المستشار الألماني السابق يُحرج برلين بعلاقته مع بوتين

غضت ألمانيا النظر على مدى سنوات عن علاقة مستشارها السابق غيرهارد شرودر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتعاملاته المالية المربحة مع روسيا.

ولكن في ظل المخاوف من غزو روسي محتمل لأوكرانيا، والشكوك في موقف ألمانيا الباهت، يُنظر بشكل متزايد إلى شرودر على أنه عبء على المستشار الجديد أولاف شولتس، ما يغذي المطالبات بقطع العلاقة مع المسؤول السابق الداعم للكرملين.

وفي مقال قالت مجلة “دير شبيغل” الأسبوعية “شرودر عبء على السياسة الخارجية الألمانية وعلى حزبه السابق، لديه أهداف واضحة، لا لبلاده، بل لنفسه”.

وقوبلت دعوة شرودر لأوكرانيا أخيراً بالتوقف عن “عرض قوتها” بصدمة واسعة في ألمانيا، حتى في أوساط الشخصيات المقربة تاريخياً منه في صفوف الحزب الاشتراكي الديموقراطي.

وترافق ذلك في الأسبوع الماضي، مع إعلان تولي شرودر مقعد في مجلس إدارة مجموعة غازبروم الروسية العملاقة للطاقة، بينما كشفت تقارير أنه عقد في الشهر الماضي محادثات حول روسيا مع مسؤول في وزارة الداخلية من الحزب الاشتراكي الديموقراطي.

ويأتي الجدل في فترة محرجة لشولتس الذي يواجه اختباراً مهماً في الأسبوع المقبل عندما يتوجه إلى موسكو لعقد أول محادثات مباشرة مع بوتين منذ توليه السلطة.

واتُّهم شولتس بالبطء في التدخل في السجال الدبلوماسي بسبب أزمة أوكرانيا فيما اعتبرت رسالة ألمانيا غامضة عن وقوفها صفاً واحداً مع حلفائها ضد التهديد الروسي.

وتحت ضغط الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، شدد شولتس أخيراً موقفه من روسيا إذا غزت أوكرانيا وتحدث عن عقوبات تشمل وقف خط أنابيب غاز “نورد ستريم2” لغازبروم، إذا غزت أوكرانيا.

وكان شرودر، الذي شغل منصب المستشار من 1998 إلى 2005، هو الذي أقر أول خط أنابيب “نورد ستريم” بين روسيا وألمانيا في أسابيعه الأخيرة في المنصب، واليوم يترأس لجنة أصحاب الأسهم في شركة “نورد ستريم”، كما أنه رئيس مجلس إدارة شركة “روسنفت” الروسية العملاقة للنفط.

ونفى شولتس في مقابلة تلفزيونية أي تأثير لشرودر عليه قبل زيارته لموسكو، وقال: “لم أطلب منه أي نصيحة، ولم يعطني هو أي نصيحة، هناك مستشار واحد فقط، أنا”.

وقالت المحللة السياسية أورسولا موينش إن “بوتين وشرودر أقاما على ما يبدو صداقة حقيقية مبنية على الثقة، عندما كان المستشار السابق في السلطة”، وأضافت أنها “مشكلة عندما يستغل مستشار سابق نشاطاته السياسية الماضية وعلاقاته لجني المال”.

ودافع الحزب الاشتراكي الديموقراطي تاريخياً عن علاقات وثيقة مع روسيا، نتيجة استراتيجية “أوستبوليتيك” للتقارب والحوار مع الاتحاد السوفيييي والتي وضعها المستشار الأسبق ويلي برانت في سبعينات القرن الماضي.

وواصل المستشارون المتعاقبون هذه السياسة لكن بدرجات متفاوتة، بمن فيهم المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، التي ركزت على الفوائد الاقتصادية للتعامل مع روسيا، في إطار استراتيجية “فاندل دورش هاندل” أي التغيير عبر التجارة.

ولكن حتى في أوساط السياسيين الألمان المتعاطفين مع روسيا وشكواها التاريخية من توسّع حلف شمال الأطلسي، بدأ الصبر ينفد على شرودر الذي احتفل بعيد ميلاده السبعين، مع بوتين في سان بطرسبرغ.

وقال العضو المخضرم في الحزب الاشتراكي الديموقراطي، رودولف دريسلر لـ”دير شبيغل” إن “سلوك شرودر مخجل”، وحض قيادة الحزب على مطالبته بتجنب التعليق على القضايا السياسية علناً.

ودعا سياسيون معارضون و منتمون إلى شريك الحزب الاشتراكي الديموقراطي الأصغر في الائتلاف “الحزب الديموقراطي الحر” الليبرالي، إلى سحب ميزات شرودر باعتباره مستشاراً سابقاً، بما في ذلك المكتب مع موظفين وسائق.

وأفاد النائب فولكر أولريش من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي صحيفة “بيلد” بأن على دافعي الضرائب الألمان أن يتوقفوا عن “تمويل جماعات الضغط من أجل روسيا”، مقترحاً أن تدفع غازبروم نفقات شرودر.

وقالت نائب مدير مركز أبحاث “صندوق مارشال الألماني” في برلين سودها دفيفد-فيلب إن الضجة الأخيرة بسبب شرودر “تشتت الانتباه” في أزمة أوكرانيا ولا جديد فيها، وقالت: “يعرف الجميع موقف شرودر، ويعرف الجميع مصدر دخله”.

وأضافت “الأكثر إثارة للاهتمام هو الطريقة التي سيختار بها شولتس والحزب الاشتراكي الديموقراطي إدارة العلاقات مع روسيا”، وتابعت “هل هناك تفاهم مفاده حالياً أن أوستوبوليتيك أو فاندر دورش هاندل، تحولتا إلى فصل من الماضي؟ أم أنهما سيواصلان استخدام المعادلة ذاتها؟”. (AFP)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها