فرانس برس : قرار مضاعفة عدد المستوطنين في الجولان يحيي آمال البعض ومخاوف آخرين
في مستوطنة كاتسرين في هضبة الجولان المحتلة، تجري الجرافات أعمال حفر تمهيدا لبناء حي جديد لعائلات من الطبقة المتوسطة، بعد إقرار الحكومة الإسرائيلية خطة بقيمة مليار شيكل (317 مليون دولار) لمضاعفة سكان المنطقة.
ويقول رئيس بلدية المستوطنة ديمي أبارتزيف الذي رحب بخطة الحكومة الخمسية التي أُقرّت الأحد “خلال 20 إلى 30 عاما، سيزيد تعداد سكان كاتسرين من تسعة آلاف إلى نحو 50 أو 60 ألفا”.
ووفقا لما هو معلن، سيتم بناء أكثر من 10 آلاف وحدة سكنية جديدة ثلثها تقريبا في كاتسرين.
ويتنافس الإسرائيليون للحصول على فرصة امتلاك منزل فخم يطل على مناظر خلابة بأسعار معقولة في المستوطنة التي يفخر سكانها بتماسكهم وبقيم التعددية.
ويعيش نحو 25 ألف مستوطن إسرائيلي في مرتفعات الجولان التي ضمتها الدولة العبرية قبل أربعين عاما من سوريا بعد أن احتلتها في العام 1967، هذا بالإضافة إلى 23 ألف سوري بقوا في أراضيهم.
وعلى بعد نحو 35 كيلومترا شمال كاتسرين يعيش دروز عرب في خمس قرى على الحدود مع سوريا، وهم سوريون لديهم أوراق إقامة إسرائيلية.
يقول المخطط العمراني في مركز “المرصد” لحقوق الإنسان في قرية مجدل شمس نزيه بريك “اليوم ولأول مرة عدد المستوطنين أكبر من عدد السكان”.
وتبدو مجدل شمس مزدحمة للغاية دون مساحات عامة أو مفتوحة ذلك على النقيض من الشوارع والمتنزهات في كاتسرين.
وتفصل حقول خضراء شاسعة بين التجمعين السكانيين، جزء منها يبدو رعويا لكن في الواقع هناك مساحات كبيرة منها عبارة عن مناطق عسكرية.
ويمكن مشاهدة الدبابات الإسرائيلية خلف الأشجار بينما ترعى قطعان الأبقار على مقربة من موقع حيث يجري جنود تدريباتهم.
وبالنسبة لبريك “إسرائيل على مدى التاريخ كانت تستعمل المستوطنات والوجود البشري كمكمل للاحتلال العسكري”.
ويضيف “كان الأمران على الدوام مرتبطين ببعضهما”.
– أزمة هوية –
فعليا، لن تؤثر الخطة الإسرائيلية المعلنة على السكان السوريين إذ أن “مصادرة الأراضي اكتملت فعلا منذ بداية الاحتلال”، بحسب بريك.
لكنها قد تؤثر على الهوية المعقدة للسكان المحليين الذين يعيشون في الأراضي التي احتلتها إسرائيل.
بالنسبة للطالب الجامعي العربي هاني زهوة من بقعاتا فإن أبناء جيله يواجهون أزمة هوية وعملية “أسرلة” (أي محاولة إقناعهم بتبني القيم والثقافة الإسرائيلية).
ويرى الشاب أن انقسام مجتمعه الدرزي حيال القتال في سوريا والمستمر منذ أكثر من 11 عاما، كان فرصة انتهزتها إسرائيل للتأثير على هوية الجيل الشاب.
وشهدت السنوات الأخيرة اختيار العديد من أقران زهوة الذين نشأ معهم، أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين وهو أمر يخالف تقليد مستمر منذ عقود في مجتمعهم الذي يؤمن بضرورة الحفاظ على الهوية الوطنية السورية.
وينوّه زهوة إلى أن إسرائيل “تلعب على الوتر الطائفي” من خلال التأكيد على ديانة طائفته الدرزية وتحييد هويتها الوطنية بمقارنتها مع مجتمع الدروز داخل إسرائيل.
وينظر إلى دروز إسرائيل على أنهم بالمجمل متحالفين مع الدولة العبرية ويخدمون في الجيش الإسرائيلي.
وحول ما إذا كان يفكر في تأسيس حياة في أحد المشاريع السكنية الجديدة في كاتسرين، يقول زهوة إنه من غير المعقول أن يعيش في احد مشاريع البناء الجديدة في المستوطنة.
ويضيف “كمواطن سلمي أعيش في الجولان لدي مهمة واحدة ووحيدة وهي الحفاظ على هويتي”.
ويدعو رئيس البلدية أبارتزيف، وهو مهاجر يتحدر من الاتحاد السوفياتي السابق، إلى “احترام السكان الأصليين”.
ويضيف “هذا مجتمع تعددي للغاية، يحب الحياة ويحترم الجميع”.
ويعتبر أبارتزيف أن “الدروز (العرب) في شمال هضبة الجولان جزء لا يتجزأ من الواقع هنا”.
ويضيف “يمكن أن تلحظ ذلك في البناء والتخطيط والتعليم والصحة والمعلمين والأطباء والممرضات”.
ويشير إلى نية لإنشاء مدرسة مختلطة تخدم الطلبة سواء من كاتسرين أو قرية بقعاتا العربية المجاورة.
– “اللحظة المناسبة” –
تنتظر خطة الحكومة المعلنة موافقة مجلس الوزراء.
وقال رئيس الوزراء نفتالي بينيت “بعد سنوات من الحرب الأهلية في سوريا، فإن الجميع على دراية بأن مرتفعات الجولان هادئة وخضراء ومتطورة”.
ويعتبر بينيت أن “مرتفعات الجولان خيار موفق للأشخاص الذين يعملون من المنزل ويهتمون بالهواء النقي والمكان ونوعية الحياة”.
واستشهد رئيس الوزراء باعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان في العام 2019 واعتبر أن هذه هي “اللحظة” المناسبة للاستيطان هناك خاصة وأن إدارة الرئيس بايدن أوضحت أن “لا تغيير في سياستها”. (AFP)
[ads3]