائه، كما تسبّب انتفاخ عضلاتهم في تقليص تدفق الدم إلى قلوبهم وأدمغتهم، حيث تحوّلت عضلاتهم المتمددة إلى ما يُشبه الانسداد البخاري.

وأوضح لينهاردت: “لا يستطيع أي إنسان أن ينجو في هذه الحالة، وستحدث الوفاة على الأرجح خلال أقل من دقيقتين”.

موت محتم خلال دقيقتين

ووفقاً لكتاب بيانات وكالة ناسا لبيولوجيا الملاحة الفضائية، فإنّ فراغ الفضاء قادرٌ على سحب الهواء من رئتيك، لتختنق في غضون دقيقتين.

وبعد اندفاع الهواء الأوّلي إلى الخارج، سيُواصل الفراغ سحب الغازات وبخار الماء من جسمك عبر الممرات الهوائية. كما سيُحدِث غليان الماء المستمر تأثير تبريد، لأنّ غليان جزيئات الماء سيمتص الطاقة الحرارية من جسمك ويُؤدي إلى تجمد الأجزاء القريبة من أنفك وفمك.

كما ستبرد بقية أجزاء جسمك، لكنها سوف تستغرق وقتاً أطول لعدم حدوث ما يكفي من التبخر.

هل يعتبر حبس الأنفاس مفيداً في هذه الحالة؟

إذا قادت الأقدار التعيسة شخصاً ما لأن يكون في الفضاء دون بذلة فضائية، وهو احتمال ضئيل جداً، سيفقد حياته، كما سبق وذكرنا، خلال دقيقتين، لكن هل سينفعه أن يحبس أنفاسه لبعض الوقت؟

وفقاً لما ورد في موقع Azeheb فإن حبس الأنفاس سيعطي رائد الفضاء تعيس الحظ فرصة للبقاء على قيد الحياة حوالي 30 ثانية دون أن يحدث له ضرر دائماً.

حسناً بعد غليان السوائل وتجمد الأنف والفم ومن ثم الموت، ماذا يحدث للجثة في الفضاء؟

لن تتحلل الجثة في الفضاء كما يحدث على كوكبنا، وذلك بسبب عدم وجود الأوكسجين.

إذا كانت الجثة موجودة في مكان قريب من مصدر للحرارة –نجم ما– فإن الجثة قد تتحنط في هذه الحالة، أما إن لم يكن الوضع كذلك فستتجمد الجثة السابحة في الفضاء وقد تطفو هناك لملايين وملايين السنين.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها