دويتشه فيله : لتصبح أرض الأمل .. ألمانيا تعتزم السماح بازدواجية الجنسية
مارك يونغ، أمريكي يعيش في ألمانيا منذ 20 عاماً، عبر في تصريح لـ DW أنه قد “سئم من الجدل السياسي حول موضوع الجنسية المزدوجة”، والذي عاد للظهور بعد عزم حكومة المستشار أولاف شولتس تسهيل الحصول على الجنسية الألمانية.
واعتبر يونغ أن “خطط ألمانيا للسماح بالجنسية المزدوجة جاءت متأخرة 10 سنوات، بالنسبة لي، على الأقل. لقد رفضت التخلي عن جواز سفري الأمريكي، لكن الاحتفاظ بجنسيتك القديمة لا يعني انقسام الولاء، كما يقول الكثير من المحافظين الألمان، بل الأمر يعكس هويتك الحقيقية فقط”.
الإصلاحات التي تخطط لها الحكومة التي يقودها الاشتراكيون الديمقراطيون جزء من إصلاح شامل لقانون الهجرة الألماني الذي يهدف بشكل أساسي إلى تشجيع المزيد من العمال المهرة على القدوم إلى ألمانيا وسد النقص الهائل في اليد العاملة بسوق العمل.
ما هي التغييرات المزمعة؟
تتلخص التغييرات في قانون التجنيس في ثلاث نقاط أساسية:
أولاً: سيُسمح للمهاجرين الذين يعيشون في ألمانيا بشكل قانوني بالتقدم بطلب للحصول على الجنسية بعد خمس سنوات فقط بدلاً من ثمانية كما هو معمول به حالياً.
ثانياً: سيحصل الأطفال الذي يولدون في ألمانيا على الجنسية الألمانية تلقائياً، شرط أن يكون أحد الوالدين، على الأقل، عاش بشكل قانوني في البلد لمدة خمس سنوات أو أكثر.
وثالثا: سيتم السماح بتعدد الجنسيات لدى المهاجرين.
حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي من يمين الوسط المعارض، الذي عرقل باستمرار أي إصلاحات من هذا القبيل في الماضي، عارض خطط شولتس بوضوح. وقال فريدريش ميرتس زعيم الحزب الأسبوع الماضي في تصريح لقناة ARD: “إن الجنسية الألمانية شيء ثمين للغاية، ويجب على المرء أن يتعامل مع هذا الموضوع بحذر شديد”.
المهاجرون الذين يحق لهم في الوقت الحالي الحصول على جنسية مزدوجة في ألمانيا هم مواطنو الاتحاد الأوروبي، والسويسريون، والذين لا تسمح دولتهم الأصلية بالتخلي عن الجنسية (مثل إيران وأفغانستان والمغرب)، وأطفال الآباء الذين يحملون الجنسية الألمانية وغيرها من الجنسيات، واللاجئون المهددون بالاضطهاد في وطنهم، والإسرائيليون.
وسيحصل السوريون الذين قدموا إلى ألمانيا كلاجئين واستطاعوا الاندماج جيداً على الجنسية الألمانية بشكل أسرع من غيرهم.
هذا الإصلاح سيجعل القوانين الألمانية منسجمة ومماثلة لنظيراتها في الدول الأوروبية الأخرى. في الاتحاد الأوروبي، كان للسويد أعلى معدل تجنيس في عام 2020، حيث تم تجنيس 8.6 بالمئة من مجموع الأجانب الذين يعيشون هناك. أما في ألمانيا، فقد كان المعدل 1.1 بالمئة فقط.
جريتا أجوستيني، محامية ألمانية متخصصة في الهجرة، أوضحت في تصريح حول الموضوع لـDW: “إن قانون الجنسية الألماني قائم على مبدأ تجنب تعدد الجنسيات، أما الدول الأوروبية الأخرى، مثل إيطاليا والسويد وإيرلندا وفرنسا وغيرها، فهي تسمح بالجنسية المزدوجة ولديها قوانين أقل بيروقراطية فيما يتعلق بهذا الموضوع”.
وحسب “مكتب الإحصاء الاتحادي” الألماني، هناك حوالي 2.9 مليون شخص يحملون أكثر من جنسية واحدة يعيشون في ألمانيا، أي حوالي 3.5 بالمئة من السكان. كما يحتفظ 69 بالمئة من المواطنين الألمان الحاصلين على الجنسية في السنوات الأخيرة على جواز سفرهم الأصلي. ويتصدر القائمة حاملو جوزات السفر البولندية والروسية والتركية.
“العمال الضيوف”
تأثير قوانين الجنسية الألمانية سينعكس بشكل كبير على الجالية التركية، التي جاء منها أعداد كبيرة من العمال في الستينيات، عندما وقعت ألمانيا الغربية صفقات مع عدة دول لاستقدام “عمال ضيوف”، للعمل بشكل أساسي في الصناعة الناهضة آنذاك.
الآن يوجد في ألمانيا ما يقدر بنحو 3 ملايين شخص من أصل تركي، 1.45 مليون منهم ما زالوا يحملون الجنسية التركية. قالت أسليهان يشيلكايا يورتباي، عضو منظمة “الجالية التركية في ألمانيا” TGD، إن الإصلاحات جاءت “بعد فوات الأوان” بالنسبة للكثير من الأتراك من هذا الجيل، لكن “أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً”.
“بالنسبة لجيل العمال الضيوف، فإن هذا الإصلاح يعني الاعتراف والاحترام لحياتهم وعملهم في هذا البلد ومن أجله” حسب المتحدثة، التي أكدت أن “الكثير من الأتراك من الجيلين الثاني والثالث سيشعرون بالراحة، لأنهم كانت عندهم على الدوام أزمة هوية”.
وفي نظر أسليهان يشيلكايا يورتباي، فإن ألمانيا كانت ستصبح دولة مختلفة لو تم إدخال الإصلاح في وقت سابق: “كان المهاجرون سيكونون أكثر اهتماماً بالسياسة وأكثر نشاطاً في المجتمع لو كانت هذه الفرصة متاحة قبل 20 أو 30 عاماً”.
أدانت منظمة “الجالية التركية في ألمانيا” TGD العديد من التصريحات التي أدلى بها الاتحاد الديمقراطي المسيحي هذا الأسبوع ووصفتها بأنها “غير مدروسة” و”عنصرية”. وعلقت عليها أسيلهان بالقول: “بصراحة، لقد صدمت من هذه الأصوات العنصرية، حججهم ليست قائمة على الحقائق، وأعتقد أنها خطيرة جداً على المجتمع، إنها تثير المشاعر السلبية بين الناس في البلد”.
مارك يونغ يقول إن تجربته الخاصة منحته فكرة عما كان على الأشخاص ذوي الأصول التركية تحمله على مدى عقود. فهو أيضاً قام بتربية أطفاله في ألمانيا وليس لديه نية للمغادرة، ومن المحتمل أن يتقدم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية متى ما تم إقرار إصلاحات حكومة شولتس: “سأتقدم بطلب إذا سمحت ألمانيا بالجنسية المزدوجة، لقد دفعت ضرائبي وسأكون يوماً ما متقاعداً في ألمانيا سواء أحب زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس ذلك أم لا”. (DW)[ads3]