بلومبيرغ : رغم تقدمها التقني .. ما سر تخلف ألمانيا رقمياً ؟
نشر الكاتب أندرياس كلوث مقالاً في وكالة بلومبيرغ حول التخلف الرقمي الذي تعيشه ألمانيا رغم التفوق التقني الذي تحظي به . وذكر بأنه “إذا كنت تريد أن تعرف سبب تباطؤ أكبر اقتصاد في أوروبا، أو أردت في الواقع معرفة سبب صعوبة التقدم في أي مجال في ألمانيا، فاستمتع برحلة في الاطلاع على نسخة للقانون الألماني الجديد الذي يحكم عقود التوظيف”. فالمشكلة ليست في الأجهزة أو البرمجيات بل في العقلية التي تديرها، حسب الكاتب.
وأشار الكاتب إلى أن مناسبة هذا المقال، هي توجيه من بروكسل يطلب من جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي والبالغ عددهم 27، تحديث تشريعاتهم بشأن ما يجب أن ينص عليه أصحاب العمل عند تعيين الأشخاص وتوقيع العقود معهم. هذا يتعلق بكل شيء من الدفع إلى الإجازة وغيرها من الشروط.
تشير تعليمات الاتحاد الأوروبي صراحةً إلى أنه “في ضوء الاستخدام المتزايد لأدوات الاتصال الرقمية، يمكن توفير هذه المعلومات المتعلقة بالتوظيف وإبرام العقود بالوسائل الإلكترونية”. ولذلك فإنه من نافل القول إنه من الجيد توضيح أنه يجب أن يكون لأصحاب العمل والموظفين خيار عقودهم عبر الورق أو الملفات الرقمية، أو كليهما.
ويقول الكاتب إن ألمانيا ليس لديها أي منها. كما أن ألمانيا أصدرت للتو قانوناً يحظر تماماً العقود والتوقيعات الرقمية. فسواء كنت مبرمجاً يبحث عن وظائف عبر الإنترنت، أو موظف توصيل في أمازون، ستحصل الآن على طباعة دقيقة لشروطك على الورق. وسيكون توقيع رئيسك الجديد بالحبر الجاف. إذا قدم أصحاب العمل عقداً رقمياً بدلاً من ذلك، فسيُغرَّمون ما يصل إلى 2000 يورو (2049 دولاراً أمريكياً) عن كل عقد.
خلال 16 عاماً الماضية وعدت الأحزاب السياسية في كل انتخابات ألمانية بالتحول الرقمي، لكن ذلك لم يحدث كما يجب.
لكن كان من المفترض أن تكسر الحكومة الجديدة برئاسة المستشار أولاف شولتس هذا النمط. يتألف التحالف الحكومي من الديمقراطيين الاشتراكيين من يسار الوسط بزعامة شولتس، والخضر، والديمقراطي الحر المؤيد لقطاع الأعمال. وجعل الأخير، على وجه الخصوص، من التحول الرقمي رسالته المركزية.
وحسب المقال، إذا نظرت من كثب في هذا التشريع، كنت سترى الاتحاد النقابي الألماني في الخلفية. يتمتع “DGB”، كما يُعرف هذا اللوبي النقابي بالألمانية، بنفوذ خاص على الديمقراطيين الاشتراكيين، الذين يديرون وزارة العمل، التي صاغت التشريع.
وفي أثناء صياغة القانون، استبعد DGB بشكل قاطع السماح بأي وسيط إلكتروني للعقود.
يؤكد أندرياس أن متحدثاً باسم “DGB” أوضح له أن ذلك لحماية العمال “غير المستقرين”، إذ يملك كثير منهم هاتفاً ذكياً فقط، ولكن ليس لديهم طابعة أو اتصال واسع النطاق في المنزل، ولا يتحققون بالضرورة من البريد الإلكتروني أو تسجيل الدخول إلى شبكة الإنترنت، إذا انتهى الأمر بالموظف وصاحب العمل في وقت لاحق إلى المحكمة، فإن العقد الورقي المادي أفضل، كما يعتقد المتحدث.
وبناء على هذا يحظر قانون DGB، وبالتالي القانون الألماني، جميع عقود التوظيف الرقمية للملايين لأن بعض الأفراد سيحصلون على خدمات بواسطة النسخ الورقية بشكل أفضل.
ويضيف الكاتب: “الآن ضاعف هذا النهج التفكير والعقلية مئات، آلاف، بل ملايين المرات، وستحصل على ألمانيا”. تصنف المفوضية الأوروبية بانتظام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حسب تطورها الرقمي. بشكل عام ألمانيا حالياً في المنتصف، إذ تحتل المرتبة 13. وهذا بسبب أن ألمانيا حسنت مؤخراً البنية التحتية المادية ذات الصلة، من خطوط النطاق العريض إلى الشبكات اللاسلكية، فأصبحت الآن أعلى من المتوسط.
ويؤكد الكاتب أندرياس: “في البنية التحتية العقلية وطريقة التفكير الذهنية البشرية، أنها قصة أخرى. في استخدام الفواتير الإلكترونية، على سبيل المثال، تقع ألمانيا بالقرب من القاع”. وأوضح أنه في ظل انتشار خدمات الحكومة الإلكترونية، تحتل ألمانيا المرتبة 24، متقدمة على إيطاليا وبلغاريا ورومانيا فقط.
يقدر المحللون الآن أن كلفة القانون الجديد من حيث البيروقراطية والطاقة وانبعاثات الطاقة ستكون كبيرة. ويمضي الكاتب ساخراً إلى أن البعض يتساءل عن طرق التسليم التي ستفرضها ألمانيا في المرة القادمة: “الحنطور، أم الحمام الزاجل، أم كلاهما؟”.[ads3]