ما هي أسباب حرائق الغابات المميتة في أوروبا ؟ ( فيديو )

اجتاحت حرائق غابات مميتة خلال الأيام الماضية، مساحات شاسعة في القارة الأوروبية بسبب موجات الحر، وبذلت فرق الإنقاذ جهود مضنية لمكافحة هذه الحرائق التي أسفرت عن سقوط مئات القتلى وفرار الآلاف من منازلهم.

وبحسب بيانات أصدرها الخميس نظام معلومات حرائق الغابات الأوروبية التابع لبرنامج مراقبة الأرض للاتحاد الأوروبي “كوبرنيكوس”، تخطّت المساحات التي اجتاحتها النيران في الأسابيع الأخيرة في أوروبا المساحة الإجمالية للأراضي المُحترقة خلال العام 2021 بأكمله.

ولفت العلماء، إلى أن الامور قد تزداد الأمور سوءا في السنوات المقبلة مع اشتداد تغير المناخ ما لم يتم اتخاذ تدابير مضادة.

ويعتبر البعض أن الهجرة الجماعية للأوروبيين من الريف إلى المدن في العقود الأخيرة، فضلا عن عدم الاهتمام بالقرى النائية المكتظة بمناطق الأشجار والغابات، حول هذه القرى إلى قنابل موقوتة قابلة للاشتعال في أي لحظة.

النزوح الجماعي

منذ النصف الثاني من القرن الماضي، عزم الآلاف من الأوروبيين على ترك قراهم والتوجه نحو المدن بحثا عن حياة أفضل، ما عرف حينها بـ “النزوح الجماعي”، خطوة حولت مناطق عدة إلى مساحات مهملة.

يقول يوهان غولدامر، رئيس المركز العالمي لرصد الحرائق، أن مدينة وودلاند الأمريكية، مليئة بالمواد القابلة للاحتراق، من جذوع الأشجار الميتة والأغصان المتساقطة والأوراق الميتة والأعشاب الجافة.

وأكد غولدامر، أن هذا هو السبب في أننا نشهد زيادة عالمية غير مسبوقة في الحرائق الشديدة، لافتا إلى أنه “خلال الألف أو الألفي عام الماضية، لم يكن لدينا هذا الكم من المواد القابلة للاشتعال من حولنا”.

في البرتغال، حيث توفي أكثر من 100 شخص في حرائق الغابات عام 2017، تقول السلطات إن 62 بالمئة من الحرائق ناجمة عن أنشطة زراعية مثل حرق بقايا الأشجار.

هل الاحترار العالمي عامل في الحرائق البرية؟

أضاف تغير المناخ بعدًا جديدًا مخيفًا أدى إلى زيادة تواتر حرائق الغابات وشدتها وجعلها أكثر خطورة.

وفي دراسة نشرت في يونيو/حزيران في مجلة كليمايت “Environmental Research: Climate”، خلص بعض علماء المناخ إلى أنه من المحتمل أن يكون تغير المناخ قد جعل موجات الحر أسوأ.

ووفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في فبراير/ شباط 2022، إن تغير المناخ الذي يسببه الإنسان وما ينتج عنه من جفاف، قد يجعلنا نشهد عدد حرائق أكبر بنسبة 30 بالمئة في غضون 28 عامًا.

وردا على ما إذا كان للاحترار العالمي دور في نشوب هذه الحرائق، قالت فريدريك أوتو المحاضر الأول في علوم المناخ في معهد جرانثام لتغير المناخ في “إمبريال كوليدج” لندن، “هذا صحيح، وبشكل خاص في جنوب أوروبا، حيث ارتفعت الحرائق الناجمة عن موجات الحر ودرجات الحرارة المرتفعة والجفاف والرياح العاتية، مما يجعل حرائق الغابات الصيفية “القاعدة الجديدة”.

خلال هذه الشهر، لاحظ الاتحاد الأوروبي أنه على مدار السنوات الخمس الماضية، شهدت دول التكتل أشد حرائق للغابات وأن الجفاف الحالي في القارة قد يصبح الأسوأ على الإطلاق، إضافة إلى أن درجات الحرارة في منطقة حوض البحر المتوسط ترتفع ​​بنسبة 20 بالمئة أسرع من المتوسط ​​العالمي، وفقًا للأمم المتحدة.

وتشهد إحصاءات الحرائق في الاتحاد الأوروبي على هذه المشكلة. وقد تضاعفت مساحة الريف الأوروبي المحترق إلى أكثر من ثلاثة أضعاف هذا العام، مع ما يقرب من 450 ألف هكتار من الأراضي المتفحمة حتى 16 يوليو/تموز، مقارنة بمتوسط ​​2006-2021 البالغ 110 آلاف هكتار خلال الأشهر نفسها من السنة.

وبحلول التاريخ نفسه، شهدت أوروبا ما يقرب من 1900 حريق غابات مقارنة بمتوسط ​​470 حريقًا للفترة 2006-2021.

هل الحرائق مختلفة الآن؟

جعلت موجات الجفاف والحرارة المرتبطة بتغير المناخ عمليات مكافحة حرائق الغابات أصعب، حيث تسهل الظروف انتشارها بشكل أسرع. ويعتبر العلماء أن تغير المناخ سيجعل الطقس أكثر تطرفًا، وبالتالي سيشهد العالم حرائق أشرس وحالات تدمير أكبر. ومن ضمنها حالات ما يسمى بـ “الحرائق الضخمة” أي حرائق كبيرة لدرجة أنه لا يمكن إيقافها فعليًا.

وتعرضت إسبانيا في الأيام الأخيرة لموجة من الحرائق المدمرة وسط موجة الحرّ التي استمرّت من 9 حتى 18 تموز/يوليو وقد تكون أقسى موجة حرّ عرفتها البلاد على الإطلاق، بحسب بيانات مؤقتة صدرت عن مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية.

منذ مطلع العام، اجتاحت النيران نحو 70 ألف هكتار من المساحات في إسبانيا، أي “ضعف معدّل المساحات التي احترقت في السنوات العشر الماضية” في الفترة نفسها من السنة.

وشهدت البرتغال المجاورة أيضًا شهر مايو/ أيار الأكثر دفئًا منذ تسعة عقود، وخلصت الدراسات إلى أن 97 بالمئة من أراضيها تعاني من جفاف شديد.

وشهدت فرنسا أحر شهر مايو/ أيار على الإطلاق، بمتوسط ​​درجات حرارة أكثر من المعدل الطبيعي بمقدار +3 درجات.

وتقول أوتو من “إمبريال كوليدج”، “لن نتمكن من منع حدوث حرائق الغابات بشكل كلي، علينا أن نتعلم كيف نتعايش معها”.

كيف نتعايش مع المزيد من الحرائق؟

وبالرغم من مشاهد النيران التي تفطر القلب وآلاف الهكتارات المتفحمة ومعاناة رجال الإطفاء، يعتبر فريق آخر من العلماء أنه يجب ألا نفقد الأمل.

تقول أوتو عن حرائق الغابات الأكثر تواترًا، “الأمر ليس إلهيا، يمكننا فعل الكثير لمواجهة هذه الحرائق”. وتضيف أن الأشياء التي يمكننا القيام بها للتكيف مع هذه الحرائق، تشمل وضع حد لحرق الوقود الأحفوري وتثقيف الناس حول ظاهرة الاحتباس الحراري إضافة إلى عشرات المشاريع الأخرى والاحتياطات.

واعتبر البعض أن التغيرات التي يمكننا إحداثها قد لا نشهد نتائجها فورا وأن التغيير قد يستغرق عقودا. (euronews)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها