عقوبات بريطانية على 178 انفصاليا وستة أثرياء موالين لروسيا

أعلنت بريطانيا بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، عن عقوبات تستهدف انفصاليين وأثرياء موالين لروسيا وأقاربهم. فيما قال المحلل الأمريكي ويليام راينش إن تأثير العقوبات بشكل عام، على روسيا يحتاج إلى شهور وليس أسابيع.
وأكدت الحكومة البريطانية أنها وبالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي تفرض عقوبات على «178 انفصاليا روسيا» في شرق أوكرانيا إضافة إلى ستة من الأثرياء الموالين لروسيا وعائلاتهم وموظفيهم. وقالت وزارة الخارجية في بيان إن القرار «يأتي عقب تقارير عدة الأسبوع الماضي عن استهداف روسيا بطريقة وحشية مدنيين في تلك المناطق».
وتطال العقوبات الأخيرة الكسندر أنانشنكو وسيرغي كوزلوف اللذين قالت وزارة الخارجية إنهما «نصّبا نفسيهما» زعيمين لـ«جمهوريتي» دونيستك ولوغانسك المدعومتين من روسيا.
وأكدت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، أنه «في أعقاب الهجمات الصاروخية المروعة على مدنيين في شرق أوكرانيا، نفرض اليوم عقوبات على الداعمين للمنطقتين الانفصاليتين غير الشرعيتين والمتواطئين في ارتكاب فظائع بحق الشعب الأوكراني».
أضافت «سنواصل استهداف جميع الذين ساعدوا ودعموا حرب (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين».
وتشمل قائمة الأثرياء المستهدفين بعقوبات فاغيت أليكبيروف رئيس شركة لوك أويل الروسية النفطية العملاقة، وفلاديمير إيفتوتشنكوف رئيس مجلس إدارة تكتل سيستيما. انضمت بريطانيا إلى جهد دولي لفرض عقوبات على روسيا بتجميد أصول وفرض حظر على السفر بعد أن أمر بوتين قواته بغزو أوكرانيا في 24 شباط/فبراير، وطالت تلك العقوبات حتى الآن شركات روسية في مجال الدفاع والتجارة والنقل.
وحسب تراس، الحزمة الأخيرة ستشمل توسيع حظر على استيراد سلع روسية ليشمل الحديد والصلب اعتبارا من الخميس.
وفرضت لندن عقوبات على أكثر من 1400 من الأفراد والشركات المرتبطة بروسيا، من بينها أكثر من 100 من الأثرياء الموالين لروسيا (أوليغارش) وأفراد عائلاتهم، منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويفرض ملف العقوبات الأمريكية على روسيا نفسه بشدة على موائد النقاش السياسي والاقتصادي وربما العسكري في الولايات المتحدة. وقال وليام راينش، أستاذ كرسي شول للأعمال الدولية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن في تحليل نشره المركز على موقعه الإلكتروني، إنه بعد ستة أسابيع من بدء الغزو الروسي وفرض حزم متتالية من العقوبات على موسكو، يمكن الوصول إلى بعض الاستنتاجات بشأن تلك العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها وأصدقاؤها.

أربع فئات

وأضاف راينش الذي عمل لمدة 15 عاما رئيسا للمجلس الوطني التجارة الخارجية الأمريكي المعني بتشجيع الأسواق المفتوحة ودعم بنك الاستيراد والتصدير الأمريكي ومعارضة العقوبات أحادية الجانب، أنه يمكن تصنيف العقوبات التي تم فرضها على روسيا بعد غزو أوكرانيا إلى أربع فئات، أولها عقوبات مالية وتشمل الاستبعاد من نظام إدارة المعاملات المصرفية الدولية «سويفت» وتجميد الأصول، والحرمان من المزايا الضريبية، وثانيها عقوبات على الاستيراد وتتضمن فرض قيود على الواردات الآتية من روسيا وحرمانها من مزايا منظمة التجارة العالمية وفرض حظر على بعض الواردات، ثم عقوبات تصديرية وتشمل فرض قيود على الصادرات وتدفق رؤوس الأموال إلى روسيا، وأخيرا منع روسيا من استخدام أجواء ومطارات الدول التي فرضت العقوبات على موسكو ومصادرة وتجميد أصول الأثرياء الروس المرتبطين بنظام حكم الرئيس فلاديمير بوتين، وحرمان روسيا من المشاركة في الأحداث الرياضية والثقافية الدولية.

وزاد: يمكن للمرء القول إن طالما أن التهديد بكل هذه العقوبات فشل في منع روسيا من غزو أوكرانيا فإنها تعتبر فشلت.
والحقيقة أن أقوى فاعلية للعقوبات تتحقق عندما يؤدي التهديد بها إلى منع الطرف المستهدف من القيام بالتحرك المرفوض من الأساس. وإذا لم يحقق التهديد بالعقوبات الردع المطلوب، كما حدث مع روسيا الآن، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها في موقف دفاعي منذ البداية. لذلك من المهم تحديد أهداف العقوبات بوضوح. فإذا كان الهدف هو إجبار الخصم على تغيير رأيه والانسحاب، فالأمر لن يحدث مع روسيا. أما إذا كان الهدف هو إلحاق ألم فوري كبير بالخصم مع التعهد بفرض المزيد من العقوبات اللاحقة على أمل أن يؤدي ذلك إلى تغيير موقف الخصم فيما بعد، فإنه لا يمكن حتى الآن تقييم مدى فاعلية العقوبات الحالية، ولن يمكن هذا في وقت قريب. لذلك فإن أقصى ما يمكن عمله الآن بالنسبة للمراقب هو التعليق على الجوانب الفعالة والأخرى غير الفعالة في العقوبات.
وحسب راينش، أغلب المراقبين فوجئوا بالتأثيرات السريعة للعقوبات على روسيا، وبخاصة على القطاع المالي. فبشكل عام أبدت الولايات المتحدة وحلفاؤها قوة ووحدة في تنفيذ العقوبات بصور تفوق توقعات الجميع بمن في ذلك بوتين. في الوقت نفسه أصبح من الواضح أن هذه العقوبات ستكون لها آثارها على المدى الطويل، مضيفا أنها يمكن أن تلحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد الروسي، لكن الأمر سيحتاج إلى شهور وسنوات وليس أسابيع.

ثغرات

وبين أن السبب الرئيسي الذي يحد من قوة التأثيرات السريعة للعقوبات على روسيا هو الثغرات في العقوبات على الواردات، فأوروبا ما زالت تستورد الغاز الطبيعي والنفط من روسيا لآن أوروبا لا تستطيع الاستغناء عن الإمدادات الروسية من السلعتين، رغم إدراكها أن استمرار استيراد النفط والغاز الروسيين يمد موسكو بتدفقات نقدية ضخمة تساعد اقتصادها في تحدي العقوبات وتمويل العملية العسكرية في أوكرانيا. وأصبح الدرس الواضح الذي يجب أن تدركه أوروبا هو أنه «من دون أمل لا توجد مكاسب».
كما أن تأثيرات فرض قيود على التصدير إلى روسيا أو الاستثمار فيها ستكون على المدى الطويل، لأن روسيا لديها الآن ما يكفي لمواصلة الحرب على المدى القصير، تبعا للمصدر الذي أضاف أن العقوبات ستحرمها من تعويض ما تفقده وكذلك من التكنولوجيا التي ستحتاج إليها للحفاظ على كفاءة آلتها العسكرية. معنى هذا أن هذه العقوبات ستنجح على المدى الطويل إذا استمر تنفيذها بصرامة. وهناك دائما ثغرات في التنفيذ، وسيتوقف الأمر كثيرا على تصرفات الصين، لآن العقوبات تشمل الصادرات الصينية التي تحتوي على تكنولوجيا تستخدمها وتحصل عليها من الدول الغربية، حيث يتوقع المراقبون ألا تلتزم الصين بالعقوبات بشكل كامل كما هو الحال في أغلب الحالات المماثلة.
ورأى راينش، الذي عمل وكيلا لوزارة التجارة الأمريكية لشؤون التصدير في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، أن السمة الإيجابية الجديدة في الحرب الحالية هي «العقاب الذاتي» حيث نجد الكثير من الشركات والهيئات تقرر معاقبة روسيا بشكل طوعي، في ظل الأعمال الوحشية التي ترتكبها القوات الروسية في أوكرانيا، ويوثقها الكثيرون من الأوكرانيين بالصوت والصورة وينشرونها على العالم.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها