خبراء ألمان : ربما لم يعد بالإمكان إيقاف ” موجة أوميكرون ” !
لا! لن يكون عيد ميلاد سعيد!، فالسؤال لم يعد فيما إذا كانت الموجة الجديدة من الجائحة بسبب المتحور الجديد “أوميكرون” ستضرب بكل قوة أم لا، بل أصبح ذلك مسألة وقت فحسب، وذلك وفقاً للتوقعات القاتمة للغاية لثلاثة باحثين ألمان بارزين، ففي منتصف كانون الثاني 2022 كحد أقصى، سيهيمن “أوميكرون” على ألمانيا أيضاً، كما يقول البروفيسور د. كريستوف نويمان-هيفيلين، عالم المناعة في المستشفى الجامعي في مدينة فرايبورغ، مشيراً إلى أن “أوميكرون” سيزيح “دلتا”، أي أن عدد الإصابات بـ”أوميكرون” سيكون أكبر من عدد الإصابات بـ”دلتا”، ومن ثم يمكن أن يرتفع عدد الإصابات بسرعة، ويصل إلى مئات الآلاف من المصابين كل يوم.
وسبب هذه التوقعات القاتمة هو الأرقام الحالية من بريطانيا، حيث يتضاعف عدد الإصابات بـ”أوميكرون” كل يومين أو ثلاثة أيام، وهذا المعدل أعلى بثلاث إلى أربع مرات، مقارنةً بالمتحورات السابقة، كما يقول البروفيسور د. ديرك بروكمان، عالم الفيزياء بجامعة هومبولت في برلين.
وتظهر حسابات الخبراء البريطانيين أن 400 ألف إلى 700 ألف إصابة جديدة ممكنة في اليوم الواحد، مشيرين إلى أنه وفي الفترة من كانون الأول 2021 إلى نيسان 2022، يمكن أن يصاب 34 مليون شخص في بريطانيا وحدها بـ”أوميكرون”، أي ما يقرب من نصف السكان، وكل هذا على الرغم من إجراءات التباعد وارتداء الكمامات وإغلاق المدارس وغيرها.
ويحذر بروكمان من أنه “ستكون معجزة إذا لم تسر الأمور بشكل مشابه في ألمانيا”.
ويؤكد بروكمان على ضرورة أن يقوم السياسيون بوضع وتنفيذ خطط طارئة لسيناريوهات مختلفة على الفور، ويضيف: “علينا إبطاء ديناميكية الانتشار من أجل الحد من الضرر”، مشيراً إلى أنه لا يمكن وقف الانتشار تماماً.
ووفقاً للباحثين، يجب تقليل الاحتكاك والاتصال بين الناس بالإضافة إلى التنقل بشكل كبير.
ويقول بروكمان إن المطلوب هو إغلاق مشابه للإغلاق في الموجة الأولى، ويتابع: “لكن في ضوء معدل الانتشار المرتفع، يجب أن يحدث الكثير هذه المرة”.
ولا يعد “أوميكرون” أكثر عدوى من المتحورات السابقة فحسب، بل يمكنه أيضاً تجاوز استجابتنا المناعية فيما يعرف بـ”الهروب المستضدي”، وهذا يعني أن الأشخاص الذين تلقوا جرعتين للتطعيم، وحتى أولئك الذين تلقوا جرعات ثالثة معززة يمكن أن يصابوا بالعدوى.
ورغم أن الجرعة المعززة تزيد من فعالية الحماية المناعية مرةً أخرى إلى حوالي 70 إلى 75%، وتقلل أيضاً من خطر المرور بمسار خطير للمرض، إلا أن “هذا يعني أنه لا يجب على متلقي الجرعات المعززة أيضاً أن يحسبوا أنفسهم في أمن زائف”، كما تقول عالمة الفيروسات البروفيسورة د. ساندرا سيسيك، مديرة معهد علم الفيروسات الطبي في المستشفى الجامعي بفرانكفورت، مشيرةً إلى أنه يمكن للأشخاص الذين تلقوا الجرعات المعززة أيضاً أن يصيبوا أنفسهم والآخرين.
ولهذا السبب، ترى سيسيك أنه من الخطأ تماماً إلغاء إلزام الأشخاص الذين تلقوا الجرعات المعززة بإجراء اختبارات الكشف عن كورونا، كما يخطط وزراء الصحة في الولايات، وفقاً لسيسيك.
ولا تقلل سيسيك من أهمية تلقي غير المُطعّمين اللقاحات، لكنها تشير إلى أن اللقاحات الأولى التي تم إعطاؤها لم تعد كافية للحماية من “أوميكرون”، وتوضح: “يستغرق الأمر عدة أسابيع، حتى يتم تشكيل الحماية ضد الفيروس، لكن الفيروس أسرع بالطبع”.
وبالإضافة إلى ذلك، تؤكد سيسيك أن “أوميكرون”، وعلى عكس التقارير الأولية، قد يكون بنفس خطورة متحور “دلتا”.
وتظهر البيانات الأولية من بريطانيا والدنمارك أن معدل الاستشفاء (دخول المستشفيات) هناك في حالات الإصابة بـ”أوميكرون” لا يختلف كثيراً عن معدل الاستشفاء عند الإصابة بـ”دلتا”.
وفي البداية، أعطت التقارير الواردة من جنوب إفريقيا الأمل بأن يكون “أوميكرون” غير خطير، لأن الأعراض التي ظهرت على العديد من الأشخاص المصابين كانت خفيفة، لكن في غضون ذلك، كان لا بد من نقل أشخاص مصابين بـ”أوميكرون” إلى المستشفى، كما كانت هناك بالفعل حالة وفاة واحدة بسبب “أوميكرون” في بريطانيا، وبالإضافة إلى ذلك، فإنه بالكاد يمكن مقارنة الظروف في جنوب إفريقيا بالظروف الأوروبية، فالسكان في جنوب إفريقيا أصغر سناً بكثير، في المتوسط، والعديد من الناس قد أصيبوا بالعدوى مسبقاً، بحسب سيسيك.
وإذا ارتفع عدد الإصابات التي يسببها “أوميكرون” بشكل كبير بالفعل، فإن الأنظمة الصحية معرضة بالتأكيد لخطر الانهيار، لأنه مع ما يقدر بـ 3000 إلى 5000 مريض يومياً في بريطانيا، فإن “آلية النظام بأكملها تتأثر”، بحسب تقديرات بروكمان، ويحذر بروكمان من أن المستشفيات المكتظة مسبقاً لم تتمكن من استقبال هذا العدد الكبير من المرضى، خاصة وأن الطواقم الطبية أيضاً ستصاب بالعدوى على الأرجح، وهذا بدوره قد يؤدي إلى سلسلة من الأشياء التي لم تكن متوقعة بعد، وفقاً لبروكمان.
ولذلك، يحث الباحثون السياسيين على التصرف بحزم وعلى الفور، ويحذر بروكمان من أن وقت السياسيين ينفد لاتخاذ إجراءات مضادة، ولا تشعر سيسيك أن ألمانيا مستعدة جيداً للموجة الجديدة، وهذا ما يقلقها كثيراً.
ويتفق الخبراء الثلاثة على أنه لا يكفي أن يأمل المرء في أن يتم إثبات أن متحور “أوميكرون” أقل خطورة في النهاية، ويقول نويمان-هيفيلين: “الاعتماد على ذلك فحسب، يعني المشي بعيون مفتوحة إلى الكارثة”.
ألكسندر فرويند – دويتشه فيله[ads3]