بعد الاستحواذ عليه .. جماهيرية نيوكاسل تتزايد في السعودية
لسنوات طويلة كان السعودي الوليد الدباسي مشجعاً لنادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي الذي لم يكن يحظى بشعبية في المملكة، وهو ما جعله يواجه صعوبات في مشاهدة المباريات خارج منزله أو حتى شراء قمصان ناديه من السوق المحلي.
لكن أخصائي العلاج الطبيعي البالغ 37 عاماً يقود الآن مئات السعوديين الملتفين حول الفريق، مع تزايد جماهيريته بشكل ملحوظ في المملكة الخليجية لأسباب وطنية أكثر منها رياضية بعد الاستحواذ السعودي عليه.
واشترى كونسورتيوم مدعوم من السعودية النادي في تشرين الأول/أكتوبر 2021، علمًا أن صندوق الاستثمارات السعودي، الذي يرأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو ما جعل النادي محطاً لأنظار السعوديين المهووسين أساساً بكرة القدم.
ودفع صندوق الثروة السيادي السعودي نحو 408 ملايين دولار في الصفقة التي أثارت الجدل بشدة، وسارع النقاد إلى السخرية منها باعتبارها مثالاً على “الغسيل الرياضي”، أو استخدام الرياضة بقوة لصرف الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان.
وتُتهم الرياض بشكل روتيني بأنها تستخدم الأحداث والاستثمارات الرياضية في محاولة للتغطية على الانتهاكات الحقوقية.
ولم يكن الاستحواذ مقبولاً من قبل رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز إلا بعد الحصول على تأكيدات ملزمة قانونًا بأن الدولة السعودية لن تتدخل في عمل النادي.
لكنّ المهندس عبدالله القشعمي (27 عاماً) الذي يشجع نيوكاسل منذ سنوات لا يكترث بهذه الاتهامات. وقال الشاب الذي ارتدى قميص فريقه قرب أوشحة وأغطية للرأس بألوان نيوكاسل “هذا مشروع استثماري بحت. لو كان غسيلاً رياضياً لاشترى الصندوق نادياً أكبر وناجحاً بالفعل”.
وشكّل الاستحواذ السعودي على النادي مصدر فخر للسعوديين الذين كانوا ينظرون بغبطة لجيرانهم في الإمارات مالكي نادي مانشستر سيتي الإنجليزي وقطر مالكي باريس سان جرمان الفرنسي. وهم يأملون أن ينافس يوماً على دوري أبطال أوروبا، البطولة الأوروبية الأبرز.
يقول الدباسي ضاحكا لوكالة فرانس برس أثناء تجمع للأنصار في مقهى في الرياض لمتابعة مباراة فريقه أمام توتنهام انتهت بفوزه: “أشجع نيوكاسل منذ أكثر من 25 عاماً، لكنني كنت أعتبر نفسي مشجعا وحيداً للنادي في السعودية”، وتابع فيما عيناه شاخصتان على الشاشة الكبيرة أنّ “عملية الاستحواذ أعطت زخماً كبيراً للفريق في المملكة.. بات هناك اهتمام بنيوكاسل لأن الناس تشعر أنه مِلك وفخر للسعودية”.
ولم يفز النادي الملقب بـ”ماغبايز” بأي لقب كبير منذ 1969 (كأس المدن والمعارض الأوروبية)، فيما صارع للبقاء في دوري النخبة خلال السنوات الماضية وهبط مرتين للدرجات الأدنى في 2006 و2019.
وكان النادي يقبع في المركز قبل الأخير حين تمت عملية الاستحواذ قبل عام، لكنّه حقق أربعة انتصارات في مبارياته الخمس الأخيرة ما أوصله إلى المركز الرابع في سلم الترتيب.
وراهناً، بات هناك طلب كبير على اقتناء قميص نيوكاسل، والذي نفد من بعض المحلات في وسط الرياض. وأشار ابراهيم الحبجر الذي يدير مقهى في الرياض إلى تزايد “الطلب على مشاهدة” مباريات الفريق بعد الاستحواذ، رغم أن النادي لا يضم أيا من نجوم الصف الأول في عالم كرة القدم. وقال “هناك دافع وطني أكبر منه رياضي لأن نيوكاسل بات يُعدّ نادياً سعودياً”.
لكن هذا الاهتمام لا يزال بعيداً تماماً عن الشغف بصفوة الأندية الأوروبية مثل ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين ومانشستر يونايتد الإنجليزي.
وبعد أيام من الاستحواذ، أطلقت صحيفة “عرب نيوز” الناطقة بالإنجليزية مدونة صوتية (بود كاست) بعنوان “أسود وأبيض” تتناول تاريخ نيوكاسل وتستضيف نجومه القدامي مثل مالكولم ماكدونالد ولي كلارك بغرض “خلق تفاهم مشترك” بين الجانبين.
وقال علي خالد محرر الرياضة بالصحيفة والمقدّم المشارك بالمدونة “هدفنا أن يعرف الجانبين بعضهما البعض. الجمهور السعودي يتعرف على نيوكاسل وجمهور نيوكاسل يتعرف على السعودية”.
وسيحل “ماغبايز” في العاصمة الرياض بين الرابع والعاشر من كانون الاول/ديسمبر بعد رحلة مشابهة الى جدة في مطلع 2022، في مشوار دافع عنه مدرب الفريق إيدي هاو بقوله إنهّ “قرار متعلق بكرة القدم” فقط.
وبدأ النادي الإنجليزي يستقطب جمهوراً سعودياً لم يكن يكترث سابقا بالكرة الأوروبية، مثل مدير المشروعات عبد الرحمن القحطاني الذي لم يكن يتابع الدوري الإنجليزي على الإطلاق قبل استحواذ بلاده على نيوكاسل، لكنّه سافر ثلاث مرات خلال عام لمتابعة مباريات فريقه الجديد.
وقال الشاب البالغ 27 عاماً بحماس: “أحب نادي نيوكاسل … هو الآن يمثل اسم السعودية على الصعيد العالمي”. (AFP)[ads3]