ما هي الأسباب القانونية التي تمنع الغرب من تقديم الأصول الروسية المجمدة لأوكرانيا ؟
تبدو فكرة تسليم الغرب مليارات الدولارات من الأصول الروسية المجمّدة لأوكرانيا من أجل تمويل عملية إعادة الإعمار بسيطة لكنها تواجه مشاكل قانونية كبيرة.
بعد الغزو جمّدت مصارف ومسؤولون غربيّون بموجب عقوبات اقتصادية غير مسبوقة ضد موسكو، ما يقدر بحوالى 350 مليار دولار من أصول الدولة واحتياطات أجنبية وممتلكات أثرياء قريبين من السلطة.
وبعد 12 شهراً تقريباً، يمارس سياسيون وناشطون في الغرب ضغوطاً من أجل توظيف هذه الثروة في عملية إعادة بناء البنى التحتية المدمرة والمنازل والشركات الأوكرانية .
فما هي المشاكل القانونية التي تعيق خطوة من هذا النوع؟
أولاً: موقف الدول الغربية ليس موحداً
– في كانون الأول/ديسمبر، أطلقت كندا إجراءات للمرة الأولى لتسليم حوالى 26 مليون دولار تعود إلى شركة خاضعة للعقوبات يملكها رجل الأعمال رومان أبراموفيتش، في خطوة وصفها السفير الروسي بأنها “سرقة في وضح النهار”. ويقول مراقبون إن أوتاوا تتبع نهجاً متشدداً في هذه المسألة ومن المستبعد أن تتبعها بروكسل أو واشنطن في ذلك.
– في وقت سابق من الشهر الجاري، تعهدت المفوضية الأوروبية “تكثيف جهودها الرامية إلى استخدام الأصول الروسية المجمدة في دعم عملية إعادة إعمار أوكرانيا” ولكن رئيس المجلس الأوروبي اشترط أن يتم القيام بخطوة مثل هذه على أساس قانوني، أي بعد سنّ تشريعات أوروبية داخلية تبرر استخدام هذا المال أمام القانون الدولي.
– في الولايات المتحدة عقد الكونغرس جلسات حول الطرق التي يمكن من خلالها تغيير القانون الأمريكي ليصبح بالإمكان مصادرة الأصول بشكل دائم، على الرغم من أن إدارة الرئيس جو بايدن أعربت علناً عن تحفظها على هذه الفكرة. حتى الآن هناك الكثير من المقترحات بهذا الشأن ومن غير الواضح ما إذا سيتم تسجيل تقدم.
ثانياً: الأنشطة الإجرامية والقانون
يميّز الخبراء في القانون بين الأصول الخاصة التي جمّدتها حكومات غربية، مثل يخت أحد الأثرياء وممتلكات الدولة مثل احتياطات العملات الأجنبية للبنك المركزي الروسي.
– في حالة الأصول الخاصة، تعني الضمانات القانونية أنه لا يسمح للدول الغربية بمصادرتها بشكل دائم إلا في ظروف محدودة جداً، في معظم الأحيان عندما يمكن إثبات أنها عائدات من نشاطات إجرامية. وقال أنتون مويسيينكو من جامعة أستراليا الوطنية إن الأثرياء الروس القريبين من السلطة ينشطون في أعمال مريبة “لكننا لا نعلم فعلاً أن الممتلكات التي جمّدت هي عائدات نشاطات إجرامية”.
– يشكّل وضع اليد على تلك الأصول تحدياً للحقوق القانونية وحقوق الإنسان الأساسية مثل الحق في الملكية والحماية من العقاب التعسفي والحق في محاكمة حرة. كذلك، سيكون التزام الغرب العلني احترام سيادة القانون على المحك أيضاً. وأوضح مويسيينكو “كيف تثبتون أنها (الأصول المصادرة) جاءت من عائدات نشاطات إجرامية من دون تعاون روسيا؟”.
– هناك مشاكل أخرى مرتبطة باتفاقيات استثمار ثنائية أو دولية موقعة مع روسيا، وهو أمر قد يعرّض الدول المعنية لمطالبات قانونية في محاكم دولية. وكندا هي الدولة الوحيدة حتى الآن التي اتخذت ما سمّاه مويسيينكو “نهجاً متشدداً فريداً”.
ثالثاً: الحصانة السيادية
من جهة أخرى، تطرح أصول الدولة مثل احتياطات البنك المركزي مشاكل مختلفة لكنها شائكة أيضاً لأنها مغطاة بما يسمى “الحصانة السيادية” وهو تفاهم يقضي بألا تستولي دولة على ممتلكات دولة أخرى.
ويُعتقد أن مصارف مركزية غربية مثل الاحتياطي الفدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان جمّدت احتياطات تبلغ قيمتها حوالى 300 مليار دولار تحتفظ بها روسيا لدى هذه المؤسسات.
وكتب بول ب. ستيفن في مجلة “كابيتال ماركتس لو جورنال” في حزيران/يونيو الماضي في مراجعة للتشريع القائم “القانون الدولي العرفي لحصانة الدول يحمي عموماً أصول دولة ما من المصادرة”. وأضاف أن “الاستثناءات موجودة لكن نطاقها غير واضح”.[ads3]