ألمانيا في وضع حرج بعد خفض ضخ الغاز الروسي
تعيش ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، وضعا حرجا على المستوى الاقتصادي بعد تخفيض ضخ إمدادات الغاز الروسي بنسبة 20 في المائة، والتي بدأت أمس، وبالتبعية ستتأثر الدول المجاورة.
ولم تجر الوكالة الاتحادية للشبكات في ألمانيا تغييرا كبيرا على تقديراتها الخاصة بوضع الغاز في البلاد بعد التخفيض الجديد لتوريدات الغاز الروسي القادم عبر خط نورد ستريم 1. وقالت الوكالة، الأربعاء، في تقريرها اليومي عن وضع الغاز في ألمانيا إن «الوضع متوتر ولا يمكن استبعاد حدوث تدهور جديد للموقف».
في الوقت نفسه، ذكرت الوكالة أن الإمداد بالغاز في ألمانيا مستقر في الوقت الراهن وقالت: «لا يزال أمن الإمدادات في ألمانيا مضمونا في الوقت الراهن». وذكرت أن مقدار ضخ الغاز بعد التقليص الجديد الذي أعلنت عنه غازبروم سيصل إلى 5.19 في المائة من الطاقة القصوى للخط، منوهة إلى أن نقل الغاز إلى دول أوروبية أخرى مثل فرنسا والنمسا والتشيك سيتأثر تبعا لذلك.
وأشارت الوكالة إلى استمرار تخزين الغاز، وقالت إن المستوى في الخزانات الألمانية وصل إلى 8.66 في المائة، الاثنين: «وإذا استمرت توريدات الغاز الروسي عبر نورد ستريم 1 على هذا المستوى المتدني، فإنه سيكون من غير الممكن الوصول بنسبة الملء إلى 95 في المائة بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) دون اتخاذ تدابير إضافية».
يذكر أن الحكومة الألمانية تعتزم إصدار مرسوم ينص على ضرورة وصول نسبة الملء في الخزانات الألمانية إلى 95 في المائة بحلول مطلع نوفمبر المقبل.
في الوقت نفسه، أعلنت مجموعة إيني الإيطالية أن غازبروم أبلغتها أن شحنات الغاز ستكون محددة بـ27 مليون متر مكعب الأربعاء مقابل 34 مليونا «في الأيام الأخيرة».
وقبل الحرب في أوكرانيا، كان «نورد ستريم» ينقل حوالي 73 غيغاوات في الساعة لتزويد ألمانيا – التي تعتمد خصوصا على الغاز الروسي – وكذلك الدول الأوروبية الأخرى عبر الخط الذي يمر تحت بحر البلطيق. لكن الإمدادات انخفضت إلى 40 في المائة عن المعدل الطبيعي بحلول منتصف يونيو (حزيران) قبل إغلاق الخط بشكل كامل لمدة عشرة أيام لأعمال الصيانة السنوية بين 11 و21 يوليو (تموز). ومنذ ذلك الحين استؤنف تدفق الغاز. لكن شركة غازبروم الروسية العملاقة أعلنت الاثنين أنها ستخفض إلى النصف حجم شحناتها اليومية عبر «نورد ستريم» الأربعاء، مشيرة إلى عملية صيانة لتوربين.
وصرح متحدث باسم الكرملين الثلاثاء أن خفض السرعة يرجع إلى العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بعد غزو أوكرانيا. ويؤدي النزاع إلى ارتفاع أسعار الغاز الأوروبي التي سجلت الثلاثاء أعلى مستوى لها منذ مارس (آذار).
وفي محاولة لمنع حصول نقص هذا الشتاء، وافقت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الثلاثاء على خطة تنص على قيام كل دولة «بكل ما هو ممكن» لخفض استهلاكها للغاز بين أغسطس (آب) 2022 ومارس 2023 بنسبة لا تقل عن 15 في المائة بالمقارنة مع معدل السنوات الخمس الماضية خلال الفترة نفسها.
في الأثناء، سجل المناخ الاستهلاكي في ألمانيا تراجعا قياسيا جديدا بسبب التضخم المرتفع وعدم اليقين نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا.
وأعلنت شركة «جي إف كيه» لأبحاث المستهلكين في نورنبرغ أمس، استنادا إلى أحدث مسح أجرته حول مناخ المستهلك في ألمانيا، أن المناخ الاستهلاكي تدنى مجددا بعد أن وصل لأدنى مستوياته على الإطلاق خلال الشهر الماضي.
وأضافت الشركة «منذ أن بدأ مسح ثقة المستهلكين في ألمانيا الموحدة عام 1991 لم يتم تسجيل قيمة أسوأ من هذه»، مشيرة إلى أن المناخ الاستهلاكي كان أفضل حتى خلال فترات الإغلاق في «كورونا».
وفي الأوقات العادية يكون منحنى ثقة المستهلك مستقرا حول قيمة 10، وخلال فترة الإغلاق الأول في «كورونا» انخفض إلى أدنى مستوى عند حوالي سالب 24 نقطة. وتتوقع الشركة أن يتدنى المنحنى إلى سالب 6.30 نقطة في أغسطس المقبل.
وقال رولف بوركل خبير المستهلكين في «جي إف كيه»: «بالإضافة إلى المخاوف بشأن سلاسل التوريد المتوقفة والحرب في أوكرانيا والارتفاع الحاد في أسعار الطاقة والغذاء، هناك مخاوف الآن بشأن توفير إمدادات غاز كافية للصناعة والأسر في الشتاء المقبل… هذا يقود معنويات المستهلك في الوقت الحالي إلى الهاوية».
وبحسب الاستطلاع، فإن المواطنين في ألمانيا يساورهم قلق شديد بشأن دخلهم في ظل ارتفاع تكاليف الطاقة وضعف قيمة اليورو أمام الدولار، إذ يجعل ذلك الواردات الألمانية – التي يتم دفعها بالدولار – أكثر تكلفة ويزيد التضخم في منطقة اليورو.[ads3]