باحثون يطورون بكتيريا لحماية الأمعاء من المضادات الحيوية

ابتكر باحثون في مجال ”علم الأحياء التركيبي“ بمعهد ”ماساتشوستس للتكنولوجيا – MIT“ في الولايات المتحدة نظامًا لحماية ”ميكروبيوم“ الأمعاء من تأثيرات المضادات الحيوية.

وأشارت الدراسة الجديدة، التي نُشرت في مجلة ”Nature Biomedical Engineering“، إلى التجربة الناجحة على الفئران لـ “علاج حيوي حي“، وهي بكتيريا معدلة وراثيًا تنتج إنزيمًا يفكك المضادات الحيوية في الأمعاء.

وقال الأستاذ في معهد ”ماساتشوستس“ وقائد فريق البحث، جيمس كولينز: ”يظهر هذا العمل أنه يمكن تسخير علم الأحياء التركيبي لإنشاء فئة جديدة من العلاجات الهندسية لتقليل الآثار الضارة للمضادات الحيوية“.

ولا شك أن المضادات الحيوية، المواد التي تقتل أو تمنع نمو البكتيريا، لها أهمية كبيرة في مكافحة الالتهابات البكتيرية، إلا أنها في الوقت نفسه لها جانب مظلم، حيث ساهمت زيادة استخدام الإنسان للمضادات المناعية في زيادة مقاومة تلك المضادات، الأمر الذي جعل العديد من الأمراض البكتيرية صعبة العلاج بشكل متزايد.

وبحسب شبكة “إرم نيوز”، يمكن أن تقتل المعالجة بالمضادات الحيوية أيضًا البكتيريا الموجودة في ”ميكروبيوم“ الأمعاء الصحي لدى الإنسان، حيث إن تريليونات الميكروبات التي تعيش في الجهاز الهضمي لدينا تساعد في هضم الطعام وتنمية المناعة وإيجاد الفيتامينات.

ووفقا للدراسة الطبية، يتسبب هذا في مشكلتين: أولا، يمكن أن نفقد الفوائد التي توفرها بكتيريانا الجيدة، وثانيًا، يمكن أن يؤدي هذا الاضطراب لقلب توازن النظام البيئي الميكروبي تجاه الأنواع التي تسبب الضرر.

وأشارت الدراسة إلى أن ”بعض الحالات قد يكون لهذه الآثار العشوائية للمضادات الحيوية عواقب مهددة للحياة، فعلى سبيل المثال، تعزى حوالي 15000 حالة وفاة كل عام في الولايات المتحدة إلى الإسهال والتهاب القولون الناجم عن فرط نمو بكتيريا المطثية العسيرة، إثر الإفراط في استخدام المضادات الحيوية“.

وأضافت: ”في حين أن المضادات الحيوية أداة مهمة وضرورية لمحاربة الالتهابات البكتيرية، فإن العمل على الحد من مقاومة المضادات الحيوية وتلف ميكروبيوم الأمعاء من الأولويات الرئيسية للبحث“.

وبدأ فريق البحث الأمريكي بسلالة من الأنواع البكتيرية ”Lactococcus lactis“، والتي تستخدم عادة في إنتاج الجبن، وتعتبر آمنة بشكل عام للاستهلاك البشري.

وقام الباحثون بإجراء هندسة لهذه السلالة لإنتاج إنزيم يسمى ”بيتا لاكتاماز“، والذي يقوم بتفكيك المضادات الحيوية ”بيتا لاكتام“، وهي فئة من المضادات الحيوية المستخدمة على نطاق واسع، بما في ذلك ”البنسلين“ و“الأمبيسلين“ و“الأموكسيسيلين“، وهي تمثل حاليًا حوالي 60% من المضادات الحيوية الموصوفة في الولايات المتحدة.

وكان الباحثون يأملون في أن يؤدي إدخال ”Lactococcus lactis“ المصمم هندسيًا في القناة الهضمية إلى إنشاء ”درع بيتا لاكتاماز“ لحماية ”ميكروبيوم الأمعاء“ من التلف الناتج عن المضادات الخاطئة.

ولاختبار اختراعهم، أعطى الباحثون الفئران حقنة من ”الأمبيسيلين“، بالإضافة لجرعتين فموية من ”Lactococcus lactis“، حيث أظهرت الأخيرة أنها قادرة على إنتاج ”بيتا لاكتاماز“ وتحطيم ”الأمبيسلين“ في أمعاء الفأر، دون تقليل مستويات ”الأمبيسلين“ بالدم.

وأكد الباحثون أيضًا أن الفئران التي عولجت بـ“Lactococcus lactis“ و“الأمبيسلين“ معًا، حافظت على تكوين بكتيري مماثل في ”ميكروبيوم الأمعاء“، وعلى النقيض، أظهرت الفئران التي تلقت ”الأمبيسلين“ وحده تغيرات في ميكروبيومها، بما في ذلك انخفاض كبير بالتنوع البكتيري الذي لم يتعاف في نهاية التجربة.

ويأمل فريق البحث الآن في تطوير نسخة من علاج بكتيريا ”Lactococcus lactis“ يمكن تجربتها على البشر، مشيرا إلى أنه إذا تم التوصل إلى ذلك، سيبدأ على الفور بالأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بأمراض تتفاقم بسبب العلاج بالمضادات الحيوية، مثل ”عدوى المطثية العسيرة“.

وصرح أبرز مؤلفي الدراسة، كوبيلوس رويز: ”إذا لم يكن عمل المضاد الحيوي ضروريًا في القناة الهضمية، فأنت بحاجة للحماية من الجراثيم. هذا مشابه عندما تحصل على الأشعة السينية، فأنت ترتدي مئزرًا – مريلة- رصاصيًا لحماية بقية جسمك من الإشعاع المؤين“.

وأضاف: ”من خلال تقنيتنا الجديدة، يمكننا جعل المضادات الحيوية أكثر أمانًا عن طريق الحفاظ على ميكروبات الأمعاء المفيدة، وتقليل فرص ظهور متغيرات جديدة مقاومة للمضادات الحيوية“.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها