صحيفة : هل ألمانيا في طريقها لتصبح قوة عسكرية كبيرة ؟

 

على مدى عقد من الزمن، أكدت ألمانيا أنها تريد تحمل المزيد من المسؤولية في العالم. لكنَّ جهازها العسكري لا يسير في هذا الاتجاه. في باريس كما في داخل حلف شمال الأطلسي، تتم متابعة مماطلة برلين «لتحديث الجيش الألماني»… على أمل أن تصبح ألمانيا قوة عسكرية يمكن الاعتماد عليها، وفق تقرير لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

تمتلك ألمانيا 184 ألف جندي نشط، فيُعَدُّ جيشها بالتالي أحد أكبر الجيوش في أوروبا من الناحية العددية، خلف فرنسا وجنودها البالغ عددهم 205 آلاف جندي، وأمام إيطاليا التي تمتلك جيشاً عدده 170 ألفاً، أو بولندا وجيشها الذي عدده 120 ألفاً. على الورق، يمتلك الجيش الألماني 284 دبابة قتالية من نوع «ليوبارد»، و674 مركبة قتالية للمشاة، و121 قطعة مدفعية من عيار 155 ملم، و8 فرقاطات، و226 طائرة مقاتلة من طراز «يوروفيتر» (Eurofighter)، و«تورنادو» (Tornado). ومع ذلك، فإن عدداً من هذه الآليات ليس جاهزاً للخدمة، فخلال التدريبات الأخيرة للجيش الألماني، تعطلت 18 دبابة من طراز «بوما».

كما يفتقر هذا الجيش، ليكون جاهزاً، إلى «المعدات الشخصية مثل الخوذات وحقائب الظهر والسترات الواقية، وكذلك المعدات الصغيرة والكبيرة -من أجهزة الراديو والذخيرة إلى الدبابات»… يفتقر البوندسوير (الجيش الألماني) إلى كل شيء تقريباً، وذلك إرث لعقود من نقص الاستثمار، وفق التقرير.

بعد نهاية الحرب الباردة، خفّضت برلين إنفاقها الدفاعي بشكل أكبر لأن القضايا العسكرية لم تتمتع بأي مكانة سياسية في بلد أصابته الحرب (العالمية الثانية) بصدمة. لا يزال الجيش الألماني يعاني من القيود المفروضة على عملياته. كما أنه من غير الوارد (عند الألمان) القيام بمهام قتالية خارج ألمانيا، وقد اكتفى الجيش الألماني في مهماته الخارجية (ككوسوفو ومالي وغيرها من المهمات ضمن تحالفات كبيرة) بمهمات استطلاعية أو تدريبية أو تموينية.

منذ 1 يناير (كانون الثاني)، تولت ألمانيا قيادة «قوة المهام المشتركة العالية الجاهزية (VJTF)»، داخل حلف الناتو، وهي أسرع قوة رد فعل داخل الحلف، وهي القوة التي يجب أن تكون قادرة على الانتشار في غضون أيام قليلة عند الضرورة. لذا فإن 11500 جندي ألماني هم الآن في حالة تأهب. ويدرك ضباط الجيش الألماني أن على جيشهم الذي تولى قيادة هذه القوات الخاصة للمرة الأولى، أن يتحمل المسؤوليات العسكرية، ولذا يطالبون بزيادة موارد الجيش وتعزيز قدراته.

من خلال التصويت على صندوق استثنائي بقيمة 100 مليار يورو، وتخصيص 2 في المائة أخيراً من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع، تكون برلين تطابق بين إرادتها السياسية (بتحديث الجيش)، ومواردها المالية (الضخمة). تسعى ألمانيا أيضاً لشراء نظام دفاع مضاد للصواريخ. ومع ذلك، لن يتم صرف الأموال إلا بشكل تدريجي للتعامل مع الحالات الأكثر إلحاحاً.

سيُخصص ثلث قيمة الصندوق الخاص البالغ 100 مليار يورو، لشراء طائرات أميركية من طراز «F35»، فهذا السلاح فقط «مؤهل» لحمل السلاح النووي الأميركي المتمركز في ألمانيا، وفق التقرير. وفي حين كانت «المشاركة» الألمانية في ردع الناتو من المحرّمات في ألمانيا، بدأ الرأي العام الألماني يتحوّل، منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، وبدأ القادة السياسيون يتفهمون ذلك.

للجيش الأميركي 5 قواعد عسكرية في ألمانيا، خمسة من أصل 7 قواعد في أوروبا. وتستضيف قاعدة «رامشتاين»، وهي القاعدة الرئيسية، القيادة الأميركية (للجيش الأميركي) في أوروبا وأفريقيا. ويتمركز 30 ألف جندي أميركي في ألمانيا. بالنسبة إلى برلين، هذا الوجود هو ضمان للأمن. كما أنه يؤثر على السياسة الألمانية من خلال مواءمة مصالح برلين مع الأولويات الأميركية.

لفت التقرير إلى أن جميع مشاريع التعاون الدفاعي الألمانية الفرنسية واجهت صعوبات. لقد تعثر زورق الدوريات البحرية (MAWS)، وكذلك المروحية «Tiger Standard 3»، ولا تزال دبابة «MGCS»، وهي دبابة المستقبل التي ستحل مكان «Leclercs»، غارقة في المنافسات الصناعية.

وفيما يتعلق بطائرة «سكاف» (Scaf)، يتم تطوير هذه الطائرات المستقبلية بالتعاون مع فرنسا وألمانيا وإسبانيا لتحل محل طائرة «رافال»، في خطوة اتُّخذت نهاية العام الماضي، تضمن إدارة مشروع صناعة الطائرات الفرنسية والحفاظ على تقنيتها.

تقدّم ألمانيا أسباباً لعدم تسليمها السلاح الثقيل لأوكرانيا خصوصاً دبابات «ليوبارد 2»، أبرزها أن ذلك قد يؤدي إلى تصعيد الصراع؛ كما أن ألمانيا ترفض السير بمفردها (بتسليم السلاح الثقيل) وتنتظر توافق الحلفاء. (aawsat)

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها