ألمانيا تواجه أزمة طاقة خطيرة ترغمها على استخدام الفحم

تخوض الدول الأوروبية وفي مقدمتها ألمانيا معركة شاقة لمواجهة أزمة طاقة تزداد خطورة يوما تلو الآخر جرّاء الحرب في أوكرانيا وتعنت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قلّص إمدادات الغاز نحو أوروبا ومن المحتمل أن يوقفها تماما خلال أشهر.

وبدأت الدوائر السياسية في ألمانيا تستشعر الخطر من ذلك، خاصة وأن ألمانيا اضطرت لإعادة تشغيل مولدات فحم، وهو أمر شديد السوء بالنسبة إلى دولة تصر على التخلي عن محطات الفحم تماما، كما أنها تتجه مسرعة نحو تبني نظام الحصص في إمدادات الغاز الطبيعي.

“الغاز في ألمانيا أصبح سلعة نادرة”؛ يختصر هذا التصريح لوزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك واقع قطاع الطاقة في بلاده، وسط تقليص إمدادات الغاز الروسي لها عبر خط “نورد ستريم 1”.

ووصف هابيك مؤخرا أزمة الطاقة الحالية في بلاده بأنها خطيرة، حيث تستعد برلين لإجراءات جديدة لتعويض إمدادات الغاز الروسي، وتوفير التمويل اللازم لتأمين الغاز للشتاء المقبل.

وصرح الوزير لشبكة “زد.دي.أف” التلفزيونية الألمانية، خلال وقت سابق من الأسبوع الماضي بأن “تأمين الإمدادات من الغاز مضمون حاليا، لكن الوضع خطير”.

وعادت ألمانيا إلى تشغيل إحدى المحطات الضخمة العاملة بالفحم، وسط هجرة عكسية إلى عصر الفحم من جانب دول أوروبية مثل النمسا وفرنسا.

ورأى هابيك أن “إعادة استخدام الفحم أمر مرير لكنه ضروري، يجب أن نفعل، وسنفعل كل ما في وسعنا لتخزين أكبر قدر ممكن من الغاز في الصيف والخريف”.

وأعرب توماس دبليو أودونيل خبير الطاقة البارز المقيم في برلين عن شكوكه الجدية بشأن ما إذا كان لدى ألمانيا ما يكفي من الغاز للشتاء المقبل.

وقال أودونيل “يبدو أن الرئيس الروسي مستعد لقطع الغاز، حيث قطع إلى الآن 60 في المئة من الغاز القادم عبر خط الأنابيب نورد ستريم 1”.

أضاف أنه إذا انقطع الغاز تماما، أو استمر عند المستوى الحالي، فإن هناك تساؤلات جادة حول توفر ما يكفي من الغاز لهذا الشتاء.

وأضاف أودونيل، الذي يعمل محاضرا في جامعة برلين الحرة “ليست لدى ألمانيا أو أوروبا بشكل عام طريقة لاستبدال الغاز الطبيعي بسرعة، حيث لا يستخدم الغاز الطبيعي في ألمانيا كثيرا لإنتاج الكهرباء، الذي يستهلك حوالي 15 في المئة فقط من الغاز في البلاد، لكن الاستخدام الرئيسي يتركز في الصناعة وتدفئة المنازل”. وأردف “يتعين على الحكومة الألمانية الاختيار، ومن الواضح أنها ستختار قطع الغاز عن مجال الصناعة الذي يوفر الوظائف”.

أما كلوديا كيمفرت الباحثة في المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية في برلين فقد قالت لشبكة الإذاعة والتلفزيون السويسرية “يجب أن نقول بوضوح إننا في وسط أزمة طاقة في أوروبا كلها، فمازلنا نعتمد بشدة على الغاز الروسي”.

وأضافت “في الأسابيع القليلة الماضية تمكنت بعض الدول من الحصول على الغاز من بلدان أخرى، وأصبحت المخازن نصف ممتلئة”. وتابعت القول “يتعين علينا الآن ملء الخزانات بشكل أكبر استعدادا لفصل الشتاء، والقيام بالمزيد لتوفير الطاقة.. الوضع خطير للغاية”.

وتعمل ألمانيا على خفض اعتمادها على روسيا في مجال الطاقة، منذ بدء تدخل الأخيرة عسكريا في أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير الماضي. ووفقا لوزارة الاقتصاد الألمانية، فإن هناك تقدما كبيرا في تنويع المصادر خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة في مجال النفط والفحم.

كما انخفض الاعتماد الألماني على النفط الروسي من حوالي 35 في المئة العام الماضي إلى 12 في المئة مؤخرا، وانخفضت حصة استيراد الغاز الروسي من 55 في المئة إلى 35 في المئة.

وبالنسبة إلى الفحم، انخفض معدل استيراده من 50 في المئة إلى حوالي 8 في المئة فقط منذ بداية العام الجاري. ومؤخرا أصدر الاتحاد الأوروبي حظرا على استيراد الفحم الروسي، مع منح فترة انتقالية للتخلص من الفحم الروسي نهائيا.

وقال هابيك “كل هذه الخطوات التي نتخذها تتطلب جهدا مشتركا هائلا من قبل جميع المعنيين، كما أنها تضيف تكاليف على الاقتصاد والمستهلكين”. (alarab)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها