ألمانيا : هل يمكن أن تكون الجنازات ذات المراسم المبهجة أكثر تفضيلاً لدى البعض ؟
من الممكن أن تتسبب الجنازات في غانا في حالة من الحيرة أو حتى الازعاج، بالنسبة للوافدين الجدد إلى الدولة الأفريقية، حيث يبدو أن الضيوف يبدون قدرا أقل من مظاهر الحداد وأكبر من الحركات الراقصة إلى جانب نعش المتوفى. إلا أن هذه هي الطريقة التي يتم من خلالها هناك التأكيد على الحياة وأيضا الوفاة.
وتقول نادين فيسكه، وهي ألمانية مسؤولة عن تنظيم مراسم الجنازات، وتفضل أن تطلق على نفسها لقب “منظمة مراسم التوديع”: “رأيت أشخاصا يحتفلون على الشاطئ من خلال سلال نار، وآلات الجيتار والجِرار، أو بجانب النعوش المفتوحة في قاعات إقامة حفلات الزفاف”.
وعلى نحو متزايد، يختار الأفراد في الدول الأخرى ذات الثقافات المختلفة أيضا، إقامة مراسم توديع تتسم بقدر أكبر من البهجة، بدلا من التدفق الغزير لمشاعر الحزن.
وتتذكر فيسكه مراسم “توديع مسبق” جرت مؤخرا، عندما قام مريض يعاني من مرض قاتل، وهو “التصلب الجانبي الضموري” (إيه إل إس)، وهو من الأمراض العصبية الحركية، بإقامة حفل ضخم، حيث إنه لم يكن لديه وقت أطول لكي يعيشه. وتقول: “لقد كان الجو رائعا، وتم إحضاره إلى حلبة الرقص، وكان كل من حوله يرقص ويبكي في نفس الوقت”. وفي مراسم توديع أخرى أقيمت داخل دار عرض وكانت لمخرجة راحلة: “تم وضع جرة المحرقة في المقدمة، وتم عرض فيلم عن حياتها، مع توزيع الفشار”.
ولم تعد مثل هذه المراسم مفاجأة بالنسبة للجمعية الاتحادية لمتعهدي دفن الموتى في ألمانيا، وذلك لأسباب ليس أقلها أنه في أكثر من 70% من الحالات، يُفضل حاليا حرق الجثث بدلا من دفنها. وتقول إيلكه هيرنبرجر، المتحدثة باسم الجمعية الاتحادية لمتعهدي دفن الموتى: “ينتج عن ذلك وجود أماكن جديدة يمكن تقديم الخدمات بها، وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تغيير شكل العديد من المراسم”.
وغالبا ما يقوم الأفراد بتحديد شكل مراسم التوديع الخاصة بهم مسبقا، حيث تتضمن عقود التخطيط طلبات مثل: “رجاء، ارتدي ملابس مبهجة”، أو “أريد من الحضور أن يضحكوا ويرقصوا”. كما يتم تحديد الأطباق المفضلة، وقوائم الأغاني المفضلة، والمواقع ذات الأهمية الشخصية، بالإضافة إلى نعوش وجِرار وقمصان وغيرها، ذات تصميمات محددة.
ويقوم آباء الأطفال الذين وافتهم المنية، بترتيب مراسم إطلاق قوس القزح، والبالونات، وحفلات الشواء في المقابر.
وبالنسبة لكارمن بيرخولتس، التي تترأس أيضا الرابطة الاتحادية لدعم الثكالى، فهناك قاعدة واحدة تعتبر شديدة الأهمية، وهي أنه في حال أراد المتوفى شيء بطريقة معينة، فإن هذا ما يجب أن يحدث، بغض النظر عما قد يعتقده الآخرون. وغالبا ما يكون الأقارب والأصدقاء على نفس النهج، كما حدث في مراسم توديع شاب ينحدر من منطقة “موسيل” في ألمانيا، التي تشتهر بانتشار مزارع العنب فيها، والذي كان يحب الحياة ويحب أن يرتدي ملابس الإله “باخوس” (إله الخمر عند الإغريق القدماء) في أوقات الاحتفال أثناء الكرنفالات. وتقول بيرخولتس: “لقد كان من الواضح أن الجنازة ستكون مبهجة للغاية”.
ورغم أن مراسم التوديع المبهجة أصبحت تحظى بشعبية، فإنها مازالت لا ترضي الجميع، ومن الممكن أن تتسبب في حالة من الغضب أثناء مرحلة التخطيط. وتقول بيرخولتس، التي قد تجد نفسها في وسط نقاشات محتدمة: “عندما تتعارض الأمور، يكون كل ما على المرء هو المضي قدما فقط.. عادة ما يتم الانتصار على المتشككين عندما يدركون أن الأمر يتعلق بإنصاف المتوفى”.
كما حصلت فيسكه، منظمة مراسم التوديع، على نصيبها من الاعتراضات من جانب العملاء الذين يقولون إن “هذا ليس مناسبا”، عندما يسمعون ما ينتظرهم. “ثم أسأل نفسي دائما: ولكن ما هو تحديدا غير المناسب؟ فلا يمكن لأحد أن يعترض حقا على تحقيق آخر أمنية لشخص ما، والتحضير لإقامة حفل لطيف له.” (DPA)[ads3]