ألمانيا تتعرض لأسوأ موجة جفاف منذ عام 1766
تواجه ألمانيا منذ العام 2018 موجة جفاف تتصاعد وتيرتها باستمرار مع تناقص معدلات الأمطار في مناطق واسعة من البلاد.
وفي مناطق كثيرة من ألمانيا جفت تربة الغابات الأمر الذي فاقم من مخاطر نشوب الحرائق. وفي نهاية الأسبوع الماضي (بين يومي 18-19 يونيو)، اندلع حريقان كبيران في براندنبورغ، وتطلب أحدهما إخلاء قرية من سكانها.
احتاج إتمام العمل على إطفاء الحرائق لعدة ساعات فقط من المطر المستمر ما ساعد رجال الإطفاء على الانتهاء من عملهم، لكن درجات الحرارة عادت للارتفاع بالفعل مرة أخرى ما يهدد باندلاع حرائق جديدة مع مرور الوقت، خاصة مع عدم وجود إشارات لاحتمال هطول الأمطار مجدداً. فهل سيكون العام 2022 عام جفاف آخر؟
“نعم ولا” .. هذا ما قاله الدكتور أندرياس ماركس من مركز هيلمهولتز لأبحاث البيئة، والذي أضاف أنه “ستكون هناك انتكاسات للزراعة إذا لم تكن النباتات قد بدأت بالفعل في إنتاج الثمار في الوقت المناسب”، بحسب ما قال لموقع صحيفة “بيلد” الألمانية.
أضاف ماركس أنه إذا كان لا يزال هناك هطول للأمطار، فلا يزال بإمكان النباتات النمو والإثمار ومنحنا بذوراً جديدة وهو ما لن نعرفه إلا بانتهاء الموسم الزراعي بسلام. وقد واجهنا المخاوف نفسها العام الماضي حيث بدأ موسم الزراعة وسط أجواء جافة للغاية في الربيع، ولكن بعد ذلك استمر هطول الأمطار في الصيف”.
وبحسب الدكتور أندرياس ماركس الخبير البيئي فإن الوضع سيىء في ولايات براندنبورغ وساكسونيا وساكسونيا السفلى، “إذ تزداد التربة جفافاً كل 50 عامًا”، مضيفاً أن موجة الجفاف المتصاعدة بدأت في يونيو 2018، ولم ترتفع مستويات الأمطار مجدداً حتى يومنا هذا، ما جعل التربة تعاني من جفاف شديد للغاية لتصبح هذه هي السنة الرابعة للجفاف”، مؤكدأ أن “ما يحدث اليوم هو نتاج لتغير المناخ”.
ويؤكد علماء البيئة والمناخ في ألمانيا أنه من الضروري للغاية احتواء أعلى مترين من التربة على نسب مقبولة من المياه قبل أن تتسرب إلى المياه الجوفية، لكن المشكلة تكمن في أن معدلات تجدد المياه في ألمانيا تنخفض باستمرار، وهو أحد الأسباب التي تجعل، على سبيل المثال، آبار إطفاء الحرائق في براندنبورغ اليوم تقع على عمق يتراوح بين 30 إلى 40 مترًا، فيما كان يكفي في السابق الحفر لمسافة ما بين 10 إلى 20 مترًا كحد أقصى للوصول إلى المياه الجوفية واستخدامها في عمليات الإطفاء.
ووفق ما اوردت صحيفة “البيان” الإماراتية، يوضح خبير البيئة في مركز هيلمهولتز قائلاً: “يُعد الجفاف حدثاً متطرفاً في ألمانيا.. فمن المؤكد أن البلاد لم تكن جافة بهذا الشكل منذ العام 1766 وحتى ربع الألفية الحالية.. هذا ما أثبتته الدراسات التي أعادت بناء المناخ في ألمانيا.”
وبينما تعاني أجزاء كبيرة من ألمانيا من الجفاف، لكن الدكتور أندرياس ماركس لا يتوقع أن تظل الأمور على ما هي الآن، “فالمشكلة فقط أننا لسنا معتادين على هذا النمط من المناخ لأننا نفتقر إلى الإحساس بأن الجفاف يتصاعد ببطء، لكنه سيبقى لعدة أشهر أو سنوات، ثم تعود الأمور إلى التحسن”.
ويقول الدكتور ماركس إنه “لا يُتوقع حدوث تغييرات كبيرة حتى منتصف القرن. لكن إذا استمر هذا الأمر لفترة أطول، فستكون كارثة بالفعل”، مشيراً إلى أن “هذا لا يعني أننا لن نواجه تحديات مع ذلك. فالجفاف على مدى عدة سنوات، كما نرى، يمكن أن يسبب مشاكل كبيرة في ألمانيا. ما نراه اليوم لم نشهد له مثيلاً قبل العام 2018 .. اليوم لدينا مليارات الخسائر في عدة قطاعات، ونحن بحاجة إلى التفكير في كيفية الاستعداد لما هو قادم بشكل أفضل”.
لكن هل من المفترض أن ينتهي الجفاف على الرغم من تغير المناخ؟ كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ يقول الدكتور ماركس إن الأمر يحدث “من خلال عودة هطول الأمطار إلى معدلات طبيعية.. لقد أخذ العديد من العلماء في جميع أنحاء العالم في الاعتبار جميع عوامل المحاكاة البيئية والتي تشير إلى أن الأمور لن تبقى دائمًا على هذا النحو. عندما ننظر إلى تلك البيانات فإننا نعرف أن هذه الفترة الصعبة ستمر”. (DW)[ads3]