ألمانيا : باحث عربي يفوز بجائزة علمية مرموقة لتوصله إلى اكتشاف مهم عن ” المرض الخبيث ”
فاز الباحث المصري الدكتور أحمد صادق، مؤخراً، بجائزة ألمانية مرموقة، لاكتشافه إنزيماً جديداً يساعد في فهم عدم استجابة بعض مرضى السرطان للعلاج المناعي.
ومنح المركز الألماني لأبحاث السرطان جائزة “ريشتسين هاينز” للأبحاث المتميزة في مجال علاج الأورام عن عام 2021 لصادق، تقديراً لاكتشافه في مجال أبحاث السرطان.
وعن إنجازاته العلمية، قال صادق لموقع “سكاي نيوز عربية”: “خلال 3 سنوات، وتحديداً من 2018 إلى 2021 نشرت 14 ورقة بحثية في مجلات علمية مرموقة، مثل Cell وNature Communication، كما سجلت 3 براءات اختراع دولية، وحصلت على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف من جامعة هايدلبيرغ في ألمانيا في الأحياء والمعلوماتية الحيوية”.
وأوضح الباحث المصري أن الجائزة التي حصدها تمنح مرة كل عامين، ويتم اختيار المرشحين لها بعناية فائقة وفق عملهم على أبحاث السرطان من الحاصلين على درجة الدكتوراه التي لم يمر عليها أكثر من عامين، والذين يساعدون من خلال أبحاثهم على توفير فرص أفضل لتطوير العلاجات الخاصة بهذا المرض.
وأشار صادق إلى أنه “يمكن للباحثين بالمراكز البحثية المرتبطة بجامعة هايدلبيرغ، وهي الجامعة المتعاونة مع المركز البحثي الذي يمنح الجائزة، التقدم إلى الجائزة”، لافتاً إلى أنه تمت مناقشة دراسات 400 باحث خلال العامين الماضيين قبل إعلان الفائز في هذه المسابقة لعام 2021.
ووفق الباحث، فإن “أهمية هذه الجائزة تأتي من كون البروفيسور هارالد تسور هاوزن، الحاصل عليها في عام 1977، حصد جائزة نوبل في مجال الطب لعام 2008، مما جعلها ذات معامل تأثير قوي للباحثين أثناء نشر أبحاثهم، وترشيحهم إلى الجوائز العلمية المرموقة الأخرى”.
وقال صادق إن البحث الذي حصل بموجبه على الجائزة كان “نتاج رسالة الدكتوراه الخاصة بي، حيث اكتشفت إنزيماً جديداً يسبب مقاومة الأورام السرطانية للعلاجات المناعية التي تعطى للمريض، ويمثل هذا البحث إجابة عن سبب عدم استجابة الكثير من مرضى السرطان لهذا النوع من العلاج”.
وكشف أن هذه الدراسة “تحفز على القيام بدراسات إكلينيكية أخرى للتعرف على طبيعة عمل هذا الإنزيم”، مضيفاً أن تكلفة البحث بلغت نحو مليوني يورو تكفلت بها هيئات مانحة، واستغرق 5 سنوات.
وشدد الباحث المصري على أهمية إنجازه العلمي وتفرده، قائلاً: “كنت الوحيد من بين الفائزين الـ8 بالجائزة التي حصلت عليها نتيجة عملي في علم الأحياء الحاسوبي، الذي يعتمد على استخدام أحدث تقنيات الرياضيات التطبيقية والمعلوماتية والإحصاء وعلوم الكمبيوتر، لحل مشكلات بيولوجية حيوية”.
وتحدث صادق عن الحافز الذي جعله ينطلق في بحثه، قائلاً: “تعود أهمية هذا البحث إلى الإجابة عن سؤال يقول: لماذا لا يستجيب 20% من مرضى السرطان الخاضعين للعلاج المناعي للعلاج؟، فرغم التقدم الهائل في مجال علاجات السرطان التي تهدف إلى تعزيز وتحسين قدرة الجهاز المناعي للأشخاص المصابين على تتبع الخلايا السرطانية والتخلص منها من خلال تعطيل الخلايا السرطانية، فإن هذه النسبة تمثل من لا يستجيبون للعلاجات المحفزة للجهاز المناعي”.
واسترسل: “هذا السؤال ساعد في اكتشاف العديد من الباحثين لبعض من أنواع السرطان التي تنتج عوامل تتغلب على هذا النوع من العلاج المناعي، مما نتج عنه تصميم تجارب إكلينيكية تجمع بين كل من العلاجات المناعية والأدوية التي تستهدف عوامل المقاومة، لكن للأسف فشلت هذه التجارب، وبالتالي أصبح هناك ضرورة لمعرفة السبب وراء ذلك”.
ولجأ الباحث المصري، الذي تتبع البروتينات الرئيسية المنظمة لعمل الخلايا المناعية من خلال استخدام علم المعلومات الحيوية، إلى دراسة أهم هذه البروتينات وهو “AHR”، الذي يشبه في عمله عمل الحسّاس، فهو يشغّل برامج جينية مختلفة عند الشعور بوجود تغيرات كيميائية معينة تحدث في الجسم، تؤدي إلى تعديل وظائف الخلايا المناعية وفقاً للموقف الذي يواجهه.
وأوضح صادق أن “الأورام تعلمت استخدام هذا البروتين جيدا، من خلال تفعيل برامج جينية مختلفة لتغيير الخصائص الخلايا السرطانية وجعلها أكثر عدوانية وقدرة على الهروب من الجهاز المناعي، وكذلك لتعطيل عمل الخلايا المناعية في الوقت ذاته.
وتكمن الصعوبة في أنه إذا أصيب شخصان بنوع السرطان ذاته، تكون استجابة هذا البروتين مختلفة في كل واحد منهما، وهو الأمر الذي حيّر الباحثين وقتها لغياب طريقة تمكنهم من معرفة طبيعة نشاط بروتين “AHR” المختلفة باختلاف نوع السرطان والمواد المنشطة له، التي تتغير من مريض إلى آخر.
ومن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي والمعلوماتية الحيوية والتعلم الآلي، تمكن صادق من استحداث طريقة جديدة تسمح باكتشاف ما إذا كان تم تنشيط هذا البروتين أم لا، وكذلك تحديد العوامل التي تسببت بتنشيطه، ونوع البرامج الجينية التي ستنتج عنه مع اختلاف نوع السرطان والمواد المنشطة.
وكل ذلك وفّر قدرة على توقع أي من المرضى يمكن أن يستجيب للعلاجات المنشطة للجهاز المناعي، وكذلك تحديد أي منهم قد تصبح استجابته أفضل لو تلقى علاجات أخرى.
وكانت نتيجة كل ما سبق اكتشاف إنزيم جديد موجود في العديد من السرطانات، الذي بدوره ينشط “AHR”، وكذلك تحديد الدور الذي يلعبه الأنزيم الجديد في زيادة عدوانية الخلايا السرطانية وإضعاف وتثبيط الخلايا المناعية، كما وجد أن العلاج المناعي لمرضى سرطان الجلد يؤدي إلى ارتفاع نشاط بروتين “AHR” بشكل كبير، وهذا بدوره يزيد من إنتاج الأنزيم المكتشف بكميات كبيرة، الأمر الذي يؤدي إلى احتمالية زيادة عدم استجابة هؤلاء المرضى للعلاجات المناعية.
ويعد هذا الاكتشاف إحدى براءات الاختراع الـ3 التي حصل عليها الباحث المصري، حيث كانت براءة الاختراع الثانية عن استحداث طريقة للكشف عن مركبات معينة في الدم أو عينات الأورام التي من خلالها يمكن معرفة هل يمكن للأورام أن تقاوم العلاج الذي ينشط الخلايا المناعية أم لا.
أما براءة الاختراع الأولى، فكانت عن طريقة اكتشاف وتطوير المواد الفعالة التي من الممكن أن تستخدم في تطوير أنواع جديدة من العلاجات، بما يمكن أن يحسن من أداء الجهاز المناعي في مقاومة الأورام.
يذكر أن صادق زميل وباحث أول بالمركز الألماني لأبحاث الأورام في هايدلبيرغ بألمانيا، ومسؤول عن تقييم وترخيص الاختراعات وحقوق الملكية الفكرية بالمركز الألماني في مجال أبحاث الأورام المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. (SKYNEWS)[ads3]