دراسة ألمانية تحلل حلي عمرها 50 ألف عام في إفريقيا .. هل تدل على وجود أقدم شبكة اجتماعية ؟

قبل آلاف السنين من ظهور منصات “فيسبوك” و”تويتر” و”تيك توك” وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي الشهيرة، ساهم نوع من الحُلي البشر في تكوين روابط اجتماعية.

وأعلن علماء الآثار أن دراسةً استمرت لعقد من الزمان، شملت أكثر من 1500 خرزة مصنوعة من قشر بيض النعام وعُثر عليها في جميع أنحاء إفريقيا، قد كشفت عن شبكة اجتماعية عمرها 50000 عام.

وتعد الخرزات، التي تتخذ شكل كعكة الدونات من بين أقدم أنواع الزينة الشخصية الموجودة في السجل الأثري، وما تزال بعض مجموعات الصيادين التقليدية في جنوب إفريقيا تصنع الخرز وتستخدمه إلى يومنا هذا.

وأوضحت جينيفر ميلر، باحثة ما بعد الدكتوراه في قسم علم الآثار في معهد “ماكس بلانك” لعلوم التاريخ البشري، في ألمانيا، أن الهدف من صنع هذه الحلي هو “نقل رسائل رمزية، بالطريقة التي قد نرتدي بها اليوم خاتم الزواج، للإشارة إلى شيء ما عن الوضع الاجتماعي أو الثروة أو المكانة في المجتمع”.

ودرس العلماء 1516 خرزة تعود إلى 50 ألف عام اكتشفت في 31 موقعًا مختلفًا عبر جنوب وشرق إفريقيا.

ومن خلال مقارنة الخصائص المختلفة للخرز، مثل قطر وسُمك القشرة، وجدوا أنه منذ ما بين 33 ألف و50 ألف سنة، كان الناس في مواقع عبر جنوب وشرق إفريقيا، تمتد على مسافة تزيد عن 3000 كيلومتر يستخدمون خرزًا متطابقًا تقريبًا.

وقالت ميلر، مؤلفة الدراسة، التي نشرت الاثنين الماضي في مجلة “نيتشر”: “نعلم أن هذه المجموعات كان لها نوع من الاتصال وراثيًا، لكن حتى الآن لا يوجد دليل ثقافي”.

وأضافت: “إنه أمر محير أن هؤلاء الأشخاص، الذين عاشوا قبل 40 ألف إلى 50 ألف عام، كان لديهم نوع من الشبكات الاجتماعية التي تنتشر عبر هذه المسافة الطويلة”.

ووجدت الدراسة أن أقدم الخرزات تأتي من شرق إفريقيا، ومن المحتمل أن تنتشر جنوبًا عبر القارة من هناك.

ووصف محللو الدراسة هذا الاتصال بين الشرق والغرب بأنه أقدم شبكة اجتماعية تم تحديدها على الإطلاق وأبعد “اتصال أسلوبي” تم توثيقه في العصر الحجري.

وفي حين أنه من الممكن أن تكون الخرزات قد تم تبادلها بشكل مباشر بطريقة ما، اعتقدت ميلر أنه من المرجح أنه تم تبادل طريقة صنع هذه الحلي.

ومع ذلك، يبدو أن هذه الشبكة قد انهارت قبل 33 ألف عام.

وبعد هذه النقطة الزمنية، بدا أن استخدام الخرزة اختفى في جنوب إفريقيا، مع استمراره في شرق إفريقيا، ومنذ حوالي 19 ألف عام، عادت الخرزات إلى الظهور في جنوب إفريقيا وبأعداد أكبر بكثير وبأسلوب مختلف.

وقالت الدراسة إن المجموعتين، التي بدت متشابكة فيما يبدو، ظلت معزولة حتى تم إدخال رعي الماشية في جنوب إفريقيا منذ حوالي 2000 عام.

ويعتقد مؤلفو الدراسة أنه منذ حوالي 33 ألف عام، تحركت ظاهرة أرصاد جوية تُعرف باسم منطقة التقارب بين المدارات جنوبًا، مما تسبب في فيضانات في تجمعات نهر زامبيزي.

وتربط هذه المنطقة شرق وجنوب إفريقيا، ويمكن أن يكون الفيضان قد شكل حاجزًا أمام التفاعل البشري، وفقًا للمؤلف المشارك في الدراسة ييمينغ وانغ، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في قسم الآثار في معهد “ماكس بلانك”.

وقالت ميلر إنه في جنوب إفريقيا، من الممكن أن تكون المجموعات السكانية قد تشتت بعد ذلك إلى مجموعات أصغر كانت بحاجة أقل لصنع الحلي على شكل خرز من قشر بيض النعام، أو قد يكون السبب هو عدم معرفة عدد كافٍ من الناس بالتقاليد، أو المهارات الكامنة وراءها، لتستمر لبعض الوقت.

وأضافت أنه “نظرًا لأن الخرزات من هذا النوع تتطلب عمالة كثيفة، فهي مفيدة حقًا فقط إذا كان لديك شبكة اجتماعية كبيرة بما يكفي لتحتاج إلى اتصال رمزي”.

وأوضحت أن العيش في مجموعات أصغر على سبيل المثال مع عائلة مباشرة أو ممتدة، يمكن أن يكون أكثر تكلفة من كونه مفيدًا، حيث تنقل الرسائل التي قد يعرفونها بالفعل من خلال وسائل أخرى”. (CNN)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها