أسوشييتد برس : قلق يعتري أوساط اللاجئين السوريين في لبنان مع خطط السلطات لترحيلهم
دفع الانهيار الاقتصادي في لبنان – وهو من الأسوأ في التاريخ الحديث – عدداً متزايداً من اللبنانيين والسوريين إلى محاولة الخروج في رحلة محفوفة بالمخاطر عبر البحر إلى أوروبا.
بالنسبة للسوريين ليس الوضع الاقتصادي محركهم فقط، فخطة الحكومة اللبنانية المعلنة مؤخراً لترحيل 15000 لاجئ شهرياً إلى سوريا ستدفع المزيد للقيام بهذه الرحلة، في وقت تكافح فيه أوروبا مع ملايين اللاجئين الأوكرانيين الفارين من الحرب المستمرة منذ أشهر في بلادهم.
يفيد الجيش اللبناني وأجهزة أمنية أخرى بإحباط محاولات هجرة قبالة سواحل السواحل الشمالية بشكل أسبوعي. في أبريل/ نيسان الماضي غرق ما لا يقل عن سبعة مهاجرين في أعقاب مواجهة بين قارب يحمل مهاجرين لبنانيين وسوريين والجيش اللبناني .
تقول أم جواد وهي لاجئة سورية في الثلاثين من عمرها، تعيش في مخيم للاجئين السوريين بالقرب من معبر لبنان الشرقي الحدودي مع سوريا: “اللبنانيون ليسوا سعداء بحياتهم هنا ويحاولون المغادرة، فما بالكم بالسوريين؟”.
إضافة إلى الأزمة الاقتصادية ساهم وباء كوفيد بتعقيد الحياة في المخيم، ودفع بمزيد من اللاجئين للاستدانة لشراء الغذاء والدواء والإيجار.
تقول حكومة لبنان، البلد الذي يبلغ تعداد سكانه خمسة ملايين نسمة، إنها لم تعد قادرة على استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري، وتصر على البدء في ترحيلهم في غضون أشهر، على الرغم من معارضة الأمم المتحدة والجماعات الحقوقية.
ولطالما رغبت ودعمت السلطات اللبنانية فكرة الإعادة القسرية للاجئين خلال سنوات ماضية لكنها لم تتوصل إلى خطة شاملة حتى وقت قريب. في تبرير هذه الإجراءات، تقول السلطات إن المسؤولين السوريين أكدوا أن هناك العديد من المناطق الآمنة التي يمكن للاجئين العودة إليها.
في وثيقة حكومية لبنانية حصلت عليها وكالة أسوشيتيد برس، أكدت دمشق لبيروت في أبريل / نيسان أن العائدين سيكونون قادرين على استصدار بطاقات هوية وشهادات ميلاد والاستفادة من الخدمات الاجتماعية والسكن المؤقت والبنية التحتية. كما كتب مسؤولون سوريون أن العائدين سيستفيدون من عفو الرئيس السوري بشار الأسد عن المعارضين السياسيين والمتهربين من التجنيد العسكري.
لكن يخشى كثير من اللاجئين السوريين على سلامتهم إذا أجبروا على العودة.
تقول لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايت ووتش، إن المنظمة وثقت حالات لاجئين سوريين يواجهون الاحتجاز والتعذيب ومجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان عند عودتهم، حتى مع التصاريح الأمنية من الحكومة السورية.
أما حسن المحمد، الذي يعمل في حقول سهل البقاع اللبناني مع أطفاله الاثني عشر، فيقول إنه يحلم بالعودة إلى المنزل، لكن الآن ليس الوقت المناسب، مضيفاً أن مسقط رأسه جنوب غرب مدينة حلب لا يزال على خط المواجهة، يتساءل: “هل يجب أن أهرب من أزمة اقتصادية لمكان تذبح فيه عائلتي؟” .
في الوقت نفسه، يشعر الكثير من اللبنانيين أن إعادة السوريين إلى ديارهم ستخفف من الأزمة الاقتصادية في لبنان، حيث يعيش ثلاثة من كل أربعة أشخاص الآن في فقر.
يقول المحمد إن المخابز في بعض الأحيان تعطي الأولوية للمواطنين اللبنانيين في رزمة الخبز وتجبر السوريين وغير اللبنانيين على الانتظار لساعات، وهو محبط من مزاعم أن اللاجئين يستفيدون اقتصادياً على حساب اللبنانيين، يقول: “لقد خفضوا المساعدات، لذلك نعمل لنتناول الطعام.. المال الذي نجنيه هو لشراء الخبز”.
اقترح الوزراء اللبنانيون في الأشهر الأخيرة أن تقوم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإعادة توجيه مساعدات اللاجئين إلى سوريا، كطريقة لتحسين الوضع هناك وتشجيع العودة.
لكن تلك الدعوات لم تلق القبول حتى اللحظة، تعتبر وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وأوروبا والولايات المتحدة والعديد من الجماعات الحقوقية أن سوريا ليست آمنة بعد.
هذا الموقف يخلق غضباً لدى المسؤولين اللبنانيين، ففي مقابلة سابقة خلال الشهر الحالي قال عصام شرف الدين، الوزير المعني بقضايا اللاجئين، إن رفض الأمم المتحدة إعادة توجيه المساعدات يثني اللاجئين عن العودة، كما قال إن التقارير عن بدء وشيك لعمليات الترحيل ترقى إلى مستوى “حملة خوف” لا أساس لها من الصحة.
وقال اللواء عباس إبراهيم، عضو لجنة عودة اللاجئين التابعة للحكومة اللبنانية، للصحفيين الأسبوع الماضي: “يبدو أن المجتمع الدولي لا يريد عودة السوريين إلى بلادهم”. (euronews)[ads3]