هل احتوت ” كوكا كولا ” على الكوكايين فعلاً كما يزعم إيلون ماسك ؟

بعد أيامٍ على إبرامه صفقة شراء موقع التغريدات العالمي “تويتر”، أثار “إيلون ماسك” الجدل مرّة جديدة، عبر إعلانه أن خطوته المقبلة تتمثل في شراء شركة كوكا كولا، متعهداً بإعادة الكوكايين إلى المواد التي يُصنع منها المشروب الغازي الشهير.

وعبر حسابه الخاص على تويتر، نشر الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا” تغريدةً جاء فيها: “الخطوة المقبلة، سأشتري كوكا كولا، لكي أعيد الكوكايين إليها”.

وفي اليوم التالي، عاد ماسك ونشرها مرّة أخرى، مع إشارةٍ خاصة إلى حساب كوكا كولا الرسمي على تويتر.

ورغم أنها تبدو ساخرة إلى حدٍّ بعيد، فإن التغريدة -التي حصدت حتى اللحظة أكثر من 4 ملايين ونصف مليون إعجاب- تحمل بعض الحقائق على ما يبدو. كيف ذلك؟

لم يكن الكوكايين، المسحوق الأبيض، جزءاً من الوصفة الأصلية لمشروب كوكا كولا. فالمخدّر عبارة عن مادة عالية التركيز؛ ومع ذلك، يحصل المشروب الغازي على الجزء الأول من اسمه، أي أوراق الكوكا، التي يُشتقّ منها الكوكايين.

وقد احتوت كوكا كولا مرّة على مُستخلص من أوراق الكوكا، يُطلق عليه اسم Ecgonine، وهو مادة تُشبه الكوكايين لكنها أقلّ فعالية. لكن اليوم لا توجد الكوكا في كوكا كولا، والمشروب خالٍ تماماً منها منذ العام 1929.

الجزء الثاني من اسم المشروب -كولا- يأتي من جوز الكولا الذي ينمو في غرب إفريقيا، ويحتوي على مادة الكافيين. فالكولا في أساسها الخام تُعتبر منبّهاً. لذلك فإن الـ”كوكا كولا”، بين هذين المكوّنين، كانت مشروباً قوياً.

وبحسب موقع Inverse، فإن نبتة الكوكا تعود إلى 6 آلاف سنة قبل الميلاد، وقد بدأ علماء الآثار يعثرون على عيّناتٍ منها بين 800 و3600 سنة قبل الميلاد في غرب أمريكا الجنوبية.

ووفقاً لعالم النباتات القديمة ماثيو بيور، فإن النبتة كانت تُستهلك لإضافة بعض المتعة إلى الأجواء. وغالباً ما كان يتمّ مضغ ورقة الكوكا قليلاً، وترك بقاياها عالقة بين الشفة واللثة، وهي لا تُستخدم فقط لصنع الكوكايين.

ويقول بيور إنّ مضغ ورقة الكوكا يُعطيك شعوراً يُعادل تناول فنجان قهوة قوي، ويتابع: “لا ينتج عن مضغ الأوراق تأثيرٌ مشابه لتأثير الكوكايين، فهو لا يمنح تأثيراً مهلوساً. عندما تمضغ الكوكا، يكون تأثيرها لطيفاً وخفيفاً وممتعاً”.

ويؤكد بيور أن جرعة الكوكايين التي يمكن أن نحصل عليها من نبتة الكولا “لا تُذكر”، رغم أنها قد تظهر في اختبار تعاطي المخدّرات، لكنها لن تجعلك تفقد وعيك لساعات أو أيام.

ووفقاً للمعهد الوطني لتعاطي المخدرات بالولايات المتحدة، فإن مادة الكوكايين كانت قانونية في مايو/أيار من العام 1886، عندما قام صيدلاني يُدعى جون بيمبرتون بتخمير مشروب الـ”كوكا كولا”، في ولاية جورجيا.

وفي الواقع، فقد احتوى المشروب الغازي -الذي أصبح الأكثر شهرة في العالم- على الكوكايين. وبحسب موقع usa today، فإنه عند إطلاق المُنتَج، تم تسويقه للمرّة الأولى على أنه دواء، لاسيّما أن الكوكايين كانت مادة شائعة جداً في الأدوية حينذاك.

وفي ذلك الوقت، شملت وصفة الصيدلاني جون بيمبرتون للمشروب، الكوكايين المستخلص من أوراق نبات الكوكا، قبل أن يتم التخلّي عنه في وقت لاحق بعد وفاة بيمبرتون.

فقد توفي الرجل بعد عامين فقط من طرح المنتج الجديد في الأسواق، من دون أن يستمتع بطعم النجاح الهائل. وكما هو الحال غالباً مع الشركات المبتدئة، فإن مشروب كوكا كولا لم يكن يُباع بكثرة في وقتٍ مبكر من طرحه.

وبحسب موقع “عربي بوست”، في الواقع، فقد كان يُباع ما يقلّ عن 10 زجاجات في اليوم، كمعدّلٍ للبيع، خلال السنة الأولى من إطلاق المُنتَج؛ وكانت الزجاجة الواحدة تُباع مقابل 5 سنتات في ولاية أتلانتا.

وعلى الرغم من وفاة منشئها الأصلي، ازدادت شعبية كوكا كولا في السنوات اللاحقة. بالإضافة إلى تقديمها في نوافير، بدأ المنتج في التعبئة في العام 1894. وفي النهاية، تمّ تطوير الزجاجة الدائرية ليصبح شكلها مشابهاً لتلك التي تُباع اليوم.

ورغم أن الشركة المصنّعة لكوكا كولا تؤكّد مراراً وتكراراً أن المشروب لم يحتوِ على الكوكايين، ولو لمرّةٍ في تاريخها، ويظهر ذلك بشكلٍ واضح على موقعها الإلكتروني.

على الرغم من ذلك، فإن كتاب For God, Country, and Coca-Cola يؤكد أن المادة المخدّرة -الموجودة في المشروب، والتي أُزيلت لاحقاً من مكوّناته- شكّلت مشكلة علاقات عامة دقيقة للشركة في سنواتها الأولى.

والحقيقة أنه ليس من الواضح متى أزالت شركة “كوكا كولا” المخدّر من منتجاتها بالضبط، لكن يُرجّح أن تكون فَعَلتها في وقتٍ ما بعدما باعها مخترع المشروب، أي في أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر.

وحول نفي الشركة المتكرّر لوجود مادة الكوكايين في كوكا كولا، يقول الكاتب مارك بيندرغراست: “إذا ردّت الشركة على الهجوم بقول الحقيقة، فإنها ستعترف، بذلك بأن المشروب احتوى مرّةً على الكوكايين. وسيُحكى أنها أزالت المادة لأنها كانت ضارّة، ما قد يفتح الباب أمام دعاوى قضائية”.

ويُضيف الكاتب، في الكتاب الذي نُشر عام 2013: “لم يكن من المعقول أن تعترف شركة كوكا كولا بأنها لم تكن صادقة، ونقيّة، وصحيّة”. تجدر الإشارة أخيراً إلى أن أحد متابعي إيلون ماسك كان ردّ على التغريدة، التي نشرها حول كوكا كولا، بصورةٍ لزجاجة المشروب القديمة وقال: “هذه هي أوّل زجاجة كوكا كولا تمّ بيعها في العام 1984، وكانت تحتوي على 3.5 غرام من الكوكايين. أَعِدها”.

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها