ألمانيا : تغلغل مرعب للمتطرفين المعادين للدولة في الأجهزة الأمنية
فرانكو أ، جندي لدى القوات الخاصة (KSK) وهو أيضا عضو في خلية من المتطرفين اليمينيين يطلق عليها اسم “ان اس يو 2.0” (NSU 2.0)، وخلف كل مسمى منهما، يوجد متطرف يميني مشتبه به أو مجموعة كاملة من أعداء الدولة المشتبه بهم، أشخاص ينشرون صورا لأدولف هتلر في مجموعات الدردشة، أو يخزنون أسلحة في مكان ما، أو يخططون لإسقاط الدولة الألمانية. إنهم يكسبون أموالهم من القوات المسلحة والشرطة وأجهزة الاستخبارات والجمارك، وباختصار: إنهم يعملون في الأجهزة الأمنية المسؤولة عن حماية ألمانيا.
لكن إذا تعرضت النزاهة للضرر من الداخل “فإن ذلك يكون في غاية الخطورة بالنسبة لدولة القانون والديمقراطية”، كما تقول وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر. وبرفقة رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية في ألمانيا)، توماس هالدينفانغ، قدمت وزيرة الداخلية فيزر، في العاصمة برلين هذا الشهر، تقرير الوضع الحالي عن المتطرفين اليمينيين و”مواطني الرايخ” و”أنصار الحكم الذاتي” داخل الأجهزة الأمنية. وهو أول تقرير من هذا النوع، وكان سلفها هورست زيهوفر قد أصدر الأوامر بإعداده.
وقد تم في التقرير تدوين جميع الحالات المسجلة بين يوليو/ تموز 2018 ويونيو/ حزيران 2021، والتي أعرب فيها موظفون حكوميون عن أسباب الشك في ولائهم للدستور. وتم رفع الاشتباه فيما يتعلق بـ 533 شخصًا من أصل 860 شخصًا من الأجهزة الأمنية الاتحادية وأجهزة الولايات، تم فحص حالتهم. وما تبقى هم 327 حالة مشبوهة ومثبتة لـ “مؤشرات فعلية على مساعيهم ضد النظام الأساسي الديمقراطي الحر”.
يلخص توماس هالدينفانغ النتيجة في كلمة واحدة: “مرعبة”. كل عدو للدستور هو “صفعة في وجه جميع من يعملون معه، والذين يقفون بكلتا قدميهم على أرضية القانون الأساسي”، أي الدستور الألماني. وفي الواقع، فقد تضررت صورة الجهات الأمنية بشكل كبير في السنوات الأخيرة. تشير وزيرة الداخلية نانسي فيزر إلى مخاطر كبيرة محتملة: “لديهم صلاحية الوصول إلى البيانات الحساسة، كما أن لديهم معرفة متخصصة وأحيانًا تخويل بالوصول إلى الأسلحة”.
ترى فيزر، الوزيرة المنتمية للحزب الاشتراكي الديموقراطي، أن نظرية مرتكبي الجرائم الفردية، التي تم تداولها لفترة طويلة، قد عفا عليها الزمن. وتعلق قائلة: “لا، إنهم يتحركون في شبكات، ولكن ليس داخل الجهات الأمنية (الرسمية)، بل في محيط شخصي”. ووفقًا لتقرير الحالة، يتم إجراء اتصالات بفئات اجتماعية مختلفة: في المظاهرات أو في فعاليات فنون الدفاع عن النفس أوالموسيقى أوفي الاجتماعات على طاولات الطعام والشراب والنقاش المعروفة في ألمانيا باسم “Stammtisch”.
وفقًا للمعرفة الحالية، فإن الأمرلايعدو كونه ظاهرة إقليمية في المقام الأول. ويقول توماس هالدينفانغ رئيس مكتب حماية الدستور الألماني: “لم نتمكن من الكشف عن أي حالات كان فيها مسؤولون من فرانكفورت على اتصال بطريقة ما بمسؤولين من برلين أو ميونيخ ويسعون لتحقيق أهداف مشتركة”. ولكنه أكد أنه لا يستبعد ذلك أبدًا.
وتُعزى معظم الحالات المشتبه فيها التي تم تسجيلها في شبكات على مسافات متباعدة، إلى التطرف اليميني العنيف: وتبلغ نسبتهم 53.6 بالمائة. ويشكل مواطنو الرايخ و(من يسمون أنفسهم) أنصار الحكم الذاتي الذين ينكرون وجود جمهورية ألمانيا الاتحادية نسبة تبلغ أكثر من سبعة بالمائة. وتأكد أن ما يقرب من ثلاثة بالمائة منهم لديهم اتصالات مع ما يسمى باليمين الجديد.
على رأس هذا المشهد الفكري يقف الناشر غوتس كوبيتشك Götz Kubitschek. وهو بدوره، لديه نقاط اتصال مع حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي (AfD). وللحزب مقاعد في البوندستاغ وفي 15 من برلمانات الولايات الـ 16. ومن بين نوابه موظفون في الخدمة المدنية، سواء في الخدمة المدرسية أو في القضاء أو حتى في السلطات الأمنية.
ووفقًا لتقديرات توماس هالدينفانغ فقد زادت الحساسية تجاه المتطرفين اليمينيين وغيرهم من المعادين للدستور بشكل كبير، أيضا من خلال التقارير الصحفية، كما يؤكد رئيس مكتب حماية الدستور.
ومن خلال تنظيم دورات تدريبية، سواء داخل مكتب حماية الدستور أو خارجه، من المفترض أن تصبح الرقابة أكثر إحكاما. وإذا لزم الأمر، يمكن الاستعانة بدعم خارجي أيضًا لأن: “الفهم الخاطئ القائل بأنه يمكن للمرء بطريقة ما حل مثل هذه المشكلات اعتمادا على قدراته فقط، قد تم استبعاده تماما”، كما يقول هالدينفانغ.
حتى الآن، فقد عدد قليل نسبيًا من موظفي الخدمة المدنية وظائفهم بسبب الاتهامات الموجهة لهم. وقد تم البدء في حوالي 500 دعوى تتعلق بالعمل وكذلك دعاوى تأديبية، ولكن تم فصل 60 شخصا فقط أو لم يتم قبولهم كموظفين بالدولة. ومن أجل التمكن من التخلص من أعداء الدستور بشكل أسرع في المستقبل، تخطط وزيرة الداخلية نانسي فيزر لتقديم مشروع قانون قريبًا لتعديل قانون الانضباط الاتحادي. وتقول فيزر إنه من غير المقبول أن تستمر الدعاوى في أغلب الأحيان لأكثر من عدة سنوات.
مارسيل فورستناو – دويتشه فيله[ads3]