CNBC : ما هي تبعات حدوث توقف مفاجئ بتوصيل الغاز الروسي إلى ألمانيا؟

ما هي تبعات حدوث توقف مفاجئ بتوصيل الغاز الروسي إلى ألمانيا؟

تلك المحاكاة حدثت في عام 2015 بطلب من وزارة الاقتصاد الألمانية. خلصت تلك الدراسة إلى نتيجة مفادها؛ أن مَرافق تخزين الغاز الألمانية يجب أن تكون ممتلئة بنسبة 60% على الأقل، لتلبية الطلب في حال حدث توقف مفاجئ للغاز الروسي.

لكن وفقاً لبيانات جمعية “البنية التحتية الأوروبية للغاز”، الصادرة في يناير 2022، فإنّ الخزانات الألمانية ليست ممتلئة سوى بنسبة 44%، وسرعان ما انخفض هذا المخزون إلى أقل من 40% في فبراير.

لكن كيف كانت تدار عقود الغاز بين أوروبا وروسيا؟ وهل التحول في مدة العقود كان له تأثير على ذلك؟

بحسب البيانات تحولت مستوردات الاتحاد الأوروبي من الغاز بشكل متزايد، من العقود المستقرة طويلة الأمد إلى الصفقات قصيرة الأجل. بمعنى أدق الصفقات التي يتم تداولها في الأسواق الفورية.

ففي العام 2020 كانت الأسعار في الأسواق الفورية، تعادل نصف أسعار العقود طويلة الأجل مع غازبروم. لكن حصل تغير واضح في تسعير تلك العقود قصيرة الأجل، حيث سجلت زيادة بسبعة أضعاف في 2021.

جاءت تلك الزيادة كنتيجة لمجموعة من العوامل، أهمها التعافي من الوباء الذي عزز مستويات الطلب من آسيا وأوروبا. أما من جانب العرض، فقد تضاءلت كمية الطاقة المنتجة من المصادر المستدامة في أوروبا. وهي البدائل التي كانت تعول عليها أوروبا، وأوقفت بسببها الكثير من محطات الفحم والطاقة النووية.

تلك البدائل من الطاقة المتجددة في 2021 ، خذلت أوروبا ولم تمنحها كفايتها المطلوبة لتوليد الكهرباء. حاول الكثير من قادة أوروبا إلقاء اللوم على روسيا بسبب ارتفاع أسعار الغاز. لكن غازبروم أكدت أنها تورد الكميات المنصوص عليها في الاتفاقيات طويلة الأجل. لأن عملاق الغاز الروسي، يفضل التعاقدات طولة الأجل، لتغطية التكاليف الضخمة للاستثمار في حقول الغاز وخطوط الأنابيب، خصوصا التكلفة التي تم وضعها، في خط الأنابيب نورد ستر يم 2، الذي سينقل الغاز مباشرة الى ألمانيا، ضمن مسافة مختصرة بالمقارنة مع خطوط الأنابيب القديمة التي تمر عبر أوكرانيا.

وفقاً لمفهوم أمن الطاقة الأوروبي، فهناك عدة أسس يعتمد عليها. تشمل ضمان التدفق المستمر لموارد الطاقة بدون انقطاع، وتوفير الطاقة من مناطق إنتاج موثوقة وبالأسعار المناسبة، بالإضافة إلى عدم إلحاق الضرر بالبيئة. هذا مع عدم إغفال تنويع مناطق إمدادات الطاقة لتقليل التبعية لروسيا.

في المقابل فإن استراتيجية روسيا التي أطلقتها في عام 2010، تظل أوروبا الوجهة الرئيسية لصادراتها من الطاقة حتى عام 2030. حيث تؤمّن موسكو حوالي 40% وسطياً من حاجة الغاز الطبيعي للكتلة الأوروبية، وتصبح النسبة أعلى في ألمانيا المعتمدة على الغاز الروسي بأكثر من 50%. حيث تعتمد شرکة غاز بروم على السوق الأوروبية بنسبة 70% من عائدات صادراتها. ترتبط الشركة بعقود طويلة الأجل تمتد إلى ما بعد 2025 وبعضها إلى ما بعد 2030، مع دول الاتحاد الاوروبي.

كما أنه ومنذ بداية هذا العام، كان هناك تكثيف في حجم الدراسات، التي تضع سيناريوهات مختلفة حول إمكانية استبدال الغاز الروسي بالغاز المسال القادم من أميركا أو من دول أخرى, مع الأخذ بالاعتبار إمكانيات التنفيذ القابلة للتطبيق. حيث ما تزال الكفة ترجح لصالح الغاز الروسي المتاح بكثافة، بسبب القرب الجفرافي.

لكن بالمقابل، لا تنحصر عوائق اللجوء للغاز غير التقليدي، والقادم من أميركا بالمسافات التي تزيد من التكلفة لحدود باهظة، وإنما أيضا بمشكلات الإسالة والشحن.
لفتت صحف أمريكية مثل وول ستريت جورنال إلى أن زيادة إنتاج الغاز ليست العقبة الرئيسية الحائلة دون قدرة الولايات المتحدة الأميركية، أو غيرها على دعم أوروبا بالغاز. لأنه حتى بفرض زيادة الإنتاج تقنياً، تبقى مشكلة الاختناقات بالنقل والشحن إلى الخارج، حيث لا تملك أميركا، سوى محدود من محطات إسالة الغاز الضرورية لنقله لمسافات طويلة، كما أن هذه المنشآت تعمل سلفاً، بطاقتها شبه القصوى.

إذاً المشكلة لا تتعلق فقط بالتصدير، ولكن أيضا لها علاقة بمشكلات البنية التحتية للمستوردين من أوروبا. حيث يبدو أن القارة العجوز لا تمتلك استراتيجية لحل مشاكل الغاز الطارئة، ذلك على الأقل ما بينته الأحداث الماضية، بحسب الصحيفة الأميركية.

على سبيل المثال، إسبانيا ورغم إطلالتها على البحر المتوسط، ورغم حدودها القريبة من الجزائر التي يمكن أن تجعل من الأخيرة مورد محتمل للغاز، رغم كل ما سبق إلا أن ذلك البلد الأوروبي لا يمتلك منشآت مرافئ مجهزة لاستقبال الغاز المسال. ذلك الأمر ينطبق كذلك على ألمانيا التي هي الأخرى، لا تمتلك تلك البنى التحتية.

إذاً بحسب اعترافات العديد من صناع السياسات في أوروبا، قد لا يوجد بديل سريع ليحل محل غاز روسيا. (CNBC)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها