واشنطن بوست : المسلمون يقاتلون المسلمين في أوكرانيا

دفعت موسكو بقواتها باتجاه كييف وخاركيف وغيرها من المدن الأوكرانية الشرقية في أول أيام الغزو، وبعكس ما حدث في شبه جزيرة القرم عام 2014، واجهت مقاومة غير متوقعة من الجيش الأوكراني. ومنذ ذلك الحين، بدأت الأسر المسلمة في القوقاز الروسي، كما في أوكرانيا، تدفن أبناءها الذين قتلوا في المعارك.

“القتال في أوكرانيا جهاد”

خلال دفن أحد الشباب الروس في مقاطعة كورتشالويفسكي الشيشانية، قال أحد رجال الدين إن أسرة القتيل ستحصل على مليون روبل (6.400 دولار أميركي) إضافة إلى بقرة. وقبل ذلك بأيام، قال رجل دين مسلم شيشاني ثانٍ، وهو صلاح مزييف، إن الغزو الروسي لأوكرانيا “جهاد”، مضيفاً أن المقاتلين الشيشان في أوكرانيا يقاتلون “للقرآن والله”، ولإنقاذ روسيا والمسلمين من “رجس” حلف شمال الأطلسي.

أما مفتي جمهورية تاتارستان الروسية، كميل سميح غولين فقال إن الدعم الغربي لأوكرانيا مجرد نفاق، مذكراً بتدخل الناتو في ليبيا وبحرب العراق والموقف الغربي من القدس ومعاملة الفلسطينيين. وأضاف غولين أن أوكرانيا يسيطر عليها نازيون جدد، يهدد كلّ الطوائف، بما فيها الطائفة المسلمة.

وفي موسكو، قال المفتي ألبرت كرغانوف إنه يأسف لمعاناة الأوكرانيين ولكنه أضاف أن أوكرانيا تحولت إلى أرض لمهاجمة روسيا، ورفع صلواته من أجل القوات الروسية والرئيس الروسي، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام أميركية نقلاً عنه.

بشكل عام، حاول رجال الدين المسلمون المؤيدون للكرملين، في روسيا، دعم قرار بوتين بالحرب، خصوصاً وأن روسيا تضمّ نحو 20 مليون مسلماً (نحو 14 بالمئة من عدد سكانها الإجمالي).

مسلمون يقاتلون مسلمين

على خطوط الجبهة الأمامية، وجد الروس المسلمون أنفسهم في مواجهة مع مسلمين آخرين، يدافعون عن أوكرانيا. فالشيشانيون على سبيل المثال، منقسمون، وهناك من يقاتل مع بوتين -كمؤيّدي الزعيم الشيشاني رمضان قاديروف- ومن يقاتل مع الأوكرانيين.

وهذا الدور العسكري الذي يقوم به المسلمون، بعدما ارتفاع عدد القتلى، وهو أمر محتّم في حال لم تنجح الدبلوماسية، سيكون له عواقب على الداخل الروسي. فالحرب تهدد بإطلاق نزاع آخر داخل البلاد، خصوصاً في منطقة القوقاز، حيث من المحتمل أن يطرح البعض السؤال عن “شرعية” الحرب التي يخوضها الرئيس الروسي، وتأييد رجال الدين المسلمين لها، ما يطرح سؤالاً عن مستقبل الإسلام في روسيا، بحسب ما تقوله صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

ويقول عبدالله كوستكسي، أحد رجال الدين السفليين المؤثرين، المنفي من داغستان إلى تركيا، إنه لا يجب على المسلمين الالتحاق بأي جيش، لا الروسي ولا والأوكراني، فكلاهما “كافر”. وحصد فيديو نشره على قناته عبر يوتيوب على نحو نصف مليون مشاهدة.

في أوكرانيا، وجه أحد رجال الدين البارزين الأوكرانيين نداء إلى المسلمين في روسيا، وطالبهم بعدم المشاركة في الحرب ولا دعم “نظام بوتين”. ونشر على صفحته في فيسبوك صوراً لمسجد “دمره” القصف الروسي.

دور مركزي في الحرب

لقد خدم المسلمون في جيش الروسي منذ الحقبة القيصرية، ولكن دورهم ووجودهم في أوكرانيا إشكالي. ومن بين القتلى الأوائل الذين أعلنت روسيا عن سقوطهم، هناك الضابط نور ماغوميد (نور محمد) غادجيماغوميدوف، الذي قلده بوتين وسام بطل روسيا.

وتشير إحصائيات نشرتها إذاعتا “فري يوروب” و”ليبرتي” إلى أن نحو ثلث قتلى الجانب الروسي ليسوا سلافيين، وأكثريتهم بأسماء مسلمة. مع ذلك، سارع القائد الشيشاني قاديروف، حليف بوتين الأساسي في المنطقة، إلى إرسال قوات خاصة إلى أوكرانيا. وعندما تباطأ هجوم الجيش الروسي على كييف وغيرها من المدن، دعا قاديروف بوتين إلى عدم ضبط النفس وحسم الحرب سريعاً، كما دعا الشيشانيين إلى الالتحاق بالحرب كواجب ديني.

وفيما انتشرت فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي لعناصر من كتيبة آزوف اليمينية المتطرفة يغطسون الرصاص بدهن الخنزير بانتظار المقاتلين الشيشانيين، هناك شيشانيون آخرون في أوكرانيا، لم يسامحوا قاديروف على دعمه موسكو في 1999-2000 وعلى سحق مطالبهم بالاستقلال عن روسيا. هؤلاء موجودون في أوكرانيا، وقرروا الدفاع عنها أيضاً.

حقبة التسعينيات

تختبر الحرب في أوكرانيا انتماءات المسلمين في روسيا وخارجها أيضاً. ولكنها تهدد بفتح ملفات قديمة، أبرزها الحرب الروسية في القوقاز في التسعينيات. ويرجح المراقبون أن بوتين أراد بداية حرباً خاطفة يسيطر من خلالها على أوكرانيا، ولكن الوضع الراهن يفتح الباب أمام تشابك الحرب بين المسيحيين والمسلمين من أصول عرقية وقومية مختلفة وتوجهات دينية متنافسة، وقد يؤدي كل هذا قريباً إلى تأجيج العداوات الأيديولوجية والطائفية في روسيا والمنطقة. (EURONEWS)

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها