الهيدروجين سلاح ألمانيا لحل أزمة الطاقة .. و مناقصة غير مسبوقة في أوروبا

أدّت أزمة الطاقة في ألمانيا إلى دفعها لتسريع تحولها إلى الهيدروجين واستعماله بصفته وقودًا نظيفًا في مختلف القطاعات، وذلك في إطار خططها الهادفة إلى تنويع مصادر الطاقة لديها بعيدًا عن روسيا.

وفي هذا الإطار انطلقت شركة كيليهم فايبرز، رائدة صناعة الألياف الألمانية، في البحث عن حلول بديلة للطاقة، للإبقاء على دوران عجلة إنتاجها، وذلك منذ أن شهدت صادرات الغاز الروسية إلى ألمانيا اضطرابات للمرة الأولى في يونيو/حزيران (2022)، حسبما ذكرت وكالة رويترز.

ونتيجة لذلك سيكون بوسع كيليهم فايبرز -ومقرها إقليم بافاريا- استعمال زيت التدفئة بدلًا من الغاز بدءًا من أواسط يناير/كانون الثاني المقبل (2023)، وفقًا لمعلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

بيد أن الجانب السلبي المقترن بخطوة كيليهم فايبرز سيتمثّل في زيادة مستويات الانبعاثات الكربونية. وعلى المدى الطويل تدرس الشركة التحول إلى الهيدروجين الذي يُعد مصدرًا أنظف للطاقة شريطة إنتاجه باستعمال الكهرباء المتجددة.

الهيدروجين في ألمانيا

قال العضو المنتدب في كيليهم فايبرز، كريغ باركر: “نتطلع لأن نصبح من أوائل الشركات الكبرى في بافاريا التي تتحول إلى الهيدروجين”، بحسب وكالة رويترز.

وتمثل تكاليف الطاقة ما تزيد نسبته على 60-70% من نفقات الشركة، متجاوزة نظيرتها الخاصة بالمواد الخام الأساسية، وفق ما أوضحه باركر.

وكيليهم فايبرز -التي يصل عمرها إلى 87 عامًا- واحدة من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، المنتشرة بكثرة في ألمانيا، وتشكل العمود الفقري لأكبر اقتصاد في عموم القارة الأوروبية، وتُستخدم أليافها في كل شيء بدءًا من أكياس الشاي وحتى السدادات القطنية.

وبعد تنامي أزمة الطاقة في ألمانيا جرّاء خفض روسيا إمدادات الغاز إلى برلين في أعقاب الغزو الذي شنته موسكو على كييف في 24 فبراير/شباط (2022)، اضطرت ألمانيا إلى إطالة العُمر الوظيفي لمحطات الطاقة العاملة بالفحم لديها؛ ما يمثّل تهديدًا فعليًا لأهداف الانبعاثات الكربونية.

ومع ذلك قال الخبير الاقتصادي في معهد “أيفو” الألماني كلاوس وولرابي، إن أزمة نقص إمدادات الغاز الروسية قد يتمخض عنها في نهاية المطاف إنتاج مصادر طاقة نظيفة.

الوقود الأحفوري محفوف بالمخاطر

أوضح وولرابي، أن “التعويل على مصادر الوقود الأحفوري على المدى الطويل قد أثبت -بما لا يدع مجالًا للشك- أنه مسار محفوف بالمخاطر.. وبناءً عليه فإنه على المدى المتوسط، على الأقل، لن يكون في جعبة الشركات أي خيار سوى إعادة توجيه أنفسها”.

وأضاف أن كيليهم فايبرز -التي نجحت في تغطية 85% من احتياجات الطاقة بالغاز حتى الآن- تنخرط في سلسلة مباحثات مع المساهمين بشأن استيراد الهيدروجين، مع توقعات ببلوغ معدل الاستهلاك السنوي قرابة 30 ألف طن، بدءًا من عام 2025.

وتابع: “قطعًا تنقصنا بنية تحتية جديدة”، مشيرًا في الوقت ذاته إلى حاجة الشركة إلى خط أنابيب للاتصال بمصفاة النفط الألمانية بايرنويل، وميناء، بغية تلبية مستويات الطلب من الهيدروجين المنتج محليًا التي لا يسع الشركة توفيرها.

دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة

في أوائل شهر ديسمبر/كانون الأول (2022)، أقرت وزارة الشؤون الاقتصادية الألمانية بناء أول شبكة لخط أنابيب الهيدروجين في البلد الواقع وسط أوروبا.

وبالإضافة إلى ذلك، كشفت الوزارة عن خطة عمل لتعضيد الشركات الصغيرة والمتوسطة، في إطار تحولها إلى الإنتاج النظيف، من بينها ذلك التوسع في البنية التحتية ذات الصلة بالهيدروجين.

وكانت منظمة الأعمال الألمانية لصناعة الطاقة والمياه -التي يُشار إليها اختصارًا بـ”بي دي إي دبليو”- قد صرّحت في مطلع ديسمبر/كانون الأول (2022) بأنه ما زال يتعيّن فعل الكثير لتسريع وتيرة الاستثمارات في قطاع الهيدروجين، من بينها قانون الهيدروجين، من أجل خفض البيروقراطية، وتنظيم استعمال الهيدروجين.

وفي هذا الصدد قالت كريستين أندريا رئيسة منظمة الأعمال الألمانية لصناعة الطاقة والمياه -في تصريحات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة-: “يجب أن تمنح 2023 قوة دافعة جديدة للاستثمارات في أنماط الطاقة المتجددة والهيدروجين ومحطات الطاقة التي تعمل بالغاز وأيضًا شبكات الطاقة”.

أول مناقصة في أوروبا لاستيراد الهيدروجين الأخضر

تخطط ألمانيا لطرح مناقصة لاستيراد الهيدروجين الأخضر في أوروبا، وهي المناقصة الأولى من نوعها في عموم القارة العجوز، وذلك في إطار حرص برلين على تنويع مصادر الطاقة النظيفة، وتعزيز أمن الطاقة لديها، وفق ما أوردته مجلة بي في ماغازين (PV Magazine).

وشملت المناقصة سالفة الذكر دولًا من خارج الاتحاد الأوروبي، بحسب ما جاء في بيان صادر عن وزارة الاقتصاد الألمانية.

وتلقت الوزارة دعمًا تمويليًا بقيمة 900 مليون يورو (ما يعادل قيمته نحو 945 مليون دولار أميركي)، من جانب مؤسسة التمويل “إتش تو غلوبال” -مقرها هامبورغ- التي ترعى مشروعات الطاقة “المحايدة مناخيًا”.

ولن تكون هذه المناقصة هي الأخيرة من نوعها على ما يبدو، إذ تخطط وزارة الاقتصاد الألمانية لطرح مناقصات لاحقة تهدف إلى شراء مشتقات للوقود النظيف من بينها الأمونيا الخضراء والميثانول الأخضر ووقود الطائرات المُنتجَة عبر مصادر متجددة، حسبما ورد في البيان.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها