مشروع أنابيب الهيدروجين بين ألمانيا و النرويج .. هل ينهي اعتماد برلين على الغاز الروسي ؟
تنخرط ألمانيا والنرويج في مباحثات تتعلق بإنشاء خط أنابيب الهيدروجين، بإجراء لدعم خطة أوروبا لإنهاء اعتمادها على الغاز الروسي في أسرع وقت ممكن.
ترغب النرويج، ثاني أكبر مصدّر للغاز في الاتحاد الأوروبي، بالإسهام في التطوير السريع لسوق الهيدروجين في ألمانيا وفي القارّة، إذ يعوّل على الهيدروجين خيارًا لتحقيق أهداف اتفاق باريس لتغير المناخ.
يعدّ الهيدروجين واحدًا من مصادر الطاقة النظيفة، إذ لا يطلق انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عند حرقه، ومن المتوقع أن يؤدي دورًا رئيسًا في إزالة الكربون من الصناعات، مثل الفولاذ والكيماويات.
خطط زيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر من مصادر الطاقة المتجددة تقف في طريقها العديد من التحديات، إذ تتطلب كميات هائلة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لذلك فإنه سيُعتَمَد على الغاز خلال المرحلة الانتقالية من أجل إنتاج الهيدروجين الأزرق منخفض الكربون المنتَج من الغاز الطبيعي مع احتجاز الكربون وتخزينه في خزّانات جيولوجية تحت الأرض.
دفعت الحرب بين روسيا أوكرانيا الحكومة الألمانية الجديدة، التي كانت مترددة في استخدام الهيدروجين الأزرق، إلى تغيير موقفها، في ظل مساعيها للتوقف عن واردات الطاقة الروسية.
برلين والنرويج
مؤخرًا، قام وزير الاقتصاد والمناخ الألماني روبرت هابيك بزيارة إلى أوسلو لتعزيز شراكة الطاقة مع النرويج، وزيادة إمدادات وتأمين شحنات إضافية من الغاز الطبيعي المسال إلى بلاده، بما في ذلك إمكانات استيراد الهيدروجين الأزرق المنتج من الوقود الأحفوري.
يخطط البلَدان، تحت ضغط الحرب الروسية المستمرة في أوكرانيا وإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية العالمية للطاقة، لإجراء دراسة جدوى مشتركة حول مشروع أنابيب الهيدروجين، إلّا أن هابيك، وهو زعيم مشارك لحزب الخضر الألماني، يفضّل أن يستورد كميات أقلّ من الهيدروجين “الأزرق” الضارّ بالمناخ، نظرًا لإنتاجه من الغاز الطبيعي كثيف الطاقة والكربون في نظرهم.
في المقابل، تدافع النرويج عن الهيدروجين الأزرق مع تقنيات احتجاز غاز الكربون، بوصفها أحد الحلول لأزمة المناخ، يقول هابيك: “نحن بحاجة إلى الهيدروجين الخالي من الكربون، والنرويج لديها قدرات كبيرة على ذلك”.
بسبب وجود البنية التحتية الحالية للغاز في النرويج، فإن عمالقة الطاقة في ألمانيا يدفعون باتجاه استخدام الهيدروجين الأزرق بدلًا من ذلك، قائلين، إنه سيكون أسرع من إنشاء بنية تحتية جديدة للطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر من التحليل الكهربائي للماء.
وأوضح البيان المشترك: “من أجل تحقيق أسرع واردات ممكنة بكميات كبيرة من الهيدروجين، وضمان توافره بسرعة، سنخطط أيضًا بشكل مشترك لاستخدام الهيدروجين الأزرق لمدة انتقالية”.
ورحّب المحللون بذلك، الذين أشاروا إلى موثوقية البنية التحتية للغاز النرويجي ومزايا شحن الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب، إذ يُعدّ نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب أكثر فعالية من حيث التكلفة وصديقًا للمناخ أفضل من استخدام خيارات النقل البحري.
إستراتيجية ألمانيا
تركّز إستراتيجية الهيدروجين الألمانية على تحقيق أهداف المناخ، وفي الوقت نفسه، تدرك الدولة الفرص الاقتصادية المتنامية لسوق الهيدروجين، وتسعى إلى أن تصبح رائدة في تقنيات الهيدروجين الخضراء.
يسترشد نهج الحكومة بالإستراتيجية الوطنية للهيدروجين، التي صدرت في يونيو/حزيران 2020، إذ يتمثل الهدف المناخي طويل المدى لألمانيا 2050 في تحقيق الحياد الكربوني بما يتماشى مع الأهداف المتفق عليها بموجب اتفاقية باريس.
عززت الحكومة الألمانية في يونيو/حزيران 2021 هدف المناخ الوطني لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2045، وسط ضغوط لإزالة الكربون من الاقتصاد الوطني، إذ تخطط للتخلص التدريجي من محطات الكهرباء العاملة بالفحم.
وتدعم الحكومة الألمانية أبحاث الهيدروجين منذ الثمانينات، ولديها الآن مشهد متقدّم لأبحاث الهيدروجين، وتخطط لتصبح رائدة ومصدرًا عالميًا لتكنولوجيا الهيدروجين الأخضر.
سوق الهيدروجين
تمتلك ألمانيا حصة في السوق العالمية تبلغ 20% في بناء المحلل الكهربائي، بقيادة شركة تيسين كروب، ووفقًا لإستراتيجية الهيدروجين الوطنية، فإن الخطوة الأولى لتسريع نشر تكنولوجيا الهيدروجين هي إنشاء سوق محلية لإنتاج واستخدام الهيدروجين.
وتنصّ الإستراتيجية على أن “ألمانيا تخطط لإنشاء ما يصل إلى 5 غيغاواط من قدرة التوليد، بما في ذلك مرافق توليد الكهرباء من مزارع الرياح البحرية والبرية”.
كما تنصّ الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين على أن “شراكات الطاقة ستسهم أيضًا في إزالة الكربون والتنمية الاقتصادية للبلدان المصدّرة للهيدروجين”، وتركّز ألمانيا على المشروعات المشتركة في منطقة بحر الشمال.
ومنذ إصدار الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين في يونيو/حزيران 2020، وقّعت ألمانيا اتفاقيات بشأن الهيدروجين (مذكرة تفاهم أو خطاب نوايا أو شراكة طاقة جديدة) مع العديد من البلدان، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وأستراليا وتشيلي وناميبيا وكندا وأوكرانيا والمغرب.
(attaqa)[ads3]