ألمانيا أمام معضلة ارتفاع المواد الغذائية .. التكاليف تتضاعف على المنتجين
قال يواخيم روكفيد رئيس اتحاد المزارعين الألمان، “إنه لا يتوقع أن تنخفض أسعار المواد الغذائية هذا العام”.
وقال روكفيد في تصريحات لصحيفة “نويه أوسنابروكر تسايتونج” الألمانية: “لا أرى أي علامة على الخفوت على المدى القصير”.
وأوضح روكفيد أن إنتاج المواد الغذائية لا يزال مكلفا للغاية، مشيرا إلى أن تكلفة الأسمدة ارتفعت بمقدار ثلاثة أضعاف ونصف، وتضاعف سعر الوقود مقارنة بالأسعار قبل الحرب الروسية – الأوكرانية، موضحا أن ذلك يعني ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وقال روكفيد “لذلك لا أفترض أن أسعار المواد الغذائية في المتاجر ستنخفض هذا العام”، مضيفا أن “المزارعين يضطرون إلى زيادة الأسعار حتى يتمكنوا من تمويل المحاصيل القادمة مسبقا”.
وتحاول الدولة الألمانية تخفيف الأعباء عن الشركات والمستهلكين بمساعدات بمليارات اليوروهات. وفي العام الحالي سيجرى تطبيق إجراءات تهدف إلى كبح أسعار الكهرباء والغاز للحد من عواقب زيادة التكاليف على المنازل والشركات.
ويفترض خبراء الاقتصاد أن هذا سيحد من ارتفاع التضخم في عام 2023. لكن ليس هناك ما يشير إلى تراجع سريع للأسعار، حيث قال يواخيم ناجل رئيس البنك المركزي الألماني أخيرا “التضخم مرتفع ولن ينخفض إلا بشكل تدريجي”.
يأتي ذلك في وقت تراجعت فيه احتمالات الركود القصوى في ألمانيا، حيث يجتاز الاقتصاد فصل الشتاء وأزمة الطاقة بشكل أفضل مما كان متوقعا، غير أنه يتحتم عليه الخضوع لعملية تحول لضمان مستقبله.
وقال المعهد الوطني للإحصاءات “ديستاتيس”: “إن نمو إجمالي الناتج المحلي الألماني عام 2022 تخطى التوقعات مسجلا 1.9 في المائة رغم البيئة الصعبة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا والارتفاع الحاد في الأسعار”.
وكانت الحكومة تعول في الخريف على نمو بنسبة 1.4 في المائة فقط في 2022 بعد نمو بنسبة 2.6 في المائة في 2021.
لكن كارستن بيجيسكي المحلل في المجموعة المصرفية “آي إن جي” حذر من أن الاقتصاد الأول في منطقة اليورو “لا يزال يواجه الركود”.
وأفادت تقديرات أولية لمعهد ديستاتيس بأن إجمالي الناتج المحلي سجل ركودا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2022، ما سمح له في الوقت الحاضر بتفادي التراجع إلى نسبة نمو سلبية.
فبين صمود الاستهلاك والمساعدات الحكومية ومدخرات الطاقة في القطاع الصناعي، لا تزال ألمانيا صامدة في وجه الأزمة، حتى لو أن “الخسائر الاقتصادية الإجمالية كانت رغم كل شيء جسيمة، إذ كانت التوقعات قبل الحرب الروسية – الأوكرانية تشير إلى نمو أكبر بنحو مرتين”، على ما أوضح فريتزي كولر جايب الخبير الاقتصادي في بنك “كاي إف في”.
وأعلن روبرت هابيك وزير الاقتصاد، مبديا ارتياحه، “نجحنا في السيطرة على هذه الأزمة… سيكون التباطؤ الشتائي أكثر اعتدالا وأقصر مما كان متوقعا”.
ولا تزال الحكومة تتوقع انكماشا 0.4 في المائة عام 2023، لكن معظم المعاهد أقل تشاؤما.
وأدت أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا إلى زعزعة النموذج الاقتصادي الألماني الذي يعتمد خصوصا على الاستيراد الهائل للغاز الرخيص من روسيا.
وأوقفت الحرب الإمدادات الروسية، ما تسبب في ارتفاع حاد في الأسعار في أوروبا خلال قسم من العام. وارتفع معدل التضخم مع زيادة تكاليف الإنتاج في الصناعة، محرك النمو الألماني، ما أثار مخاوف من حدوث أزمة اقتصادية كبرى في الدولة.
وأوضح ديستاتيس أن الاستهلاك الخاص بات “الدعامة الرئيسة” للنمو العام الماضي، مع عودة الإنفاق إلى مستوياته السابقة لتفشي وباء كوفيد – 19.
وأتاحت المساعدات الضخمة، التي خصصتها الحكومة لدعم القوة الشرائية، تفادي انهيار الإنفاق الخاص، مع ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية بشكل كبير.
أما الصناعات، فبرهنت على “حس خلاق” في ادخار الغاز، في رأي يان كريستوفر شيرير الخبير في معهد “دي آي في” الاقتصادي.
وأظهرت دراسة أعدها معهد الأبحاث الاقتصادية “إي إف أو” أن ثلاثة أرباع الصناعات التي تستخدم الغاز خفضت استهلاكها دون الحد من إنتاجها.[ads3]