حقيقة الشركة ” الأوروبية ” التي ستسير رحلات جوية ” بين سوريا و أوروبا “

 

تناقلت وسائل إعلام موالية، على نحو واسع، خلال اليومين الماضيين، خبراً يتحدث عن إعلان شركة طيران أوروبية بدء تسيير رحلات مباشرة بين سوريا وأوروبا، في توجه هو الأول من نوعه، منذ اندلاع الثورة.

وقالت صحيفة الوطن التابعة للنظام إن شركة “Air Mediterranean تقترب من تسيير رحلات جوية تجارية هي الأولى من نوعها لشركة أوروبية منذ العام 2012 لأحد المطارات السورية”.

وأضافت الصحيفة أن الشركة ستشغل بدءاً من يوم الخميس القادم، رحلتان أسبوعياً كل خميس واثنين مباشرة من العاصمة اليونانية أثينا إلى دمشق، وكل جمعة وثلاثاء مباشرة من دمشق إلى أثينا.

وتناقلت العديد من وسائل الإعلام الموالية وغير الموالية الخبر على نحو واسع، دون الانتباه إلى حقيقة هذه الشركة وتاريخها وطريقة عملها.

ومن خلال بحث أجراه عكس السير، تبين أن شركة Air Mediterranean هي شركة طيران يونانية صغيرة مغمورة، بدأت العمل عام 2017 ثم ما لبثت أن توقفت بعد فترة قصيرة وتحولت إلى شركة طيران عارض، ويتألف أسطولها من طائرة واحدة فقط، بحسب ويكيبيديا، ومن طائرتين، بحسب موقع فلايت رادار 24 الشهير.

والطيران العارض أو المؤجر (Charter)، هو تأجير طائرة كاملة، بخلاف بيع تذكرة طيران لمقعد طائرة بشكل فردي، كما هو المعتاد مع شركة الطيران العادية، تقوم فكرته على قيام شركات طيران غير منتظمة، إما تابعة لمنظم رحلات وإما مستقلة، بتنظيم رحلات مخفضة للوفود السياحية ضمن رحلات شاملة أو في مواسم معينة على أساس تقديم سعر أرخص بشرط تحقيق حمولة عالية للطائرة، نحو 90% مثلاً.

وعلى هذا الأساس فإن الطيران العارض ليس له جداول تشغيل منتظمة ثابتة، وهو ذو أسعار مخفضة، ورحلات لا تعمل إلا بعد الوصول إلى نقطة معينة كما أنه لا يسمح للناقل من خلاله ببيع تذاكر للأفراد مباشرة ولكن يجب أن تباع المقاعد من خلال وكلاء.

وعلى موقع تريب أدفايزور الشهير، يمكن قراءة العديد من المراجعات الكارثية عن الشركة ورحلاتها وعن كونها واحدة من أسوأ شركات الطيران في العالم، وتتمحور التعليقات حول فقدان وتخريب الأمتعة، وكون الطائرة متهالكة، إلى جانب تأخير وإلغاء رحلات بشكل اعتباطي وبلا سبب.

وتحظى صفحات وحسابات الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي بعدد قليل جداً من المتابعين، ويعود آخر نشاط لها إلى العام 2020 (فيسبوك) و2018 (تويتر)، والوجهات المعلن عنها عبر موقع الشركة هي اليونان وقبرص فقط، ولا يمكنك إجراء أي نوع من أنواع الحجوزات عبر الموقع.

وفي شباط من العام 2018، ذكرت وسائل إعلام ألمانية ويونانية أن رحلات الشركة توقفت، ولا يمكن العثور على أية تحركات لطائرتيها، ونقلت عن رئيسها التفيذي قوله إن سيتم تخصيص المزيد من الموارد لرحلات الطيران العارض الشامل، وقيل أيضاً إن الخلافات بين المساهمين في الشركة هي التي أدت للصعوبات التي تعاني منها.

وتظهر صورة قديمة لطائرة الشركة كتابة اسم “طيران السعيدة” عليها وبالبحث عن الاسم يتبين أنها شركة طيران يمنية خاصة تعمل بالنظام ذاته، وبحسب ما تظهره الصورة فيبدو أنها كانت مستأجرة للطائرة الأوروبية التي يظهر أرشيف رحلاتها أنها مقتصرة على دبي وأثينا وبنغازي.

وبحسب بعض المصادر الموالية الناشرة للخبر، فقد ذكر اسم شركة “Freebird” السورية على أنها وكيل الشركة اليونانية في سوريا، وبعد أن كان الخبر متعلقاً بتسيير رحلات هي الأولى من نوعها لشركة أوروبية، أصبح على الشكل التالي: “فري بيرد أصبحت الشركة السورية الأولى منذ اكثر من عقد من الزمن تحلق فوق سماء أوروبا”.

وبالبحث عن الشركة المذكورة، يظهر أنه تم إنشاء صفحتها على فيسبوك قبل أقل من أسبوع، وقد وضعت منشوراً تعلن فيه أنها وكيل حصري للشركة اليونانية بالإضافة للإعلان عن تسيير رحلات من دمشق إلى أوروبا.

ومن المرجح أن هذه الشركة، مجهولة الإدارة والتبعية، ستقوم باستئجار الطائرة من الشركة اليونانية (كما في حالة الشركة اليمنية)، لتقوم بتسيير رحلات بالطريقة والكيفية والأسعار التي تراها مناسبة.

وقد تلقى الرحلات المتفرضة من أثينا إلى دمشق إقبالاً على اعتبار أن سوريين كثر يسافرون من أوروبا إلى سوريا عبر وجهات وسيطة كلبنان والعراق وإيران، وبالتالي أصبح بإمكان سوري في ألمانيا -على سبيل المثال- يرغب بالعودة إلى دمشق، أن يسافر إلى أثينا ومنها إلى دمشق مباشرة عبر هذه الشركة، أما العكس، فإن أي سوري لا يمتلك إقامة أوروبية أو فيزا تخوله دخول اليونان، فلن يستفيد من هذه الرحلات، دون إغفال الإشارة إلى أن كون الشركة السورية جديدة ومجهولة الإدارة والمالك قد يولد الشك لدى الراغبين في السفر من عمليات احتيال أو ما شابه ذلك.

وبالبحث تبين أن الرئيس التنفيذي ومدير الشركة هما أندرو حلاق وفادي حلاق، وفي فيديو قديم له (2017) يقول فادي نحن شركة يونانية بشخصية يونانية، ثم يضيف أن حبهم لليونان بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي المميز هو السبب الرئيسي لاختيار اليونان والاستثمار في مجال الطيران.

وإلى جانب أندرو وفادي، يظهر من خلال البحث اسم شخص آخر هو جورج حلاق، الموصوف بأنه “مساعد الرئيس والممثل الخاص والمبعوث الرئاسي والوزير المسؤول عن اليونان والشرق الأوسط وأفريقيا لرئيس جمهورية غويانا (دولة صغيرة بالقرب من فنزويلا تختلف عن غويانا الفرنسية)”، كما يظهر أيضاً أن جورج حلاق هو مالك شركة Air Mediterranean، والد أندرو وفادي، وقد ذكر في أحد المواقع الغويانية أنه يوناني يجيد العربية والإنكليزية.

وجاء في خبر نشرته وكالة سانا عام 2021، أن “الدكتور فيصل المقداد وزير الخارجية والمغتربين بحث مع جورج حلاق مساعد الرئيس ووزير جنوب أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا والمبعوث الخاص لرئيس جمهورية غويانا العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها”، ويرجح نظراً لاستلامه هذه المهام (مساعد الرئيس ووزير) أنه حاصل على الجنسية الغويانية.

وفي خبر نشرته وسائل إعلام قطرية عام 2000، يظهر فيه أن جورج حلاق قطر زار قطر بحثاً عن استثمارات باسم غويانا في مجالات الطاقة والبنية التحتية والسياحة والصناعة، وقد نقل هذه الرغبة للمسؤولين القطريين هو والوفد المرافق له، المشكل من ابنيه أندرو وفادي.

أما في ما يتعلق بالعقوبات التي دأبت وسائل إعلام موالية على الزعم أنها “كسرت” عبر طائرات الدول التي حطت في سوريا مؤخراً، فإنها (الأمريكية والأوروبية) تشمل حظر الطيران السوري من الطيران والهبوط في سماء ومطارات أوروبا وأمريكا، أما العكس فالأمر لا يتعلق بالعقوبات فقط، بل إن الشركات الأوروبية / العالمية لا تطير فوق سوريا لأنها منطقة حرب / نزاع، بناء على تحذيرات الهيئات المتخصصة (هيئة الطيران المدني الأوروبي مثلاً)، أي أن الشركات لا تطير في سماء سوريا ولا تهبط في مطارات سوريا، من قبل العقوبات، خوفاً من أية مخاطر قد تتعرض لها.

وعلم عكس السير، أن هذه المرة ليست الأولى من نوعها التي تحاول فيه الشركة المذكورة العمل انطلاقاً من سوريا، حيث سبق لها أن حاولت بعيد إطلاقها عام 2017 محاولة مشابهة لما تفعله اليوم، إلا أن الأمر لم يتم حينها لأسباب مجهولة.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد