بعد حريق أودى بحياة سوريين في اسطنبول .. وسائل إعلام تركية : لو كان هناك سلم نجاة في البناء لما فقدوا حياتهم

سلطت وسائل إعلام تركية الضوء على الحريق الذي اندلع في إسطنبول، وراح ضحيته خمسة شبان في مقتبل العمر، بينهم ثلاثة سوريين.

وقال موقع “بيرغون” التركي، بحسب ما ترجم عكس السير، إن الحريق الذي وقع في ورشة بمنطقة غون غوران، كان يمكن تفادي نتائجه الكارثية، لو كان هناك مخرج للطوارئ.

وأضاف الموقع، الذي أشار إلى أن ثلاثة من الذين قضوا في الحريق، هربوا من الحرب الدائرة في سوريا منذ أكثر من عشرة أعوامـ اعتقاداً منهم أنهم سوف يتنفسون تنفس الصعداء، ولم يعلموا أن القدر خلفهم أينما ذهبوا.

من أمام المبنى الذي توفي فيه 5 أشخاص، في شارع سنان باشا في منطقة الصناعة غون غوران، ما تزال رائحة الحريق قوية، المنطقة الصناعية المليئة بالورش المختصة بإنتاج زينة الملابس وإكسسوارات الستائر والدانتيل.

ثلاثة من الذين ماتوا بالحريق سوريون، هم: جاسم الفقيه، عدي الوديد، وماجد الجدعان، ولقي معهم عامل أوزبكي وآخر إيراني مصرعهم في الحريق المذكور.

أربعة أشخاص عُثر على جثثهم في الحمام بعد ساعات قليلة من السيطرة على الحريق، أربعة أشخاص، ركضوا إلى الباب الحديدي، الذي وجدوه مغلقاً، وحاولوا فتحه، لكن عندما لم يفتح، لجؤوا إلى المرحاض للحماية وفقدوا حياتهم بالتسمم بالدخان، وتم العثور على جثة العامل الإيراني في اليوم التالي تحت قطع من الخشب المحترق.

المكان الذي اندلع فيه الحريق ليس ورشة نسيج كما قيل في البداية، بل ورشة عمل يتم فيها طلاء المفصلات الموجودة في الطابق الأول، وصقلها وتجميعها، يُعتقد أن الحريق ناتج عن شرارة كهربائية، بسبب ماس، انتشر إلى مواد قابلة للاشتعال بعد فترة، ثم وقع الانفجار.

معظم القتلى والناجون سوريون وأقارب، يعيش 8-10 أشخاص معًا في شقة متداعية لا تصلح أن تكون حظيرة للحيوانات، ولكن بسبب ظروفهم الصعبة وغلاء الإيجارات، ولكي يستطيعوا توفير بعض المال لكي يرسلوها إلى عائلاتهم الموجودة بسوريا، يقول أحد الشبان الناجين من الحريق، يدعى باسم، ويبلغ من العمر 20 عامًا، ونجا بالقفز من النافذة، ما تسبب بكسر ساقه:

“كل شيء حدث بسرعة، كان هناك 50 علبة من المواد القابلة للاشتعال، الشباب الذين ماتوا هم أقربائي، لقد أتينا إلى إسطنبول منذ عام واحد، كنا نعيش في محافظة دير الزور، الحرب أنهت كل شيء هناك، نحن نكسب المال ونرسله إلى عائلاتنا”.

“نخلط المواد الولية لكي نصنع منها الطلاء، ونحصل لقاء هذا العمل على أجر أسبوعي هو 900 ليرة تركية، لا يوجد تأمين ولا وثائق، أصرف من المال القليل منه وأرسل الباقي إلى والديّ، لا يزال لدي وطن جريح ينزف دماً، أريد العودة، على الأقل سأكون مع أمي وأبي، حتى لو كنت جائعًا”.

“عندما وقع الانفجار، ركضنا جميعًا كل لجهة ما، والشباب الأربعة دخلوا ذلك المرحاض لحماية أنفسهم من اللهب، ولكن قلة الأكسجين وشدة الحريق وكثرة الدخان كان السبب في وفاتهم، ماتوا بالتسمم بالدخان المنبعث من النيران”.

أما محمد البالغ من العمر 22 عاماً وهو الأخ الأكبر لجاسم الذي توفي بالحادث، يقول: “نحن 5 أشقاء، جئنا ثلاثة إلى تركيا وعملنا في ورشة العمل مع أشقائي، توفي أخي وأعلمت والدتي بالنبأ، فهل تتصورون كيف كان هذا النبأ لأم لم ترى ابنها منذ أكثر من عام، كانت صدمة كبيرة لأمي”.

جاسم الذي كان له حبيبة في سورية، كان يحلم أن يعمل ويجمع المال من أجل العودة والزواج بها، وأضاف قائلاً: “عندما بدأت الحرب لم يبق هناك مدارس”، ويوضح محمد أنهم يعملون 11 ساعة في اليوم، ويأخذون استراحة لمدة 15 دقيقة مرتين في اليوم، راتبهم الأسبوعي 900 ليرة تركية مع بداية بداية العام الحالي، وتابع: “أطلب وأتمنى معاقبة المسؤولين عن وفاة أخي، لن أستطيع الاستمرار هنا بعد الآن، سأعود إلى بلدي مهما حدث، لم أتمكن حتى من دفن أخي لعدة أيام”.

وقال ناج آخر: “ماجد الذي توفي بعمر 18 سنة، بدأ العمل في هذه الورشة منذ 7 أشهر، كان أعز صديق عندي، كنا شابين لنا نفس الاسم، الآن رحل ماجد وبقيت أنا ماجد الثاني، أذكر أن الجميع تفرقوا في حالة ذعر، سأقول إن مشاهدة مثل هذا الاقتراب من الموت في سن 18 أمر صعب للغاية، لكننا ولدنا في منتصف الموت، إننا جميعًا كبار السن رغم صغر عمرنا، شاهدنا الموت في بلادنا، وجئنا إلى هنا لكي نعيش ولكن القدر كان لنا بالمرصاد”.

ويضيف الموقع، أن المنطقة تمتلئ بالعشرات من ورش العمل غير المحمية وغير المنضبطة، تخلو من الهواء في الأقبية المنعزلة، كما هو الحال في العديد من مناطق إسطنبول، وتقول السيدة دريا، صاحبة محل مجاور: “كانوا يمرون من أمام دكاني كل يوم، كلهم صغار السن كبار القدر، حملوا المسؤولية وهم صغار، مات خمسة أشخاص في هذا المبنى، هل يمكن أن اكون الحياة أكثر قساوة من ذلك”.

أما السيد حسن داي أوغلو، وهو صاحب ورشة نسيج في الطوابق العليا من المبنى الذي اندلع فيه الحريق، يذكر أن ورشته تعمل منذ 20 عامًا. ويقول إن ورشة الطلاء التي وقع فيها الانفجار كانت موجودة هناك منذ عام.

ويضيف أنه تم اعتقاله وإطلاق سراحه بعد الحادث، وأن جميع العاملين في شركته مؤمن عليهم، وكان هناك عاملان يعملان في ورشته أثناء الحادث ونجيا من الحريق، ويضيف داي أوغلو إن الحريق الذي اندلع في الطابق الأول امتد إلى الطوابق العليا، وأضاف: “هل ستستمر في توظيف العمال في مثل هذا المبنى غير الآمن؟ لا يوجد حتى درج طوارئ وهروب عند حدوث الحريق، الآن أستعد لمقاضاة المسؤولين”.

وأدت سلسلة الإهمال المرتبطة إلى مقتل خمسة شبان، فيما يلي تسلسل الأخطاء خطوة بخطوة:

• لم يكن هناك رخصة تجارية في المبنى الذي وقع فيه الحريق.

• تم هدم جدران ثلاثة منازل متجاورة مما خلق مساحة كبيرة لاستخدامها كورشة عمل، لذلك، تم تحويل ثلاثة مكاتب أو مساكن إلى ورش عمل.

• هناك طوابق مختلفة في المبنى يملكها أشخاص مختلفون.

• تم كسر الجدران من جميع الجوانب الأربعة للمبنى، وفتح الباب من الطوابق لحمل الأحمال بالداخل عن طريق مصعد.

• في الشقة التي يملكها السيد (كوراي.أ) وهو الآن قيد الاعتقال، كانت مفصلات الأبواب والنوافذ تدهن.

• لم يكن للورشة التي وقع فيها الحريق اسم أو سجل لمكان العمل.

• العمال، وجميعهم تقريبًا من المهاجرين غير الشرعيين، كانوا يعملون في ورشة العمل هنا لمدة عام تقريبًا.

• كما تم استخدام مادة قابلة للاشتعال تحتوي على مذيب أثناء عملية الطلاء، في حين أن لوائح أماكن العمل التي تنطوي على مثل هذا الخطر الكبير يجب أن تكون في مبنى مستقل تمامًا، إلا أنها كانت موجودة في الطابق السفلي من ورش العمل الأخرى حيث تم وضع النسيج.

• ذكرت إدارة الإطفاء أنه تم استلام تقرير الحريق في الساعة 13.34، وذهبوا إلى مكان الحادث في الساعة 13.40، دون معلومات حول عدد الأشخاص الذين كانوا بالداخل.

• مات العمال الأربعة في المرحاض المجاور بالتسمم بالدخان، وتم العثور على جثة شخص آخر تحت الألواح عند نقطة قريبة من الانفجار.

• تم لاحقاً إلغاء باب في منتصف المبنى كان يستخدم كمخرج من الدرج، وتم لحامه.

• تشير التقديرات إلى حدوث شرارة أثناء الحادث، مثل تلامس كهربائي مع المذيب، مما تسبب في نشوب حريق وانفجارات لاحقة، وبالرغم من تدخل العمال بإطفاء الحريق هنا، إلا أن الحريق الذي اشتد في وقت قصير تحول إلى كرة من النار مع انفجار مواد قابلة للاشتعال.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها