هل تصبح الموسيقى العربية ” الترند ” العالمي الجديد ؟

في أحد مهرجانات الموسيقى الشهيرة في العاصمة البريطانية، لندن، ووسط مئات الأغاني العالمية، تسمع “حبيبي يا نور العين”، إحدى أكثر أغاني الفنان عمرو دياب نجاحا، تليها أغنية “عيونها” للفنان حميد الشاعري، وتجد مئات من البريطانيين والعرب يتمايلون على هذه الألحان.

في السنوات الأخيرة أصبح من الشائع أن تسمع أغنيات عربية في حفلات (شبابيّة) في دول أوروبيّة.

من أمام أحد الحفلات الدورية الشهيرة بلندن، يقول أحمد لـ “هيئة الإذاعة البريطانية”: “أنت هنا في بريطانيا وفي مصر أيضا”.

تنتشر هذه الأغنيات بين الفئات الشابة، والمهتمة بالأساس بنوع من الموسيقى يطلق عليه “موسيقى العالم” أو (Wold Music) بالإنكليزية.

ولا ينتج هذا النوع من الموسيقى في أوروبا، بل له طابع عالمي؛ هو أشبه بمظلّة كبيرة تضمّ أنواعا مختلفة من الموسيقى الفولكلورية والمحلية لعديد من البلدان ولمختلف الثقافات. ويشمل موسيقى الفانك التي ذاع صيتها في ستينيات القرن الماضي بين الأمريكيين السود، وموسيقى الجاز، والراب، وموسيقى المهرجانات المصريّة، والبوب والروك، والموسيقى الإلكترونية.

تدمج هذه الموسيقى في الأغلب أصواتا وألحانا مألوفة للأذن الغربية، إلى جانب الآلات التقليدية للشعوب المختلفة.

تتصدر الموسيقى العربية هذا النوع من “موسيقى العالم”؛ وفي الوقت الذي قد يعتبر فيه بعض الشباب العرب أن سماع الموسيقى الغربية هو “مؤشر على الثقافة والانفتاح” على العالم، يتباهى شباب أوروبيون بمعرفة أغاني أم كلثوم المدمجة بموسيقى إلكترونية، أو موسيقى المطربة المصرية حنان، ذات طابع الـ”سينث ويف” (Synthwave) في الثمانينات.

“الموسيقى العربية هي الأفضل، لذلك نأتي إلى هنا”، هكذا تقول الفرنسية زوي، لبي بي سي عربي من داخل إحدى القاعات التي نُظمت فيها إحدى حفلات الموسيقى العربية.

ساهمت التعددية الثقافية والوجود العربي في المدن الأوروبية الكبرى في مزج الثقافات وتجاوز الفن العربي لحدوده الجغرافية.

في لقاء مع “هيئة الإذاعة البريطانية”، ترجع الموسيقية العربية المقيمة في لندن نورية قيس ، السبب في رواج الموسيقى العربية إلى طبيعة هذه الموسيقى التي “تحوي دائما نوعا من (النوستالجيا)” أو إحساسا بالشجن والحنين. وترى أن هذا الشعور ليس حكرا فقط على المجتمعات العربية في الخارج، لكنه إحساس يمكن أن “يصل إلى من لم يسمع تلك الموسيقى من قبل”، وأنه “يمكن أن يكون شيئا جديدا أيضا” ليس فقط حنينًا إلى الماضي.

وتضيف نوريه “لا شك في أن للموسيقى العربية سحرها الخاص، وربما حان الوقت لهذا النوع من الموسيقى أن يزدهر عالميا، مثلما أتاحت شهرة أغنية (غانغنام ستايل) (Gangnam Style) بوابة للجمهور العالمي إلى عالم موسيقى الـ”كيه بوب” K-Popلملايين الجماهير من حول العالم”.

بدأت نورية مشوارها الفني بتنسيق الموسيقى العربية في محطة راديو بريطانية محلية، ثم وصلت إلى محطات عالمية مثل بي بي سي راديو 4، ومحطة الراديو النسائية فاونديشن إف إم (Foundation FM)، لتصل إلى مئات الآلاف من المستمعين حول العالم.

وترى نورية أن هدفها هو “جعل موسيقى شمال أفريقيا وجنوب غرب آسيا في الصدارة العالمية، وهي المكانة التي يستحقها هذا النوع من الموسيقى”.

كذلك بدأت شركات انتاج عالمية، أشهرها “حبيبي فنك” (Habibi Funk)، التي أسسها الألماني جانيس شتورتز (Jannis Stürtz)، الذي لقب بعالم أركيولوجيا اسطوانات الفينيل العربية، بإعادة ترخيص وإصدار موسيقى عربية قديمة في شكل رقمي وأسطوانات فينيل وتوزيعها في الأسواق الأوروبية، مما سهل الوصول إلى هذا النوع من الموسيقى.

أما بالنسبة للفعاليات الثقافية العربية، فأصبح اسم شركة “مرسم” مرتبطا بعشرات الحفلات الدورية (في لندن) التي يحضرها المئات من مختلف الجنسيات.

يقول خالد زيادة، مؤسس شركة مرسم للتوزيع والإنتاج الفني، إنه لا يهتم بالربح في هذا المجال بقدر ما يهتم بـ”توصيل الثقافة العربية التي نعرفها في بلادنا” للجاليات العربية في بريطانيا، حيث يرى، أن للثقافة العربية زخم وقيمة تفتقدهاا الأجيال العربية المهاجرة.

تستضيف “مرسم” العديد من الموسيقيين من الدول العربيّة بشكل دوري، وأحيت فرق شهيرة مثل (كايروكي)، و(مسار إجباري)، و(شكون) و(74 سول) حفلاتهم.

بدأت ساليا، وهي دي جيه ( DJ) تحظى بشعبية كبيرة بين رواد حفلات الموسيقى العربية في لندن، مشوارها الموسيقي عندما حصلت على منحة دراسية من مجلس الفنون البريطاني لتتخصص في المزج بين الموسيقى العربية والإلكترونية، حيث شعرت بالتواصل مع جذورها العربية، فبدأت في تنسيق الموسيقى العربية الكلاسيكية، ومزجها بشكل حديث.

وتقول ساليا: “هناك فرص عديدة في هذا المجال، ولندن تشجع هذا النوع من الفن بالتأكيد”.

ربما تصبح الموسيقى العربية هي الـ”ترند” العالمي الجديد، إذ يبدو أن هناك اهتماما كبيرا بها من قبل عدد من المؤسسات والشركات والموسيقيين، وقد أتاحت الوسائط الجديدة من خدمات بث للأغاني مثل تطبيقي (سبوتيفاي) و(أنغامي) إيصال هذه الموسيقى إلى جمهور أكبر وأسع.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها