أربعة أيام عمل في الأسبوع .. ما هي الدول الأوروبية التي تبنت هذا النظام و كيف تسير الأمور حتى الآن ؟

أعادت جائحة كورونا التي عصفت بعالمنا خلال السنوات الثلاث الماضية، فكرة العمل أربعة أيام فقط في الأسبوع، إلى الواجهة مجددا. وتناول العمال وأصحاب العمل ضرورة اتباع سياسات مرنة داخل مكان العمل والفوائد التي من الممكن أن تعود على الطرفين من خلال سياسات مشابهة.

والفكرة بشكل بسيط تقوم على العمل لمدة أربعة أيام خلال الأسبوع بدلا من خمسة أيام، إلا أنها تتيح للموظفين البقاء على رواتبهم الحالية كما هي وسيتلقى الموظف المزايا نفسها وبأعباء مشابهة، أي أنه لا يترتب عليه القيام بمهام أكبر وأكثر خلال عمله، ويحصل الموظف على ثلاثة أيام عطلة بدلا عن يومين.

واعتبر المدافعون عن فكرة “العمل أربعة أيام فقط في الأسبوع”، أنها تساهم في تحقيق التوازن بين الحياة والعمل وتزيد انتاجية الموظفين.

وتدعو النقابات العمالية في مختلف أنحاء أوروبا، حكومات دولهم إلى تنفيذ فكرة العمل لمدة 4 أيام، وسارت دول عدة في هذا الاتجاه في الآونة الأخيرة ومن بينها.

بلجيكا

في فبراير/شباط من العام 2022، أقرت بلجيكا سلسلة قوانين جديدة ترتبط بسوق العمل بما يتضمن منح الموظفين حرية اختيار عدد أيام عملهم خلال الأسبوع.

ودخل مشروع القانون حيز التنفيذ في 21 نوفمبر، ويسمح للموظفين بموجبه تقرير ما إذا كانوا سيعملون أربعة أو خمسة أيام خلال الأسبوع، شريطة أن ساعات العمل لن تتغير، وهي محددة بـ 38 ساعة دوام أسبوعيا.

والهدف من هذه التغييرات منح الأفراد والشركات المزيد من المرونة للموظفين لممارسة أعمالهم. وعلى الموظف الذي يقرر العمل لمدة أربعة أيام  أن يعمل  لساعات أكثر خلال اليوم مقابل حصوله على يوم إجازة إضافي خلال الأسبوع.

وقال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، يومها “لقد مررنا بعامين صعبين، فمن خلال هذه الاتفاقية، وضعنا منارة لاقتصاد في الطليعة عبر تحويلها إلى جانب جذاب من خلال الاعتماد على وسائل ما توفره الحياة الرقمية الحالية، ذلك أن الهدف الذي نطمح إلى تحقيقه هو أن نكون قادرين على إضفاء روح التحفيز لدى الأفراد والشركات”.

وأضافدي كرو “يمكن تنظيم الدوام الأسبوعي على مدار أربعة أيام مع الاحتفاظ بعدد ساعات العمل نفسها، حيث سيكون هناك أيضًا احتمال وجود جداول زمنية مختلفة من أسبوع إلى آخر، خاصة للأشخاص الذين لديهم رعاية أطفال “.

بريطانيا

في مبادرة كانت الأولى من نوعها والأكبر على الإطلاق في العالم، شاركت مئات الشركات في بريطانيا، في تجربة أربعة أيام عمل أسبوعيا دون خفض أي من أجور العمال لديها،  لدراسة تأثير ساعات العمل الأقل على انتاجية الشركات ورفاهية عمالها.

وبعد انقضاء مدة التجربة التي بدأت في يونيو/ حزيران واستمرت لمدة 6 أشهر، وشملت 61 شركة من مختلف القطاعات في المملكة المتحدة،  وأكثر من 3300 موظف في البرنامج، رحبت معظم الشركات بهذه الخطوة ووصفتها بأنها كانت “ناجحة جدا”.

وقررت على إثرها مواصلة العمل على أساس 4 أيام في الأسبوع، بعد تسجيل انخفاضات حادة في معدل إجهاد  العمل والغياب.

وكان من المقرر أن تعرض نتائج هذه التجربة على النواب يوم الثلاثاء 21 فبراير/شباط، في وقت يسعى فيه البعض إلى تقليص ساعات العمل خلال الأسبوع إلى 32 ساعة.

اسكتلندا و ويلز

على غرار العديد من الدول التي سارت في هذا الاتجاه، أعلنت اسكتلندا في أيلول من العام 2021 عن بدء العمل بنظام أربعة أيام عمل في الأسبوع في قرار جاء “تنفيذاً لوعد الحملة الانتخابية للحزب الوطني الاسكتلندي الحاكم”.

واعتبر عدد من الموظفين المرحبين بهذه الخطوة، أن تخفيض ساعات العمل “سيعزز صحتهم وسعادتهم بشكل كبير”، مشيرين إلى وجود نتائج إيجابية في العديد من الدول التي عملت سابقا بهذا النظام مثل أيسلندا ونيوزيلندا واليابان.

وكان من المقرر أن تبدأ مشاورات حكومية في عام 2023 . وتفكر ويلز أن تحذو حذو اسكتلندا باتجاه المسار نفسه وإجراء مشاورات حكومية.

ونوهت الحكومة إلى نتائج استطلاع حديث أجراه معهد أبحاث السياسة العامة (IPPR) في اسكتلندا، وأظهر أن 80 في المائة من الأشخاص الذين استجابوا للفكرة كانوا إيجابيين للغاية تجاه المبادرة.

وأعلن أن الحزب الوطني الاسكتلندي سيقدم للشركات المشاركة بنحو 10 ملايين جنيه إسترليني (11.8 مليون يورو). أشارت الحكومة إلى استطلاع حديث أجراه معهد أبحاث السياسة العامة في اسكتلندا، أظهر أن 80 في المائة من الأشخاص الذين استجابوا للفكرة كانوا إيجابيين للغاية تجاه المبادرة.

إسبانيا

بدات إسبانيا قبل أشهر، اختبار فكرة العمل نفسها، وشاركت في هذا البرنامج التجريبي مئات الشركات المهتمة والتي تعمل في مجالات مختلفة، مثل البنوك والمطاعم، وتعني ما بين 3000 و6000 موظف.

وجاءت هذه الخطوة، بناء على مقترح قدمه الحزب اليساري الإسباني “ماس بايس” العام الماضي الذي أعلن أن الحكومة وافقت على طلبهم بإطلاق برنامج تجريبي متواضع لعمل الموظفين لمدة 4 أيام في الأسبوع للشركات المهتمة.

وأطلقت إسبانيا مشروعًا تجريبيًا في كانون الأوّل/ ديسمبر، وكان من المقرر أن تستمر المرحلة التجيريبية لعام واحد على الأقل.

أيسلندا

بين عامي 2015 و 2019، أجرت أيسلندا أكبر برنامج تجريبي في العالم لمدة 35 إلى 36 ساعة عمل في الأسبوع (أقل من 40 ساعة التقليدية) دون خفض رواتبهم، وحققت هذه التجربة نجاحا كبيرا.

وشارك حوالي أكثر من 2500، وتنوعت تخصصات المشاركين في التجربة لتشمل الأعمال الإدارية والمستشفيات والخدمات الاجتماعية.

فنلندا

وعلى غرار العديد من الدول، أعلنت رئيسة حكومة فنلندا، سانا مارين، عام 2020 اعتزامها السماح للموظفين والعمال بقضاء مزيد من الوقت مع عائلاتهم، من خلال اعتماد جدول دوام تنخفض فيه أيام العمل أسبوعياً من خمسة إلى أربعة، كما تنخفض فيه ساعات العمل اليومي من ثماني إلى ست ساعات فقط. وقوبل اقتراح مارين حينها بالترحيب من قبل المشرعين في البلاد.

هذا وقامت شركة إدارة الثقة النيوزلندية “الوصي الدائم” في العام 2018 بتجربة نظام عمل اسبوعي لمدة 4 أيام على مدار شهرين لموظفيها البالغ عددهم 240 موظفا، والتي أكد الموظفون أن التجربة سمحت لهم بتحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة وتحسين التركيز في المكتب، كما انخفضت مستويات إجهادهم بنسبة 7 بالمائة.

ويذكر أن شركة “مايكروسوفت” للبرمجيات، أكدت قبل حوالي ثلاثة سنوات، أن تجربة خفض عدد أيام العمل أسبوعياً، حققت نتائج مذهلة، حيث زادت نسبة الإنتاجية بنسبة 40 في المئة، مقارنة بالسنوات الماضية.

ووفق وكالة بلومبرغ الأمريكية، فإن تجربة خفض أيام العمل الأسبوعية إلى 4 أيام ، أدت إلى زيادة معدل المبيعات، التي يحققها الموظف.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها