قتل نساء في ألمانيا لاستعادة “شرف” العائلة

 

“جرائم الشرف” جرائم يرتكبها الجناة بدافع استعادة ما يسمونه شرف العائلة، ويرتكبها في الغالب أقارب لديهم خلفية ثقافية معينة، يعتبرون أن من واجبهم حماية “شرف” العائلة، وأخيراً، أعاد حادث اختفاء الشابة العراقية المولودة في ألمانيا جينوار، النقاش حول الجرائم التي ترتكب باسم الشرف، وكشفت المحامية والباحثة في علم الإجرام بألمانيا جوليا كاسلت في دراستها أن “جرائم الشرف ظاهرة نادرة تشوهها التغطية الإعلامية”.

قضية اختفاء جينوار

وما زال البحث مستمراً عن الشابة جينوار المسماة في ألمانيا “زينا”، البالغة من العمر 17 عاماً، وكانت قد اختفت بعد سفرها مع عائلتها إلى تركيا في التاسع من أبريل (نيسان) 2022، لأجل تلقي علاج الأسنان، ومن ثم توجهوا إلى العراق، لكن العائلة عادت إلى ألمانيا من دون جينوار.

وبحسب موقع متخصص في جرائم “الشرف” في ألمانيا، فإن العائلة لم تبلغ عن اختفاء الابنة بعد عودتها إلى ألمانيا، وزملاؤها في الدراسة هم من أبلغوا الشرطة، بعدما لاحظوا اختفاءها.

ولدت جينوار الإيزيدية في مدينة بيلفلد بألمانيا، وكانت نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، تنشر صورها باستمرار، وبحسب الصحيفة الألمانية “فيستفالن بلات”، يشتبه المحققون أن عائلتها على علاقة باختفاء الفتاة، ويشير المصدر ذاته إلى أن أسلوب حياة جينوار تسبب لها في خلافات مع عائلتها، كما أن الأسرة المشتبه فيها لا تتعاون مع الشرطة ولم تخبرها من هو طبيب الأسنان الذي عالج جينوار في تركيا.

وبحسب التقرير، حاولت الأسرة إجبار جينوار على تغيير أسلوب حياتها، مشيراً إلى أنها سبق وتلقت الرعاية من قبل موظف مؤسسة رعاية الشباب والأطفال “يوغند آمت” في بيلفلد، وهي مؤسسة متخصصة في رعاية الشباب والأطفال والمراهقين المهمشين أو الذين تعرضوا للإيذاء، وتقدم أيضاً نصائح للأسر والشباب.

في 24 أبريل، اختفت جينوار من على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح هاتفها غير مشغل، وفي اليوم التالي، عادت العائلة إلى ألمانيا حيث تحقق لجنة جرائم القتل في قضية الشابة العراقية، ويصعب على الشرطة في ألمانيا التحقيق في العراق.

شريك جديد

وأعلن المدعي العام في كولونيا بألمانيا، أنه تم التحقيق مع رجل سوري (41 عاماً) الذي قتل زوجته أخيراً لأن لديها شريكاً جديداً، وكان الزوجان قد قدما إلى ألمانيا قبل ست سنوات، وبحسب المدعي العام أولريش بريمر من “روندشاو”، “يبدو أن المشتبه به شعر بأن شرفه قد انتهك”، يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 41 عاماً، لم يقبل أن زوجته قد ابتعدت عنه وقررت أن تبدأ حياتها مع شريك جديد.

وكانت الشرطة قد عثرت على المرأة الميتة في شقتها، وأشار المدعي العام إلى أن المرأة، البالغة من العمر 36 عاماً، أصيبت بطعنات في الجزء العلوي من جسدها، ويبلغ عمر طفليهما أربعة وخمسة أعوام، ويشار إلى أن الجاني اتصل بالطوارئ بنفسه وسلم نفسه للشرطة.

المحامية والباحثة في علم الإجرام بألمانيا جوليا كاسلت أجرت بحثاً عن ظاهرة “جرائم الشرف” لصالح معهد “ماكس بلانك” للقانون الجنائي، وقامت بدراسة عشرات الآلاف من ملفات القضايا والتقارير الإخبارية عن “جرائم الشرف”، ومقارنتها مع جرائم قتل الإناث من دون وجود خلفية ثقافية، وكشفت الدراسة أن القضاة الألمان يحكمون على “المتابعين في قضايا جرائم الشرف” بالسجن المؤبد أو لفترات طويلة، مشيرة إلى أن الحكم عليهم من طرف القاضي يكون أشد من قاتلي الإناث من دون خلفية “الشرف”.

من 1996 إلى 2005، قامت كاسلت بدراسة قضايا جرائم “الشرف”، وجدت أن 78 حالة قتل ومحاولات قتل بسبب “الشرف”، معتبرة أن هذا الرقم صغير مقارنة بجرائم القتل ضد النساء في ألمانيا، وبحسب إحصاءات الشرطة الجنائية الألمانية، في عام 2018، تم تسجيل 901 جريمة قتل أو محاولة قتل، وتؤكد الباحثة أن “جرائم الشرف ظاهرة نادرة تشوهها التغطية الإعلامية”.

وبحسب الصحيفة الألمانية “ديرتاجس شبيغل”، فإنه في عام 2018، قُتلت 122 أنثى على أيدي شركائهن أو شركائهن السابقين، وتشير الباحثة إلى “أنه عندما يكون الجاني أجنبياً، سرعان ما يتم تصنيف الجريمة على أنها مرتبطة بـ”الشرف”، على الرغم من أنه غالباً ما يكون الدافع وراء الجريمة هو نفسه بالنسبة للألمان، الغيرة والتملك، وتحدث الجريمة عادة عندما تنفصل المرأة أو تريد الانفصال”.

ظاهرة الشرف قبلية قديمة

وتشير كاسلت إلى أن هناك بلداناً تنتشر فيها ثقافة “الشرف” وليست مسلمة، معتبرة أن هذه الظاهرة قبلية قديمة وجدت لفترة أطول بكثير من الإسلام، ونشأت هذه الظاهرة في وقت لم تكن فيه مؤسسة الدولة، وكان لا بد من الدفاع عن شرف العائلة ضد العائلات والقبائل الأخرى، ما يجعل من هذه الظاهرة ثقافية وليست دينية، على حد تعبير المحامية الألمانية.

“قتل الإناث”

وبحسب مكتب التحقيقات الفيدرالي الألماني، فإن كل يوم في ألمانيا تسجل محاولة قتل امرأة لدى الشرطة، وكل ثلاثة أيام تموت امرأة على يد شريكها أو شريكها السابق، ويعمل مكتب التحقيقات الفيدرالي على تقييم عدد حالات قتل النساء في ألمانيا منذ عام 2015، مشيراً إلى أنها مرتفعة، وفي عام 2015، تم تسجيل 135 جريمة قتل الإناث، وفي عام 2020، تم تسجيل 139 جريمة قتل للإناث.

ومصطلح “قتل الإناث” صاغته عالمة الاجتماع ديانا راسل في عام 1976 في سياق النقاش حول القتل العمد للنساء لكونهن نساء، وغالباً ما يتم ارتكاب هذا نوع من الجرائم بشكل خاص من قبل الشركاء أو الشركاء السابقين الذكور.

إلهام الطالبي – إندبندنت عربية[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

One Comment

  1. الشرف والغيرة ومرؤة الرجل لا يسمح للعقب البشري ان يستوعب بأن امرأة اعطيتها كل وقتي وحياتي وقلبي ان في اخر عمري تتركني لمجرد انها تعرفت على شخص لخمس دقائق لا دين ولا شرع يقبل بهذا يجب على القانون الدولي ان يكون منصف بهذا حتى لا يكون هناك اجرام عندما الرجل يذهب مع امرأة اخرى هناك من النساء من يفعل اكثر من القتل يدمرون حياة اسرة كامله من اجل الخيانه وعدم الاخلاص يجب علينا ان نكون منصفين