الفيضانات في ألمانيا إحدى العلامات .. التغير المناخي يوجه إنذاراً شديد اللهجة إلى البشر !

شهد المناخ في عام 2021 تغيرات عدة، من موجات الحرارة القاسية إلى فيضانات وحرائق مدمرة، حيث عاقبت الأحوال الجوية القاسية أجزاء من الكوكب في الأشهر الأخيرة.

وخلصت لجنة من الأمم المتحدة في استعراضها لعلوم المناخ خلال تقريرها، إلى أن تغير المناخ الذي يسببه الإنسان يزيد من حدة هذه الظواهر المناخية المدمرة، وسيجعلها أسوأ في العقود القادمة.

من السبب في تغير المناخ؟

قالت سونيا سينيفيراتني، عالمة المناخ في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ: “لدينا أدلة أكثر وضوحًا على التغيرات في الظواهر المناخية القاسية نتيجة لتغير المناخ الذي يسببه الإنسان”.

وهجمة الظواهر المناخية القاسية التي شوهدت هذا الصيف، سواء كانت موجات الحرارة المتدفقة حول نصف الكرة الشمالي، وكوارث الفيضانات في ألمانيا والصين، والحرائق في كاليفورنيا وتركيا واليونان وسيبيريا، هي الأحداث التي أشار لها تقرير لجنة من الأمم المتحدة، كما يسلط التقرير الضوء أيضًا على الزيادة المحتملة في الأحداث المناخية المركبة، حيث يدعم أحد أنواع الكوارث المناخية نوع آخر ويزيد من حدته.

وكمثال واقعي على ذلك، في أواخر حزيران الماضي، سجلت قرية ليتون في كولومبيا البريطانية الرقم القياسي لدرجات الحرارة في كندا، وتسببت في حريق غابات في اليوم التالي.

ويحذر التقرير من أنه “مع كل زيادة إضافية في ظاهرة الاحتباس الحراري، تستمر التغيرات المناخية في التزايد”.

وقالت جين لوبشينكو، نائبة مدير المناخ والبيئة في مكتب البيت الأبيض لسياسة العلوم والتكنولوجيا، إن الخسائر الناجمة عن التغير المناخي الذي رأيناه حتى الآن هي علامة تحذير.

وأضافت: “كل ما نحتاج إلى القيام به هو إلقاء نظرة على الأحداث القاسية التي تحدث الآن، ومعرفة مدى تدميرها، ومن ثم فهم أنها ستزداد سوءًا إذا لم نقم بعملنا معًا”.

ظواهر مناخية قاسية

وفي حزيران 2020، ارتفعت درجة الحرارة في مدينة فيرخويانسك في روسيا إلى 38 درجة مئوية، وهي أعلى درجة حرارة مسجلة في القطب الشمالي.

وكتب ريتشارد آلان، أستاذ في جامعة ريدينغ، في رسالة عبر البريد الإلكتروني: “لقد تمكنت العديد من الدراسات من إظهار أن شدة بعض الظواهر غير المسبوقة الأخيرة في التغيرات المناخية، ممكنة فقط بسبب ارتفاع درجة حرارة المناخ التي تسبب فيها الإنسان”.

وأضاف آلان أن الأحداث الاستثنائية هذا الصيف، مثل غمر المياه أنظمة مترو الأنفاق في مدينة نيويورك ولندن، وابتلاع مجتمعات بأكملها في وسط أوروبا والصين، هي نذير لمزيد من الفيضانات الشديدة في المستقبل.

ومع مزيد من ارتفاع درجات الحرارة خلال الأعوام القادمة، تشير توقعات لجنة الأمم المتحدة إلى أن أحداث هطول الأمطار الغزيرة ستشتد أكثر، وتزداد بنسبة 7% لكل 1.8 درجة من الاحتباس الحراري.

وكتب مايكل وينر، عالم المناخ في مختبر لورانس بيركلي الوطني: “بينما تشتد الأمطار الغزيرة، فإن مقدار زيادة الفيضانات يعد سؤااًا أكثر تعقيدا”.

وعلى الرغم من أن التبخر المتزايد من درجات الحرارة المرتفعة يجعل المزيد من المياه متاحة للعواصف، إلا أنه يسرع أيضًا من جفاف سطح الأرض، حيث أظهرت الملاحظات أن الجفاف يتزايد عبر مساحات كبيرة من الأرض، ولكن ليس في كل مكان.

وقالت سينيفيراتني إن أحداث الجفاف في غرب أميركا الشمالية والبحر الأبيض المتوسط كانت قويةً بشكل خاص في العقود الأخيرة.

ويعاني غرب الولايات المتحدة من أسوأ حالات الجفاف المسجلة، حيث انخفضت مستويات المياه في بحيرة “باول”، ثاني أكبر خزان في البلاد على حدود ولاية أريزونا ويوتا، وبحيرة “أوروفيل”، ثاني أكبر خزان في كاليفورنيا، إلى أدنى مستوياتها التاريخية هذا الصيف.

ويتنبأ العلماء بأن التغير المناخي سيزيد مشكلة التصحر أيضًا مع تناقص مستويات الرطوبة بفعل تزايد حرارة الصيف وقلة الأمطار في الشتاء.

وتتوقع اللجنة أيضًا أن يصبح طقس الحرائق أكثر احتمالًا في جنوب أوروبا وأوراسيا وأجزاء من الولايات المتحدة وأستراليا، وجميع الأماكن التي عانت من الحرائق المدمرة في السنوات الأخيرة، كما ضربت الأعاصير الرئيسية والمصنفة من “الفئة 3” أو أعلى على مقياس الرياح “Saffir-Simpson” الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي وأميركا الوسطى في السنوات الأخيرة، ودمرت الممتلكات الساحلية وقلبت حياة السكان.

وتتغذى الأعاصير على المياه الدافئة، ومع ارتفاع درجات حرارة المحيطات، وجدت اللجنة أدلة متزايدة على أن هذه العواصف الكبرى قد أصبحت أكثر حدة.

وقالت اللجنة أنه مع زيادة الاحتباس الحراري، ستصل نسبة أكبر من الأعاصير إلى الفئتين 4 و5، وهما الأكثر خطورة إلى حد بعيد.

ومع ارتفاع منسوب مياه البحار الناجم عن الاحتباس الحراري، فإن ارتفاع المحيطات من العواصف التي تهطل على اليابسة سوف يغمر المزيد من الأراضي الساحلية.

الخسائر الاقتصادية بسبب التغيرات المناخية

ويتسبب الطقس القاسي في تدمير المنازل والشركات والأرواح أيضًا، وقد تكون الفيضانات الأخيرة في كندا تسبب في أكبر خسارة في تاريخ البلاد، حيث قد تصل تكلفتها إلى 7.5 مليار دولار، كما بلغت تكلفة الكوارث المناخية الـ 18 التي ضربت الولايات المتحدة في عام 2021 معًا أكثر من 100 مليار دولار، بحسب شبكة “national geographic”.

هل تنتهي أحداث التغير المناخي قريبًا؟

ما يزال العلماء يبحثون في كيفية تأثير تغير المناخ على الطقس الشتوي، وهم يزدادون ثقة في أن ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي ينتج عنه عواصف شتوية أقسى.

وبحسب شبكة “national Geographic”، وجدت إحدى الدراسات المنشورة مؤخرًا، وجود صلة محتملة بين درجة الحرارة التي وصلت إلى التجمد في شهر أيلول بتكساس وتغير المناخ، مما يشير إلى أن الحاجز بين هواء القطب الشمالي البارد والهواء المداري الدافئ أصبح غير مستقر، ومن المرجح بشكل متزايد أن تسبب عواصف شتوية شديدة.

وقال إدوارد مايباخ، الخبير في الاتصالات المتعلقة بتغير المناخ في جامعة “جورج ميسون”، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، ستستمر درجات الحرارة في الارتفاع، وبالتالي يمكن أن يستمر الطقس القاسي في تشكيل أحداث التغير المناخي.

أبرز أحداث التغير المناخي في عام 2021

حطمت الظروف الجوية القاسية في 2021 أرقاماً قياسيةً في مختلف أنحاء العالم، ولقي المئات حتفهم في عواصف وموجات حر، كما عانى المزارعون من الجفاف، والذي أدى في بعض الحالات لأسراب الجراد.

وفيما يلي أبرز الأحداث التي تتعلق بالتغير المناخي في عام 2021، بحسب وكالة “رويترز” للأنباء:

ولاية تكساس: في شهر شباط، موجة شديدة البرودة تهب على ولاية تكساس التي تتمتع في العادة بالدفء، وأسفرت هذه الموجة عن مصرع 125 شخصاً في الولاية وانقطاع الكهرباء عن الملايين وسط درجات حرارة تصل إلى التجمد.

كينيا: في شهر شباط، شهدت كينيا ومناطق أخرى في شرق أفريقيا موجة من أسوأ موجات انتشار الجراد منذ عشرات السنين، ويدمر الجراد محاصيل وأراضي رعي الماشية.

ويقول العلماء إن أنماط الطقس غير العادية المتفاقمة بفعل التغير المناخي خلقت ظروفاً مثالية لتكاثر الجراد.

بكين: في شهر آذار ، تحولت سماء بكين إلى اللون البرتقالي وتوقفت حركة الطيران خلال أسوأ عاصفة رملية تشهدها العاصمة الصينية من عشر سنوات.

غرب الولايات المتحدة: في شهر حزيران، غرق غرب الولايات المتحدة تقريباً، في موجة جفاف ظهرت في أوائل 2020.

وهجر مزارعون محاصيلهم وأعلن المسؤولون إجراءات استثنائية، كما انخفض منسوب المياه في خزان سد “هوفر” إلى أدنى مستوياته على الإطلاق.

الولايات المتحدة وكندا: في شهر حزيران، لقي المئات حتفهم خلال موجة حر سجلت أرقامًا قياسية في الشمال الغربي المطل على المحيط الهادي في الولايات المتحدة وكندا.

وخلص العلماء إلى أن “من المستحيل فعلياً” أن تحدث هذه الموجة، لولا التغير المناخي.

وخلال الموجة الحارة وصلت الحرارة في ولايتي بورتلاند وأوريغون إلى مستوى قياسي مرتفع، بلغ 46.7 درجة مئوية، كما ذابت خطوط الكهرباء وظهرت إلتواءات في الطرق، وفتحت بعض المدن مراكز تبريد لحماية سكانها من الحرارة.

إقليم خنان بوسط الصين: في تموز الماضي، أدت فيضانات كارثية إلى مقتل أكثر من 300 شخص في إقليم خنان بوسط الصين، عندما هطلت في ثلاثة أيام فحسب أمطار تعادل ما يسقط في العام كله.

أوروبا: في تموز الماضي، سقط قرابة 200 قتيل في أوروبا، عندما أغرقت أمطار غزيرة ألمانيا وبلجيكا وهولندا.

وخلص العلماء إلى أن تغير المناخ زاد على الأرجح الفيضانات بنحو 20%.

ولاية كاليفورنيا وأوريغون: في تموز الماضي، تسببت موجة حر وجفاف بلغت فيها درجات الحرارة مستوى قياسياً في اشتعال حريقين هائلين في الغابات في ولايتي كاليفورنيا وأوريغون، كانا من بين أكبر الحرائق في تاريخ الولايتين.

وقال العلماء إن وتيرة الحرائق وشدة تصاعدها ترجعان إلى حد كبير للجفاف المستمر منذ فترة طويلة ولزيادة موجات الحر الشديدة جراء التغير المناخي.

أميركا الجنوبية: في تموز الماضي، عانت مساحات شاسعة من أميركا الجنوبية من الجفاف المتواصل.

ورغم أن تشيلي تعاني من جفاف شديد منذ عشر سنوات مرتبط بالاحتباس الحراري، فقد شهدت البرازيل هذا العام واحداً من أكثر الأعوام جفافاً منذ قرن.

وفي الأرجنتين، انخفض منسوب نهر “بارانا”، ثاني أطول أنهار أميركا الجنوبية، إلى أدنى مستوى منذ 1944.

منطقة البحر المتوسط: وفي شهر آب، في منطقة البحر المتوسط، تسببت الحرارة الشديدة وجفاف الطقس خلال الصيف في انتشار الحرائق الهائلة التي أرغمت الآلاف على ترك بيوتهم في الجزائر واليونان وتركيا.

جبال الألب في سويسرا: وفي أواخر آب، في جبال الألب، اضطر العاملون في منتجع سويسري لنشر أغطية واقية على الكتل الجليدية في جبل “تيتليس” خلال شهور الصيف، لحماية ما تبقى من الثلوج.

وقالت الحكومة إن سويسرا فقدت 500 من الكتل الجليدية، وربما تفقد 90% من الكتل الباقية البالغ عددها 1500 بنهاية القرن الحالي، إذا استمرت الانبعاثات العالمية في الزيادة.

ولاية لويزيانا: وفي بداية أيلول، دك الإعصار “أيدا” ولاية لويزيانا بقوة عاصفة من الدرجة الرابعة، وقتل قرابة 100 شخص في الولايات المتحدة، وتسبب في دمار تم تقديره بنحو 64 مليار دولار، وفقاً لما قاله المركز الوطني للمعلومات البيئية.

روسيا: وفي أيلول، تعرضت البنية التحتية والمنازل في روسيا للخطر على نحو متزايد، مع ذوبان الطبقة المتجمدة تحت سطح الأرض وتسببها في تشوه الأرض من تحتها.

ويهدد ارتفاع درجة الحرارة على مستوى العالم طبقة الثلوج والتربة والصخور والرمال والمواد العضوية.

جنوب السودان: وفي شهر تشرين الثاين، أثرت أسوأ فيضانات منذ 60 عاماً في جنوب السودان على حياة حوالي 780 ألفاً من السكان، وفقاً لما تقوله مفوضية الأمم المتحدة للاجئين.

وكل عام يشهد جنوب السودان موسماً مطيراً، لكن الفيضانات سجلت أرقاماً قياسيةً في ثلاثة أعوام على التوالي.

إقليم كولومبيا البريطانية الكندي: وفي شهر تشرين الثاني، أسقطت عاصفة هائلة خلال يومين فقط كميةً من الأمطار، تعادل أمطار شهر في إقليم “كولومبيا البريطانية الكندي”، مما أدى إلى فيضانات وانهيارات طينية دمرت طرقاً وخطوط سكك حديدية وجسورا. (CNBC)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها