كيف يمكن لأوروبا أن تخفض تبعيتها في مجال الغاز وسط الغزو الروسي لأوكرانيا ؟
تقوم استراتيجية المفوضية الأوروبية على اعتماد مصادر طاقة، آمنة و مستدامة وبأسعار معقولة فقد حددت الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي في وقت سابق أيضا أن أزمة أسعار الطاقة تشكل “عائقا” كبيرا لدول التكتّل بسبب تأثير أسعار الغاز العالمية المتقلبة على المواطنين الأوروبيين. و في هذا الصدد، طالبت الهيئات الأوروبية المختصة في مجال الطاقة بضرورة الاستثمار في الطاقات المتجددة باعتبارها “أفضل إجابة للمستقبل”، حسبما ذكر موقع يورأكتيف، الذي أوضح أن الاتحاد الأوروبي يدفع حاليًا ما يقدر بنحو 360 مليار يورو سنويًا لاستيراد الوقود الأحفوري.
إنهاء تدريجي لحماية الوقود الأحفوري
تسعى المفوضية الأوروبية،، إلى إنهاء تدريجي لحماية الوقود الأحفوري في غضون عشر سنوات بموجب معاهدة دولية للطاقة، وذلك بعد دعوات من بعض الدول للانسحاب من المعاهدة ما لم تتواءم مع أهداف المناخ في أوروبا. ومن هذا المنطلق، تعتبر المفوضية الأوروبية أن” التحول الاقتصادي الأخضر والتحول من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة ضرورة وجودية بقدر ما هو فرصة للتنويع الاقتصادي والنمو ”.
إزالة الكربون من نظام الطاقة
تؤكّد النمسا وبلجيكا وألمانيا والدنمارك وإستونيا وأيرلندا ولوكسمبورغ ولاتفيا وهولندا وإسبانيا والسويد، الدور الذي ستلعبه إزالة الكربون من نظام الطاقة في تحقيق أهداف أوروبا المناخية لعامي 2030 و2050.
خفض انبعاثات الميثان
خلال قمة المناخ 26 التي انعقدت في غلاسكو تشرين الثاني/نوفمبر، تعهد أكثر من 80 بلدا، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بخفض انبعاثات الميثان، أحد الغازات الدفيئة الرئيسية المسببة للاحترار العالمي، بنسبة 30 بالمئة بحلول العام 2030، كما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية. وأوضحت أورسولا فون دير لاين أن “الميثان هو أحد الغازات التي يمكننا خفضها بشكل أسرع” من غيره، مشيرة إلى أنه مسؤول عن “نحو 30 بالمئة” من احترار الكوكب منذ الثورة الصناعية. والميثان الذي ينبعث من الزراعة وتربية المواشي والوقود الأحفوري والنفايات، هويندرج ضمن ثاني غاز دفيئة مرتبط بالنشاط البشري بعد ثاني أكسيد الكربون. وعلى الرغم من أنه لا يتم الحديث عنه كثيرا فإن تأثيره على الاحترار أكبر بنحو 29 مرة لكل كيلوغرام من تأثير ثاني أكسيد الكربون على مدى مئة عام، ونحو 82 مرة خلال فترة 20 عاما.
خفض الانبعاثات بنسبة 30 بالمئة بحلول العام 2030
ومع “التدابير التقنية المستهدفة المتاحة”، يمكن خفض هذه الانبعاثات بنسبة 30 بالمئة بحلول العام 2030، 20 بالمئة منها بكلفة منخفضة، وفقا للتقرير. ويمكن أن تخفّض نسبة 15 بالمئة أخرى من تدابير مثل التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والتغييرات في الأنظمة الغذائية.
الرهان على عقود الغاز قصيرة الأجل
أما بشأن الغاز، فإن الرهان على عقود الغاز قصيرة الأجل في سوق السلع العالمية هو مهمة محفوفة بالمخاطر، كما يتضح من الوضع الجيوسياسي الحالي. وجدير أن أوروبا تحصل على أكثر من 40 بالمئة من غازها الطبيعي من روسيا، وحوالي ثلث الغاز الروسي المتدفق إلى أوروبا يمر عبر أوكرانيا.
سيتعين على المستهلكين الأوروبيين- الذين يواجهون بالفعل ارتفاعا قياسيا في أسعار الغاز قياسية – دفع تكلفة أعلى، وهذا من شأنه أن يشكل “تحديا كبيرا من ناحية ارتفاع السعر”. ففي حال أي تعطل بشأن توريد احتياجات أوروبا من الغاز فمن شأنه مفاقمة أزمة طاقة قائمة بالفعل نتجت عن نقص عالمي في إمدادات النفط والغاز.
الطاقة النووية أو مصادر الطاقة المتجددة
لدى عدد من الدول خيارات لسد الفجوة بواردات الطاقة من خلال زيادة توليد الطاقة من الطاقة النووية أو مصادر الطاقة المتجددة أو الطاقة الكهرومائية أو الفحم. لكن توافر الطاقة النووية آخذ في الانخفاض في ألمانيا وبريطانيا وبلجيكا وفرنسا بسبب تقادم المصانع وإيقاف التشغيل والتوقف التدريجي والانقطاع المتكرر.
التحول إلى استغلال الفحم
تحت الضغط لتحقيق الأهداف المناخية، فإن العديد من دول الاتحاد الأوروبي إما أغلقت محطات الطاقة القديمة التي تعمل بالفحم أو لم تعد تبني محطات جديدة. وتحتفظ بعض البلدان بمحطات الفحم للإمدادات الاحتياطية. وبدأت أوروبا في التحول إلى الفحم من الغاز منذ منتصف العام الماضي بسبب ارتفاع أسعار الغاز.
تشمل الغازات منخفضة الكربون الهيدروجين الأزرق، المصنوع من الوقود الأحفوري والذي سيزيد في الواقع من اعتماد أوروبا بسبب أوجه القصور التي ينطوي عليها إنتاج الهيدروجين الأزرق. وبشأن التوازن بين الهيدروجين الأزرق والأخضر، فإن الاتحاد الأوروبي، الذي يهدف إلى الحصول على قدرة 40 جيغاواط بحلول عام 2030، يركز بشكل أكبر على الهيدروجين الأخضر. وبحلول عام 2050، ستخصص الكتلة استثمارًا بقيمة 470 مليار يورو من القطاعين العام والخاص في هذا القطاع.
النمو السريع في سوق الهيدروجين العالمية يؤدي إلى تحولات اقتصادية معتبرة
توقعت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” أن يؤدي النمو السريع في سوق الهيدروجين العالمية إلى تحولات جغرافية اقتصادية وجيوسياسية كبيرة تؤدي إلى موجة من الترابطات الجديدة. وقال تحليل جديد أجرته “آيرينا” إن الهيدروجين سيعيد ترتيب علاقات الطاقة على المستويات الإقليمية، ما يمهد إلى ظهور مراكز نفوذ جيوسياسي جديدة على أساس إنتاج الهيدروجين واستخدامه بالتوازي مع تراجع تجارة النفط والغاز. وتقدر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن الهيدروجين “سيغطي ما يصل إلى 12 بالمئة من استخدام الطاقة العالمي بحلول عام 2050، مع مساعي العديد من دول العالم إلى الحياد الكربوني” حسب تقرير نشر يناير من العام الجاري.
يحتاج الوقود الأحفوري إلى لعب دور أصغر بشكل متزايد في نظام الطاقة، إذ يهدف الاتحاد الأوروبي إلى خفض الانبعاثات بأكثر من النصف بحلول عام 2030، والوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050. من المتوقع أن تشهد منظومة الطاقة في أوروبا تحولات كبيرة، عبر التوسع في مشروعات الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية والهيدروجين.(euronews)[ads3]