ما الذي سيحدث إذا عشت بقلب إنسانٍ آخر ؟

على إثر تعرّضه لغيبوبة كشفت ضعف عضلة قلبه وحاجته إلى قلبٍ جديد، خضع محمّد خليفة لعمليّة زرع قلب اكتشف من بعدها مشاعر جديدة لم يكن يعرفها سابقاً، ليُفاجأ لاحقاً بأنّها مشاعر المتبرّعة ذاتها.

في قصّةٍ غريبة من نوعها، قد تكون أقرب إلى الخيال، لم يهتمّ الشاب الأردني (31 عاماً) ببعض التحوّلات التي طرأت عليه، كأن أصبح يحبّ القهوة والكشري، لكنّه اكتشف أنّ المتبرّعة -وهي معلّمة لغة إنكليزيّة توفّيت عن عمر 38 عاماً- كانت تحبّهما بعدما تعرّف إلى عائلتها.

وفي حديثٍ إلى وكالة “الأناضول” التركية، قال خليفة إنّه زار منزل عائلة المتبرّعة، وتعرّف إلى والدتها وشقيقتها التوأم، وأصبح فرداً من العائلة. وأشار إلى أنّه شعر في إحدى المرّات بضيقٍ نفسي، وعندما اتّصل بتوأم المتبرّعة أخبرته أنّها تعاني من ضغطٍ نفسي بسبب مشكلة في العمل.

رفض خليفة الإفصاح عن اسم المتبرّعة أو ذكر عائلتها، لكنّه أشار إلى أنّ أكثر موقفٍ غريب عرفه بعد زراعة القلب كان عندما دخل في نوبة بكاءٍ شديدة من دون سبب، رافقها انهيار جسدي، ليتبيّن لاحقاً أنّ المدرسة التي دخل ليعمل فيها هي مدرسة المتبرّعة نفسها.

قد لا يكون محمّد خليفة أوّل متلقٍّ/ية للقلب تنتقل إليه مشاعر المانح/ة. ففي مقالٍ نُشر في العام 2014 عبر موقع Discover Magazine، أجرى باحثون مقابلات مع عيّنة من 47 شخصاً على مدى عامين في فيينّا خضعوا لعمليّة زراعة قلب.

ووجد الباحثون أنّ 79% منهم لم يشعروا بتغييرٍ في شخصيّتهم بعد الجراحة، مقابل 15% شهدوا تغييراً في الشخصيّة نتيجة أهميّة الحدث الذي غيّر حياتهم، في حين أنّ 6% أكّدوا حصول تغييرٍ جذري في شخصيّتهم.

القصّة الأغرب في هذا الإطار هي لمدير إحدى بطولات الغولف التراثيّة (بين 1979 و1983) الذي خضع لعمليّة زراعة قلب وتزوّج لاحقاً من أرملة المتبرّع، ثم توفّي بالطريقة نفسها.

وفي التفاصيل، فإنّ سوني غراهام وُجد في العام 2008 ميتاً في منزله نتيجة طلقٍ ناري في حلقه، بعد مرور 12 عاماً من حصوله على قلب المتبرّع تيري كاتل، الذي كان قد توفّي بالطريقة نفسها، نتيجة جرحٍ أُصيب به من طلقٍ ناري.

كلّ تلك المعلومات لا تتخطّى كونها معلومات وصدف غريبة ربما. فحتى السّاعة لا توجد دراسات علميّة صادرة عن جهات موثوقة تؤكّد أنّ مشاعر الشخص الذي منح قلبه تنتقل إلى من يُزرع له هذا القلب.

فالمشاعر لا تأتي من القلب بل من العقل، الخلايا العصبيّة في دماغنا هي المسؤولة عن إنشاء العواطف وتخزينها، في حين أنّ القلب، ورغم احتوائه على جهازٍ عصبي خاص، فإنّ خلاياه العصبيّة قليلة ومهمّتها تنظيم ضربات القلب لا أكثر.

لكن، وفي العام 1998، أثار كتاب الدكتور بول بارسيل (وهو أخصّائي في علم النفس العصبي) بعنوان “شيفرة القلب” جدلاً في الأوساط الطبيّة؛ إذ كشف أنّ القلب أكثر من مجرّد مضخّة، بل يحتوي على معلومات مخزّنة تنبض باستمرار في جسمنا، مؤكّداً حصول تشابه بين شخصيّات المزروع لهم والمتبرّعين.

وأورد د. بارسيل في كتابه عدّة حالات في هذا الإطار، من بينها حالة شاب (18 عاماً) كان يكتب الشعر ويعزف ويغنّي، توفي في حادث سيارة ونُقل قلبه إلى فتاةٍ في العمر نفسه تقريباً. وخلال مقابلةٍ لها مع والدَي المتبرّع، عزفت أمامهما موسيقى كان يعزفها ابنهما، وأكملت كلمات أغنية كان يردّدها، رغم أنها لم تسمعها من قبل.هذا الاكتشاف دعمته لاحقاً بعض الدراسات، التي أشارت إلى أنّ القلب يخزّن الذكريات بواسطة الخلايا العصبيّة التي تسمح للنظام الحسّي بالتعرّف إلى الروائح، وفقاً لنظريّة الذاكرة الخلويّة غير المثبتة علميّاً حتى اللحظة.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها