” خلاف التريليونات ” .. لماذا ترفض ألمانيا تعويض بولندا عن الحرب العالمية ؟
حسب ما أعلنت عنه الخارجية البولندية، الثلاثاء، فإن نظيرتها الألمانية رفضت الاستجابة لطلباتها بدفع مبالغ إضافية، تقدر بتريليونات اليوروهات، كتعويض عن خسائر الحرب العالمية الثانية. فيما تعيد الحكومة القومية البولندية طرح هذا الملف من جديد، والذي من المرجح أن يكون سبب خلاف مع جارتها الجنوبية ألمانيا.
وتتحجج ألمانيا بقرار الاتحاد السوفيتي إعفاءها من دفع تلك التعويضات لبولندا، وهو ما تعتبره وارسوا إهداراً لحقها بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدتها خلال تلك الحرب. وليست بولندا الوحيدة التي تنتقد برلين بخصوص هذا الملف، بل ما زالت دول أوروبية أخرى تقول بأن ألمانيا لم تؤدّ حساباتها كما يجب.
وتقدر بولندا خسائرها في الحرب العالمية الثانية بنحو 6.2 تريليون زلوتي، أي ما يعادل 1.40 تريليون دولار، وهي ما طالبت وارسو من ألمانيا بتعويضات عنها. وحسب بيان الخارجية البولندية، يوم الثلاثاء، “وفقاً للحكومة الألمانية، فإن مسألة التعويضات عن خسائر الحرب ستظل مغلقة، والحكومة الألمانية لا تنوي الدخول في مفاوضات بهذا الصدد”.
ويقدّر عدد القتلى البولنديين بنحو ستة ملايين، بما في ذلك ثلاثة ملايين يهودي، خلال الحرب وجرت تسوية مدينة وارسو بالأرض بعد انتفاضة عام 1944 التي قُتل فيها حوالي 200 ألف مدني. وأضافت الخارجية البولندية، بأن “حكومة جمهورية بولندا ستواصل جهودها لتسوية الديون الناجمة عن العدوان والاحتلال الألماني في الأعوام 1939-1945”.
وتعلل ألمانيا رفضها لفتح الملف بتنازل الحكومة الشيوعية البولندية، عام 1953، عن تلك التعويضات نزولاً عند طلب الاتحاد السوفيتي آنذاك، بهدف تخفيف الدين عن ألمانيا الشرقية. وتعود بولندا لطرح القضية، بعد تولي حكومة حزب “القانون والعدالة” القومية اليمينية السلطة بالبلاد، والتي ترى بأن اتفاق 1953 غير صالح، لأن بولندا لم تكن قادرة على التفاوض للحصول على تعويضات عادلة.
ووفقاً لوكالة رويترز، يعيد الحزب اليميني إحياء دعوات التعويض منذ توليه السلطة في عام 2015، وجعل الترويج لكون بولندا ضحية في زمن الحرب ركيزة أساسية لجاذبيته للقومية، الأمر الذي أدى إلى صعود موقف عدائي تجاه ألمانيا، والذي غالباً ما يستخدمه حزب القانون والعدالة لتعبئة جمهوره.
بكم عوضت ألمانيا عن خسائر الحرب العالمية الثانية؟
بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية، كان على ألمانيا، التي خرجت منهزمة، دفع معظم التعويضات عن الخسائر التي تسبب فيها الاقتتال العالمي. واقترح الحلفاء في البداية أن تدفع ألمانيا ما يقدر بـ320 مليار دولار كتعويضات، وهو ما تراجعوا عنه بعد إدراكهم استحالة مقدرتها على السداد، إذ تضاف تلك الديون إلى ديون الحرب العالمية الأولى.
وفي مؤتمر الديون الخارجية الألمانية، الذي عُقد في لندن عام 1952، جرى تخفيض تلك الديون إلى ما يقل قليلاً عن 7 مليارات مارك ألماني (أي ما يعادل 3.78 مليار دولار بسعر العملة الحالي)، كما جرى تخفيض ديون قبل الحرب إلى 7.3 مليار مارك ألماني (أي ما يعادل 4 مليارات دولار بسعر العملة الحالي).
إضافة إلى ذلك، وفي 10 سبتمبر/أيلول 1952، وقّعت ألمانيا الغربية اتفاقية تُلزمها بدفع 3 مليارات مارك ألماني (1.62 مليار دولار بسعر العملة الحالي) لإسرائيل على أقساط، و 450 مليون مارك ألماني (243 مليون دولار) إلى المؤتمر اليهودي العالمي، وهو اتحاد يمثل الجاليات اليهودية.
وأنهت ألمانيا تسديد ديونها بحلول عام 2010، لكن ما زالت الانتقادات تلاحقها في هذا الصدد. وفي عام 2009، طالب وزير المالية الإسرائيلي وقتها، يوفال شتاينتس، ألمانيا بدفع ما بين 450 مليون إلى 1 مليار يورو كتعويضات لليهود الذين أجبروا على العمل بالسخرة خلال الهولوكوست.
وفي 2015، قال رئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسبيراس، بأن برلين “لم تدفع أبداً تعويضات مناسبة عن الأضرار”، وطالب بدوره الحكومة الألمانية بأن تعيد تقييم تلك التعويضات المدفوعة. (TRT)[ads3]