200 ألف نسمة .. أزمة لبنان الاقتصادية تفاقم معاناة اللاجئين الفلسطينيين

فاقمت الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ عام 2019، معاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين يُكابدون البؤس وآلام اللجوء وحالات القهر وارتفاع نسبة الفقر والبطالة.

وشكا لاجئون فلسطينيون في مخيم “برج البراجنة” بضاحية بيروت الجنوبية، عدم استطاعتهم تحمل تكلفة أكثر من وجبة واحدة يوميا، وسط أوضاع اقتصادية صعبة يمرون بها جراء ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية.

اللاجئون الفلسطينيون، الذين يمنعهم القانون اللبناني من ممارسة أغلب المهن، هم من بين الفئات الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ نحو سنتين ونيّف في لبنان.

تأسس مخيم برج البراجنة في 1948 بضاحية بيروت الجنوبية، ويعيش فيه 50 ألف نسمة في 2 كلم مربع، ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم يعاني سكانه من فقر وإهمال كبيرين.

ويوجد 12 مخيما للاجئين الفلسطينيين في لبنان، يعيش فيها ما يقرب من 200 ألف نسمة، تحت رعاية الأمم المتحدة في مناطق متفرقة من البلاد.

وعلى الرغم من أن معظم اللاجئين الذين يعيشون في المخيمات ولدوا وتعلموا في لبنان، فإنهم لا يستطيعون العمل في أي نقابة مهنية خارج المخيم، لعدم تمتعهم بحقوق المواطنة.

الحاج الفلسطيني “أبو ناصر” (75 عاما) وصف لمراسل الأناضول الوضع الاقتصادي الحالي بأنه “سيء ولا يُطاق، خصوصاً أنني أعمل على عربة لبيع الخضار لأعيل أسرة مكونة من 9 أفراد”.

وقال أبو ناصر: “كلاجئين فلسطينيين، ليس لدينا عمل ولا راتب في لبنان، وأعرف الكثير من العائلات في المخيم يطعمون أطفالهم الخبز المغمس بالشاي”.

وتابع: “قبل أزمة وباء كورونا، كنا نعيش مأساة كبيرة لكن كنا نستطيع تأمين الأكل والشرب.. اليوم ومع ارتفاع الأسعار بسبب تدني قيمة الليرة اللبنانية (مقابل الدولار)، فلا نستطيع العيش”.

وأشار اللاجئ الفلسطيني إلى أنه مستعد للعمل في أي شيء، وهو لا يهرب من أية فرصة عمل تتوافر أمامه، ولكن الأجر لا يزيد على 5 دولارات يوميا.

وتساءل: “كيف سأعيش إذا كان ثمن كيلوجرام السكر دولار واحد وسلة البيض 4 دولارات؟ نحن 9 أشخاص ولا يعمل أحد سواي.. صدقني، بكيت في المنزل أمس لأنني لا أستطيع شراء ما تحتاجه أسرتي”.

وتابع: “الفلسطينيون المقيمون بالمخيمات في لبنان جائعون”.

وقال أحد الفلسطينيين في لبنان إنه حاول الهجرة إلى أوروبا مرات عدة، إذ استدان 7 آلاف دولار، ولكنه لم ينجح.

من جهته، أشار المعلم أكرم (60 عاما)، وهو بائع سمك داخل مخيم برج البراجنة، إن “الوضع الاقتصادي سيء، ولا يستطيع أحد شراء أوقية لحم لإطعام أولاده، جراء عدم توافر فرص عمل لنا”.

وقال في حديث للأناضول: “لدي ثلاثة أولاد جميعهم متعلمون، ولكنهم لا يجدون عملا ولا أستطيع دفع إيجار المنزل، فالأوضاع المعيشية تزداد سوءا مع الارتفاع المستمر في سعر الدولار”.

** تدني أجور الأطباء الفلسطينيين
طبيبة الأسنان إميليا حبيب، وُلدت ونشأت في مخيم برج البراجنة وتعمل منذ 30 سنة في مركز صحي داخل المخيم، أفادت أنها رغم تلقيها تعليمها في لبنان، إلا أنها لا تستطيع العمل في اختصاصها أو فتح عيادة خارج المخيم، مثل زملائها اللبنانيين.

وقالت للأناضول: “افتتح زملائي في الجامعة عياداتهم الخاصة في مختلف المناطق اللبنانية.. أما أنا، فممنوع عليّ ذلك بحكم القانون”.

وأوضحت أنه بحسب القانون اللبناني، لا يُسمح للأطباء الفلسطينيين اللاجئين بالعمل خارج المخيمات، مشيرة إلى أن “أجرة الطبيب داخل المخيم تختلف عنها خارجه، بسبب الفقر في جميع مخيماتنا”.

ولفتت إلى أن راتبها حاليا، يبلغ نحو ربع ما كان عليه قبل الأزمة، إذ كان ألف دولار فيما هو اليوم لا يتجاوز 200 دولار، وهذا ينطبق على جميع الأطباء الفلسطينيين”.

وتابعت: “الأطباء الفلسطينيون يغرقون حاليا في بحر إيجه (غرب تركيا)، وهم يحاولون الهجرة إلى أوروبا من أجل حياة أفضل”.

** القوة الشرائية تضعف يوما بعد يوم
وقال إيهاب توتنجي، رئيس “مؤسسة غوث للتنمية البشرية” التي تقدم المساعدات للاجئين في المخيم بدعم من دول مختلفة، وخاصة تركيا، إن وضع اللاجئين مؤسف في جميع مجالات الحياة.

وأشار توتنجي للأناضول، إلى أن “القوة الشرائية للاجئين تزداد ضعفاً يوماً بعد يوم.. الكثير من منظمات الإغاثة تخلت عن الدعم المالي بسبب أزمة كورونا”.

وأضاف: “أثرت الأزمة الاقتصادية في لبنان بشكل خطير على جميع مجالات الحياة”، لافتاً إلى المشكلات التي يعانيها لبنان على صعيد الكهرباء والغذاء والدواء.

وتابع: “إلى ذلك، تواجه كل المخيمات الفلسطينية في لبنان مشكلات في البنى التحتية عموما”.

ولفت إلى أن الحد الأدنى للأجور في لبنان انخفض إلى أقل من 30 دولارا شهريا، وإذا عمل عامل فلسطيني، فيمكنه كسب 5 دولارات كحد أقصى في اليوم.

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي أصدر وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم، قرارا يستثنى من قانون حصر المهن الحرة، الفلسطينيين المولودين في لبنان والمسجلين رسميا في سجلات وزارة الداخلية والبلديات، فيما دعا رئيس أكبر تكتل نيابي لبناني مسيحي جبران باسيل إلى “كسر” القرار عقب صدوره بيوم واحد.

وفي لبنان، هناك شرط العضوية النقابية للتمكن من العمل في العديد من مجالات الأعمال، وخاصة الصحة والمحاماة، إذ يُسمح للمواطنين اللبنانيين فقط أن يصبحوا أعضاء نقابيين، ولا يُمنح هذا الحق للاجئين الفلسطينيين.

وحذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، في 9 ديسمبر الماضي، من استمرار تدهور الوضع المعيشي في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إثر الانهيار الاقتصادي في البلاد.

ويعيش 174 ألفا و422 لاجئا فلسطينيا، في 12 مخيما و156 تجمعا في محافظات لبنان، وفق إحصاء أجرته إدارة “الإحصاء المركزي اللبنانية” (حكومي) عام 2017. (ANADOLU)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها