ألمانيا قد تحتاج تريليون دولار لحل أزمة الطاقة حتى 2030

خصصت ألمانيا أكثر من 260 مليار يورو (275 مليار دولار) للتعامل مع المخاطر المباشرة لأزمة الطاقة الناجمة عن حرب روسيا في أوكرانيا، لكن الحل النهائي سيكون أكثر تكلفة، إذا تمكنت البلاد من تحقيقه على الإطلاق، وفقاً لوكالة “بلومبرغ”.

وأفادت الوكالة بأنه من المتوقع أن تصل التكلفة المتوقعة لعميات التنبؤ بمستقبل قطاع الطاقة وتطوير طرق لتقليل آثار الصدمات والضغوط المستقبلية في هذا الصدد إلى أكثر من تريليون دولار بحلول عام 2030.

وتشمل التكاليف الاستثمارات في تحديث شبكات الطاقة، وقبل كل شيء الجيل الجديد لإدارة التخلص التدريجي من محطات الطاقة النووية والفحم، والتعامل مع الطلب المتزايد من السيارات الكهربائية وأنظمة التدفئة، والوفاء بالالتزامات المناخية.

وسيتطلب ذلك التحول تركيب ألواح شمسية تغطي ما يعادل 43 ملعب كرة قدم و1600 مضخة حرارية كل يوم.

كما تحتاج إلى 27 محطة رياح برية جديدة و4 محطات رياح بحرية يتم بناؤها أسبوعياً، وفقاً لقائمة قدمها المستشار أولاف شولتز خلال زيارة قام بها مؤخراً إلى مقر مجموعة “فولكس فاجن إيه جي” في مدينة فولفسبورج.

وقال نائب المستشار روبرت هابيك الذي يشرف على سياسة المناخ والطاقة، في وقت سابق من هذا الشهر: “هذه مهمة جريئة.. ربما يكون المشروع الأكثر جرأة منذ إعادة إعمار ألمانيا”.

وسيتعين تركيب حوالي 250 جيجاوات من السعة الجديدة بحلول عام 2030، عندما يتوقع أن يكون الطلب على الطاقة أعلى بنحو الثلث مما هو عليه الآن، وفقاً لتقديرات منظم الشبكة الألماني ومركز الأبحاث “آجورا إنرجيويند”.

ولوضع حجم التحدي في سياقه، فإن حجم الطاقة المطلوب توليده يكفي لتغطية الطلب المنزلي الحالي لجميع سكان الاتحاد الأوروبي، البالغ عددهم 448 مليون نسمة.

وستكون الإضافات مزيجاً من مصادر الطاقة المتجددة والمحطات التي تعمل بالغاز، والتي قد يتم تحويلها يوماً ما لتعمل بالهيدروجين.

وبحسب “بلومبرغ” فإن الطريق سيكون طويلاً للوصول إلى هذه النقطة. وأعلنت الحكومة قبل أيام أنها ستجهز مناقصات هذا العام لمحطات الغاز التي تمثل نحو عٌشر تلك الطاقة.

وبالنسبة للتوسع المتجدد، يمكن أن يستغرق إنشاء عمود رياح واحد ما يصل إلى 7 سنوات لاجتياز الروتين في ألمانيا.

وتخطط شركة “بي إيه إس إف” الكيميائية الألمانية لخفض 2600 وظيفة، إذ تواجه ضغوطاً نتيجة أزمة الطاقة، في مؤشر على الحاجة الملحة لمشاريع الطاقة الجديدة.

وسجلت عمليات شركة الكيماويات العملاقة في ألمانيا خسائر خلال النصف الثاني من العام الماضي، وهي الآن تغلق عدداً من المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، بما في ذلك مصنعان للأمونيا ومنشآت الأسمدة ذات الصلة، ما أدى إلى خفض 700 وظيفة في موقعها الرئيسي في لودفيجسهافن.

وقال الرئيس التنفيذي لـ”بي إيه إس إف” مارتن برودرمولر: “ارتفاع أسعار الطاقة يضع الآن عبئاً إضافياً على الربحية والقدرة التنافسية في أوروبا”. كما أشار إلى “الإفراط في التنظيم وعمليات السماح البطيئة والبيروقراطية”.

وفي قلب معضلة الطاقة بألمانيا، تكمن الخطط السياسية للتخلص التدريجي من بعض مصادر الطاقة، دون تحديد المسار بوضوح لاستبدالها.

وستغلق آخر 3 محطات للطاقة النووية في البلاد بحلول منتصف أبريل، وتهدف البلاد الآن إلى تسريع تخلصها من الفحم حتى عام 2030.

واشتد التحدي بعد أن قلصت روسيا تدفقات الغاز، والتي كانت المورد الرئيسي للطاقة لألمانيا قبل الحرب.

ومع استبعاد الطاقة النووية والفحم، قامت ألمانيا بطرح سريع لمحطات لاستيراد الغاز الطبيعي المسال الأكثر تكلفة، إذ تسعى لضمان حصولها على الطاقة اللازمة لتشغيل اقتصادها الثقيل في مجال الصناعة.

وفي الوقت نفسه، من المقرر أن ترفع السيارات الكهربائية والمضخات الحرارية والمحلل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الطلب بنسبة 33%، ليصل إلى حوالي 750 تيراواط/ ساعة بحلول عام 2030، وفقاً لتقديرات الحكومة.

وفي حين أظهر شولتز وهابيك أن هناك إرادة سياسية للمضي قدماً في عملية الانتقال، إلا أنهما بحاجة إلى مساعدة من القطاع الخاص، حسب ليزا فيشر، خبيرة أنظمة الطاقة في مركز الأبحاث  (E3G).

وتحتاج ألمانيا أيضاً إلى معرفة كيف ستولد الكهرباء عندما لا تتوفر الرياح والشمس. وتتضمن خطة الحكومة حتى الآن تجهيز أسطول من محطات الغاز الجديدة التي يمكن تشغيلها لاحقاً بالهيدروجين، على الرغم من أنها تكافح للعثور على مستثمرين مستعدين لتولي مثل هذه المشاريع المكلفة.

وقالت فيرونيكا جريم، عضو المجلس الاقتصادي الذي يقدم المشورة للحكومة: “في ظل الظروف الإطارية الحالية، لا يمكن توقع استثمار كاف”.

وأضافت أن نقص التمويل يأتي من ارتفاع مستوى عدم اليقين في أسواق الطاقة واللوائح غير الواضحة.

وتحاول برلين حل المشكلة من خلال تجديد شامل لكيفية شراء وبيع الطاقة، وبدأت لجنة من الخبراء الذين يقدمون المشورة للحكومة مداولات قبل أيام.

ومن بين الخيارات إنشاء ما يسمى “أسواق القدرات”، والتي توجد بالفعل في المملكة المتحدة وتدفع للمنتجين مقابل التوافر بدلاً من مجرد الإنتاج.

والهدف هو توفير حوافز لتحويل محطات الغاز إلى الهيدروجين، حتى لو كان من غير المحتمل أن تحصل على الكثير من الإيرادات خارج فترات الشتاء المظلمة، عندما يكون الإنتاج المتجدد منخفضاً.

ويتمثل تحد آخر في ضمان وصول “الكهرباء الخضراء”، التي غالباً ما يتم توليدها في المناطق الساحلية الريفية في الشمال، إلى المستهلكين والمصانع في الجنوب.

ويجب أن يتضاعف حجم الشبكة الألمانية بحلول عام 2030، وفق ليونارد بيرنباوم، الرئيس التنفيذي لشركة (EON SE) ، التي تدير حوالي 800 ألف كيلومتر من شبكة التوزيع الألمانية.

وعلى الرغم من كل التحديات، لا يزال أمام ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، بعض الوقت لمعالجة الخلل والحصول على الظروف المناسبة، لكنها تحتاج إلى التحرك.

وقالت ليزا فيشر، خبيرة أنظمة الطاقة في مركز الأبحاث (E3G): “يمكن لألمانيا أن تنجز ذلك، ولكن هناك عراقيل لا يتم النظر إليها في الوقت الحالي بتفاصيل كافية”.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها