دويتشه فيله : ” أنغيلا السورية ” كبرت .. فهل نجحت أسرتها في الاندماج في ألمانيا ؟

“سننجح في ذلك”، جملة شهيرة لميركل، قالتها مع بداية أزمة اللاجئين وأضحت من ميراث المستشارة.

وهناك أسرة سورية لاجئة أطلقت على ابنتها اسم أنغيلا، تقديراً للمستشارة، فهل نجحت الأسرة في الاندماج في مجتمعها الجديد؟.

في نهاية عام 2015، وداد ومحمد لاجئان سوريان على موعد مع طبيب نسائي.

وباستخدام سيارة، ومن ثم مشياً على الأقدام مع أطفال ثلاثة، هربوا جميعاً من اللاذقية حتى وصلوا ألمانيا.

ووداد كانت خلال رحلة اللجوء حاملاً، والفحص عند الطبيب، كشف أن وداد حامل في أنثى.

ولم يفكر الوالدان طويلاً لكي يقررا تسمية المولودة، على اسم “الملاك المنقذ”، مستشارة ألمانيا: أنغيلا.

وبعد مرور ستة أعوام، تتجول طفلة بشعر أسود طويل ورداء أحمر في مركز “كاريتاس” للاجئين في مدينة غيلزنكيرشن، والكل يسلم عليها: “مرحبا أنغي”، “أهلاً أنغي”، “صباح الخير أنغي”.

أنغيلا، الطفلة التي ولدت في ألمانيا وتحمل اسماً مميزاً، يخاطبها الجميع، وهي تبتسم بسعادة وترد التحية.

“الجميع يحب طفلتنا أنغيلا.. حتى كثير من جاراتنا خصوصاً من السيدات الكبيرات في السن، يشعرن بالسعادة حين يشاهدن أنغيلا”، يقول رب الأسرة محمد، ويضيف: “نحن نحب السيدة أنغيلا ميركل لكل ما فعلت لنا”.

أمر غريب!، فالكثير من الألمان يشعرون بالغربة من المسشارة التي حكمت بلادهم منذ 16 عاماً، فيما تتمنى أسرة سورية لاجئة في ألمانيا لو تتمكن من تشييد نصب تذكاري لها.

وترى الطفلة أنغي من على شاشة التلفزيون السيدة التي تحمل اسمها، وهي تبتسم من خلف الشاشة كل يوم.

ويقول محمد: “بينما أغلقت دول أخرى أبوابها، أعطتنا ميركل، وخاصةً للأطفال، حياةً جديدةً هنا.. جميع أصدقائنا السوريين حزينون على مغادرة ميركل.. والدتي في سوريا تقول لي دائمًا على الهاتف: يا للأسف، ماذا سيكون مصيركم الآن؟”.

وما تزال أنغيلا الصغيرة في روضة الأطفال، وفي آب من العام المقبل، ستلتحق بالمدرسة، لترافق أشقائها الثلاثة الأكبر سناً.

وهي تحب سرد القصص والرسم وتفضل رسم الزهور، وقد ذهبت أيضاً إلى ملعب شالكه 04 مرتين.

ماذا تريد أنغي أن تفعل لاحقاً؟، تقول بخجل: “شيء مثل أنغيلا ميركل، مساعدة الآخرين”.

وحين ولدت أنغيلا في غيلزنكيرشن في بداية عام 2016، كانت ألمانيا تمر بمرحلة التحول من ثقافة الترحيب المرحب بها عالمياً، إلى الشعور بالخوف.

وولدت فتاة سورية صغيرة تحمل اسم المستشارة وسط تغير المزاج الألماني، ففي يوم كانت فيه مدينة كولونيا، بعد ليلة رأس السنة التي حصلت فيها مئات الاعتداءات الجنسية على النساء، تشهد ارتفاعاً في طلبات الحصول على رخصة السلاح الصغير.

“نعم نجحنا في ذلك”، تقول رغم ذلك المستشارة ميركل، حين عرضت نتائج سياسة ألمانيا للجوء.

وربما سيصب هذا النجاح في حياة أنغيلا الصغيرة، مثلما نجح اندماج لاجئين عام 2015 إلى حد ما، فالأطفال يتكلمون الألمانية بطلاقة، وعندهم صديقات وأصدقاء في المدارس ويحصلون على درجات جيدة.

وبعكس ذلك، ما زال الوالدان يعانيان من مشاكل وصعوبات في الوقوف على أقدامهما في البلاد الجديدة، فمحمد يريد افتتاح كشك، وزوجته، التي كانت تعمل معلمةً في سوريا، تريد أن تصبح مربية.

وبحسب إحصائيات المعهد الألماني لسوق العمل ودراسة المهنة، فإن واحداً فقط من بين لاجئين اثنين من عام 2015 يعمل حاليا.

“إذا شئت منح أسرة أنغي معدلاً للنجاح في الاندماج بين 1 وعشرة، سأمنحهم 5″، يقول مروان محمد، السوري الذي جاء إلى ألمانيا في عام 1995، عندما لم يكن فيها مركز للمساعدات للقادمين الجدد.

واليوم، مروان محمد محام ويساعد اللاجئين في مركز “كاريتاس”، ومسؤول عن كل ما يتعلق بالإقامات.

وأنغيلا وأفراد أسرتها حصلوا على الإقامة، ويرغبون بعد 3 أعوام في الحصول على الجنسية الألمانية.

والمحامي لا يشتكي من العمل، إذ يعيش حوالي 10000 لاجئ في غيلزنكيرشن، 7000 منهم من سوريا وحدها.

وفي أفقر مدينة في ألمانيا، بمتوسط ​​دخل سنوي يزيد قليلاً عن 16000 يورو، “انتقل العديد من اللاجئين إلى هنا، لأنهم لم يتمكنوا من العثور على أي شقق فارغة في ميونخ أو كولونيا، ولكن ما تزال هناك مساحة فارغة كافية هنا”.

وهذا يصعب عملية الاندماج، ينتقد المحامي مروان محمد، ويقول: “اللاجئون في مدن أخرى يندمجون بسرعة أكبر مما هو عليه الحال هنا، لأنهم مجبرون على التحدث بالألمانية والتواصل مع السكان.. هنا أشبه بالحال في وطنهم، لأنهم يتكلمون العربية في المحلات، كما أن هنالك ألماناً يعيشون هنا لا يريدون التواصل مع اللاجئين”، لكن مروان محمد وفريقه في “كاريتاس” لم يستسلموا بعد.

وعندما ظهرت جائحة كورونا العام الماضي، وكانت هناك حاجة ماسة للكمامات في غيلزنكيرشن، كان اللاجئون ينتجون 7000 قطعة بسرعة قياسية، حيث اشترى الرجال القماش، فيما كانت مهمة النساء خياطته بتعليمات من الإنترنت، وقام الرجال بدورهم بتوزيعها في بيوت المسنين.

وقبل بضعة أشهر، انطلقت مجموعة من اللاجئين السوريين إلى مناطق الفيضانات للمساعدة، حيث شهدت أجزاء من ولايتي شمال الراين فيستفاليا وراينلاند بفالتس فيضانات مدمرة.

“نستطيع النجاح في ذلك”، جملة ميركل الشهيرة، يمكن أن تكون شعار اللاجئ محمد أيضاً، وستعيش أسرته في غيلزنكيرشين حتى بعد ترك المستشارة منصبها.

ويقول المحامي مروان محمد إنه حتى مع وجود اللاجئين في المدينة، مثل عائلة أنغيلا الصغيرة أو الأسر الأخرى، “لم أقابل أي شخص هنا يتحدث بشكل سيء عن أنغيلا ميركل.. جميع اللاجئين يحترمونها، مثل أنغي، فقد منحت الأطفال وطناً جديدا”.

أوليفر بيبر – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها