“أدبلو ” .. سائل ” الحياة للسيارات ” يهدد صناعة النقل في ألمانيا
بعد أشهُر من الفوضى في سلسلة التوريد، ونُدرة السائقين وارتفاع أسعار الوقود، تواجه صناعة النقل بالشاحنات في ألمانيا أزمة جديدة بسبب نقص مزمن في سائل عادم الديزل «أدبلو» الذي يبقي سياراتها على الطريق. ويتكون أدبلو من مزيج من اليوريا والمياه منزوعة الأيونات، هو شريان الحياة للخدمات اللوجستية.
وتواجه صناعة النقل أزمة كبيرة في توفر «أدبلو»، بعد أن أوقفت شركة «إس. كي. دبليو بيستريتز»، وهي شركة في بلدة فيتنبرغ بشرق ألمانيا، والتي تُعَدُّ أحد أكبر مصادر الحل في ألمانيا، الإنتاج لمواجهة ارتفاع أسعار الغاز. بحسب فاينانشيال تايمز.
وقال ديرك إنجلهارت، رئيس BGL، وهي هيئة تجارية لصناعة النقل، إنه محاصر من قبل الشركات القلقة من نفاد «أدبلو»، والذي يحيد انبعاثات أكسيد النيتريك من محركات الديزل. وأضاف: «الشاحنات لا يمكن أن تتحرك بدونها. وستكون هناك صرخة من هذا القبيل بين السكان إذا انهارت سلاسل التوريد، وأفرغت المتاجر الكُبرى».
يتجه الاقتصاد الألماني نحو الركود، مثقلاً بأعباء أسوأ أزمة طاقة منذ الحرب العالمية الثانية، وقد أدى قرار موسكو بقطع إمدادات الغاز إلى دفع الأسعار إلى مستويات أعلى بأربعة أضعاف مما كانت عليه قبل عام؛ ما دفع بعض المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة إلى وقف عملياتها حتى في الوقت الذي أوقفت فيه الحكومة احتمالية تقديم دعم سخي لخفض التكاليف.
أصبحت «إس. كي. دبليو بيستريتز» واحدة من أبرز ضحايا ارتفاع أسعار الغاز عندما أغلقت بالكامل في أغسطس. وقال المتحدث كريستوفر بروفيتليش إنها أعادت لاحقاً أحد خطي إنتاجها إلى «المستويات الدنيا»، لكن الخط الثاني لا يزال غير متصل. وقال: «لو واصلنا الإنتاج لكنا نتكبد خسائر قدرها 100 مليون يورو شهرياً».
لقد كان لإغلاق SKW بالفعل تأثير كبير على مخزون الأسمدة للمزارع الألمانية، وتسبب في حدوث مشكلات للمجازر وتعبئة المواد الغذائية ومصانع الجعة التي تعتمد على ثاني أكسيد الكربون الذي تنتجه – وهو منتج ثانوي للأمونيا. لكن من المتوقع أن يكون للانخفاض الحاد في إنتاجها من «أدبلو» عواقب اقتصادية كُبرى. وقال إنجلهارت إنَّ أكثر من 90% من 800 ألف شاحنة ألمانية تحتاج إلى الحل، وتستهلك ما مجموعه 2.5 مليون إلى 5 ملايين لتر في اليوم.
وأكد في أواخر سبتمبر: «نتلقّى المكالمات الأُولى من الناقلين الذين لم يتركوا «أدبلو» ولا يحصلون على إمدادات جديدة». «قد يصل هذا قريباً إلى أبعاد لم نَعُد قادرين على احتوائها». أولئك الذين ما زالوا قادرين على شراء «أدبلو» يشتكون من أن الأسعار أعلى سبع مرات مما كانت عليه قبل عام.
وتعرب سلاسل محلات السوبر ماركت، التي تضررت من نقص المواد الغذائية التي شوهدت خلال جائحة فيروس كورونا، عن قلقها بالفعل. قال متحدث باسم Aldi Süd، أحد أكبر شركات التخفيضات في ألمانيا، إنَّ الشركة «تأخذ الوضع الحالي على محمل الجد». وأضافت: «نحن بالطبع على اتصال وثيق مع موردينا ونتفاعل مع أحدث التطورات».
وقال أحد مشغلي النقل في ولاية بافاريا الجنوبية: «هذا يؤثر على جميع المركبات التي يتراوح وزنها بين 3-4 أطنان»، متسائلاً: «ماذا سيحدث لجميع سيارات الإسعاف وسيارات الإطفاء والجرارات التي تعمل أيضاً بالديزل؟».
ولا تُعَدُّ شركة SKW الشركة المصنعة للمواد الكيميائية الوحيدة التي تعمل على تقليص الإنتاج، حيث أعلنت مجموعة يارا النرويجية في أغسطس أنها ستخفض قدرة مصانع الأمونيا الأوروبية بنسبة 65%، فيما خفضت شركة المواد الكيميائية الألمانية العملاقة BASF إنتاج الأمونيا في موقعها الواسع في لودفيجشافن في جنوب غرب ألمانيا، وتقوم بشراء المجمع في السوق العالمية بدلاً من ذلك.
وتؤثر المشاكل على جميع الصناعات التي تستهلك الكثير من الطاقة. وأظهرت بيانات رسمية حديثة أن إنتاج الزجاج والسيراميك انخفض بنسبة 2.8% بين يوليو وأغسطس، والمواد الكيميائية بنسبة 3.1%، في حين شهدت مصانع فحم الكوك ومصافي النفط انخفاضاً في الإنتاج بنسبة 4.5%، وتقدمت شركة تصنيع ورق التواليت «هاكلي» بطلب إفلاس في سبتمبر بسبب الزيادة في أسعار الطاقة والسلع.
ولا يتوقع حل الوضع بسرعة، رغم الانخفاض الأخير في أسعار الغاز من مستويات قياسية خلال الصيف، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الألماني العام المقبل بنسبة 0.3% – وهو أسوأ أداء لأي اقتصاد كبير باستثناء روسيا. وحذَّر ماركوس شتايلمان، رئيس مجموعة الضغط الكيميائية VCI، مؤخراً من أن ألمانيا تخاطر بالتحوّل من «دولة صناعية» إلى «متحف صناعي».
وسعت الحكومة إلى معالجة أزمة الطاقة من خلال حزمة تدابير بقيمة 200 مليار يورو مصممة لحماية المستهلكين – سواء الأسر الخاصة والشركات – من ارتفاع فواتير الوقود.
وتأمل برلين في أن يوفر الجزء الرئيسي من مجموعتها – «مكابح سعر الغاز»، حيث سيتم وضع حد أقصى لأسعار الغاز والكهرباء، لكن بالنسبة للمصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل «إس. كي. دبليو بيستريتز»، لا يزال سعر الغاز مرتفعاً للغاية، وقال بروفيتليش: «لن تدخل فرملة السعر حيز التنفيذ إلا في يناير المقبل، وقد فات الأوان بالنسبة لنا».[ads3]